ترجمات عبرية

هارتس: مخطوفون في خدمة شعارات عليلة

يوسي فيرتر – هارتس – 2024-02-08

التقرير في “نيويورك تايمز” الذي يفيد بأنه يتم فحص إمكانية أن اكثر من 50 من بين الـ 136 مخطوفا في قطاع غزة ليسوا أحياء، لم يفاجئ أحدا في الجهاز الأمني والسياسي، أو حتى في الإعلام. هؤلاء تم تركهم لمصيرهم في 7 أكتوبر (باستثناء الذين ابتسم لهم الحظ وعادوا في الصفقة السابقة) يموتون هناك. بعضهم يتم إعدامهم من قبل آسريهم وبعضهم يموتون بسبب المرض أو الإصابات التي لم تعالج وربما حتى بنار الجيش الإسرائيلي، وآخرون تم اختطافهم وهم أموات. جميعهم تركوا لمصيرهم والآن تتم التضحية بهم من اجل شعارات عليلة مثل “الانتصار المطلق”، ومن اجل جمهور يقدس استمرار القتال قبل أي شيء. حتى لو أصبحت عديمة الجدوى من اجل البقاء السياسي لشخص واحد وحكومة واحدة.

للأسف، لا توجد في هذه الأثناء حقيقة أخرى. بدون اعترافه بذلك فإن رئيس الحكومة نتنياهو قد حسم أمره لصالح سلم أولوياته. صفقة لتحرير المخطوفين بثمن باهظ – يجب أن يكون باهظا ومؤلما – سيضعضع ائتلافه، وربما حتى سيؤدي إلى تفككه. “عدم عقد الصفقة” ربما سيؤدي إلى انسحاب غانتس وآيزنكوت في المستقبل، لكن الحكومة ستفعل ذلك بالتأكيد. صحيح أن “حماس” صعبت الأمر على إسرائيل بالمطالبة بوقف الحرب وإطلاق سراح جماعي للسجناء. لكن ما الذي قاله نتنياهو، لقد قال هذه هي الحياة، هم انتصروا في 7 أكتوبر وليس نحن.
رد “حماس”، أمس، اعتبر من قبل جهات إسرائيلية بأنه “سلبي مطلق”، وحتى أن نتنياهو لم يخرج عن أطواره ليدفع قدما بصفقة. ويصعب عدم التساؤل إذا كان رد “حماس”، علنيته ومباشرته، كان سيكون مختلفا لو أنهم في الطرف الثاني، رئيس الحكومة الإسرائيلية، لم يكن يدير حملة منهكة، علنية ومباشرة، بدرجة لا تقل عن ذلك، التي ربما استهدفت إعطاء إشارات لهم بأنه لا يوجد حقا من يتحدثون معه وما يمكن الحديث حوله. ماذا فكر أنه سيحدث بعد حملة خطوطه الحمراء؟ ومن كسب من ذلك بالضبط؟ بالضبط ليس المخطوفين المساكين أو أبناء عائلاتهم الذين يكادون يصابون بالجنون واليأس. إذاً، من الذي كسب؟ القاعدة السياسية لإيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، هؤلاء هم الذين كسبوا.
في تشرين الأول 2011، أمر بنيامين نتنياهو بإطلاق سراح 1027 مخربا مقابل جندي واحد. فهل استخدم (أيضا) في حينه الاعتبارات السياسية على خلفية الاحتجاج الاجتماعي، أو أن قلبه تفطر على الجندي؟ حسب شهادته فإن الاعتبار الثاني هو الذي حسم الأمر. من المهم كيف سيعيد كتابة سيرته الذاتية مرة أخرى عندما سيضطر إلى التطرق، لا سمح الله، لموت اكثر من 100 مخطوف في أسر “حماس” في القطاع. ما الذي سيقوله عندها عن إظهار التصلب والانغلاق في شتاء 2024، الذي جاء بعد فشل ذريع ومذبحة لم يشهدها الشعب اليهودي منذ الكارثة.
الأمر الذي لم يقله نتنياهو تقوله أبواقه في القناة 14، هم يرددون أصداء الرسالة التي أمليت عليهم من مكتب رئيس الحكومة، أن الحكومة اليمينية أهم من المخطوفين. بتهكمهم المتميز يبذل رئيس الحكومة كل ما في استطاعته من اجل إفشال احتمالية التقدم؛ في الوقت الذي يُنشر فيه فيلم تلو الآخر مع أقوال مثل، “نحن لن نطلق سراح آلاف المخربين” و”لن نوقف الحرب”؛ في الوقت الذي يشجع فيه وزراء الحكومة على التمادي بهذه الروحية في جلسات الحكومة والتشاجر حول أمور لم تذكر أبدا في المحادثات في باريس؛ في الوقت الذي يزور فيه الميدان ويلتقي مع الجنود فقط من اجل إلقاء رسالة الحملة عليهم وهي “الانتصار المطلق” مرة تلو الأخرى؛ في الوقت الذي هم فيه مجرد زينة سياسية. ربما في أعماقهم يتساءلون لماذا لا يتحدث معهم ولو بكلمة عن هدف آخر، إعادة المخطوفين؟ بالنسبة لعدد منهم هذا بالتأكيد مهم.
لم يكن ولن يكون هناك انتصار مطلق أو انتصار “ساحق” إذا مات كل أو بعض المخطوفين وتمت إعادتهم في توابيت، أو إذا لم يعودوا أبدا وبقوا كمفقودين إلى الأبد. بني غانتس الذي أصبح يتلهف على الانسحاب من حكومة التنصل هذه، قال، أمس، بشكل صريح “من غير الصحيح إعطاء العدو معلومات وأن نعرض خطوطا حمراء (فيما يتعلق بالخطة المستقبلية). لنبقي ذلك في الغرف المغلقة”. غانتس يعرف بالضبط ما الذي يفعله نتنياهو، لكن في ظل الشروط التي عرضتها “حماس” فإنه ليست لديه أي ذريعة للانسحاب. الآن يمكن أن نعرف ما فهمه شريكه غادي آيزنكوت في نهاية الصفقة السابقة عندما أيد نبضة إضافية تم إحباطها من قبل الحكومة. لو أننا وافقنا رغم حقيقة أن “حماس” قد خرقت الشروط السابقة لكان يوجد هنا معنا سبعة أشخاص آخرين، الذين ربما هم أو بعضهم ليسوا على قيد الحياة الآن.
أمس، كان أحد الأيام الصعبة في الحرب الباردة بين المعسكر الرسمي و”الليكود”. غانتس ونتنياهو تشاجرا على كل شيء، بما في ذلك الهجوم غير المتوقع للأخير ضد قيادة المنطقة الوسطى التي أجرت سيناريو لاختطاف طفل فلسطيني على يد المستوطنين أثناء مواجهة شاملة في الضفة خلال تدريب. هذا ظهر وكأن نتنياهو اصبح على استعداد لانسحاب غانتس وآيزنكوت، والآن يعمل على إقامة البنية التحتية للتشهير ضده.
في الحكومة تساءلوا، أمس، حول التأثير الذي سيكون للنبأ في الصحيفة الأميركية، أن جهات إسرائيلية أكدت (لكن ليس بشكل رسمي). هل عائلات المخطوفين ستزيد الضغط وستنتقل إلى نشاطات متطرفة أكثر؟ مقولة “الزمن ينفد” تبدو الآن مختلفة. من جهة أخرى، أيضا التعاطف المعاكس والهجومي والمتماهي أساسا مع اليمين، هزيمة واجتثاث واستئصال قيادة “حماس” وإحضار رؤوس قادتها، يمكن أن يتغلب.
رئيس الحكومة اعلن في جلسة قائمة “الليكود” أن “تحقيق الهدف الأخير سيستمر اشهرا وليس سنوات”. لا يوجد لديه أي أساس لهذا التفكير. ولكن حتى طرح هذا الهدف يخدمه سياسيا مثلما هو كل أمر يفعله أو يقوله مخصص لذلك.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى