هارتس: المستوطنون في زمن الحرب: استفزازات ووقائع جديدة على الأرض

ينيف كوفوفيتش – هارتس – 2023-11-13
في الوقت الذي يتركز فيه اهتمام الجمهور على القتال في القطاع وعلى التوتر المتزايد على الحدود مع لبنان، تتغير الحقائق أيضا في الضفة الغربية: مصادر في جهاز الأمن تقول، إن المستوطنين يفعلون كل ما يخطر ببالهم، واحيانا بشكل غير قانوني. هذه النشاطات تحظى بدعم علني من أعضاء في الائتلاف، في حين أن قوات الأمن تغض النظر، وحتى أنها ترعى هذه النشاطات.
منذ 7 تشرين الأول، قتل اكثر من 170 فلسطينيا في مواجهات مع الاسرائيليين في أرجاء الضفة، وهذا عدد يشمل المتهمين بالتورط في عمليات “إرهابية”. في “الشاباك” يعرفون عن اربع حالات فيها كان من اطلقوا فيها النار هم من المستوطنين. لكن التقدير هو أن حجم المس بالفلسطينيين اكبر بكثير. من المعطيات التي ينشرها “الشاباك” يتبين أنه منذ اندلاع الحرب تم تسجيل 120 جريمة كراهية ليهود في الضفة. ولم يتم تقديم أي لائحة اتهام ضد أي واحد منهم حتى الآن.
في الوقت نفسه، يعمل المستوطنون على تثبيت حقائق على الأرض، ويقومون بشق الطرق خلافا لقرارات المحاكم من خلال الاعتداء على أراض فلسطينية خاصة. حتى الآن تم شق طرق بطول بضعة كيلومترات التي استهدفت حسب أقوال المستوطنين الحفاظ على أمنهم. فقد تم شق طريق من “عيلي زهاف” نحو تلة يخطط لإقامة بؤرة استيطانية عليها، بتكلفة مئات آلاف الشواكل. من اجل شق هذه الطريق تم نقل معدات هندسية كانت تعمل في أعمال البنى التحتية لصالح المجلس. طريق أخرى تم شقها في “عمانويل”، والآن يريد المستوطنون شق طريق بطول 20 كم بين مستوطنة “كرني شومرون” و”كريات نتفيم”. ورغم أن هذه الأعمال لم يتم تنسيقها مع الجيش إلا أنه تتم حمايتها من قبل الجنود، والإدارة المدنية امتنعت عن العمل في هذا الشأن.
الروح الحية وراء هذه النشاطات للمستوطنين هو رئيس المجلس الإقليمي “شومرون”، يوسي دغان. وحسب أقوال مصادر مطلعة على ما يحدث في الضفة الغربية فإن دغان ورؤساء مجالس أخرى “قاموا بتخويف” فعليا قوات الأمن، وهم يعملون بدون إزعاج. “في يهودا والسامرة لا يوجد قانون أو قاض، هذه منطقة تسود فيها الفوضى من خلال تجاهل الدولة”، قال للصحيفة مصدر رفيع في الحكومة. “منذ اندلاع الحرب فإن السيد في المنطقة هم رؤساء السلطات الذين يتحكمون أيضا بالجيش، ولا يوجد هناك من يوقفهم”.
المثال على ذلك، كما يشير مصدر أمني، الحادثة التي قتل فيها بلال صلاح في قرية الساوية، الذي أطلقت عليه النار على يد جندي في إجازة ويعيش في مستوطنة “رحليم”، والذي كان في نزهة مع عائلته في أحد حقول الزيتون الخاصة لفلسطينيين. حسب ادعاء المشتبه فيه فإن أبناء العائلة تمت مهاجمتهم من قبل الفلسطينيين وهو قام بإطلاق النار في الهواء خوفا على حياتهم. رئيس المجلس دغان سارع في الوصول إلى المكان. “أنا موجود هنا مع ضابط أمن المجلس الإقليمي (شومرون)”، قام في الفيلم الذي نشره في يوم السبت، بمصادقة الحاخامات.
دغان أضاف، “قمت بالتحقيق هنا أنا وبعض الضباط في الجيش الإسرائيلي مع جميع الأطراف، بما في ذلك أشخاص كانوا في المكان. هذه الحادثة هي حادثة بسيطة. الحديث يدور عن عائلة معيارية، جيدة، تعيش في المستوطنة، الأب أكاديمي والابن مقاتل في الجيش الإسرائيلي، كان في إجازة يوم السبت، خرجوا نحو حقلهم القريب من المستوطنة، تمت مهاجمتهم من قبل عشرات المشاغبين الحمساويين بواسطة الحجارة والصخور في المنطقة القريبة من حقلهم”.
احد الأشخاص الذي كان موجودا في المكان قال، إن دغان سبق ممثلي الجهات التي يمكن أن تحقق في الحادثة، وتحدث أمامهم مع المتورطين فيها: “هو وصل مع الحراس قبل الشرطة و(الشاباك). والى حين وصل هؤلاء كان قد دخل إلى بيت المتورطين في الحادثة وتحدث معهم. وعندما خرج من البيت مر قرب رجل (الشاباك) ورمى جملة “الحادثة تم علاجها، اغلقوا الموضوع”. رجل “الشاباك” صدم وقال له، “لا يوجد حادثة أغلقت”. ولكن يبدو أن دغان كان على حق. فقد تم إغلاق الملف”. المشتبه فيه تم إطلاق سراحه مؤخرا من الاعتقال.
أمام قوة دغان يظهر ضعف قادة الجيش في المنطقة. ضباط في الجيش الإسرائيلي يوجهون أساس انتقادهم إلى اثنين منهم – قائد فرقة يهودا العميد آفي بلوت، وقائد منطقة السامرة العميد يشاي روزوليو، الذي توجد تحت مسؤوليته منطقة الخليل وجنوب جبل الخليل.
مؤخرا، قال روزوليو، إن الفلسطينيين الذين يعيشون في الخليل يمكنهم الدخول إلى الحي الاستيطاني اليهودي في المدينة من اجل التسوق أو الوصول إلى مؤسسات تعليمية فقط ساعتين في اليوم. خارج هذا الوقت يجب على الفلسطينيين التواجد في بيوتهم. “شيء ما مجنون يجري في لواء يهودا، خاصة في الخليل”، قالت مصادر مطلعة على ما يحدث في المدينة. “المستوطنون هناك يفعلون ما يريدون، يدخلون إلى بيوت الفلسطينيين، يدمرون ويحطمون ويحرقون بشكل حر. كل جهاز الأمن يقف جانبا ولا يفعل أي شيء. في بعض الحالات الجنود حتى يقوموا بحماية المستوطنين كي لا يهاجمهم الفلسطينيون”.
كما نشرت “هآرتس” قبل ثلاثة أسابيع، فإن الفلسطينيين الذين يعيشون قرب المستوطنة اليهودية في الخليل اضطروا إلى ترك بيوتهم في فترة الحرب وانتقلوا إلى منطقة تخضع للسيطرة الفلسطينية. “لا توجد هنا شرطة لأنه لا توجد لها قوات. والى أن تأتي تكون الحادثة انتهت”، قال مصدر أمني. “(الشاباك) ينشغل في القتال وإحباط العمليات والفلسطينيون يعرفون أنه لا يوجد لهم أي عنوان للتوجه إليه، وهم يفضلون الابتعاد عن الحي الاستيطاني”.
من المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي جاء: “منذ بداية الحرب تم تنفيذ عدد من التغييرات الهندسية في المنطقة للمساعدة في الدفاع عن المدنيين في المنطقة. بعض النشاطات تمت خلافا للإجراءات وبدون ترتيب مسبق وهي الآن قيد الفحص. أي بناء يتم من قبل المدنيين بشكل خاص، ولم يتم تنسيقه أو المصادقة عليه من الجيش الإسرائيلي أو الإدارة المدنية، تتم معالجته طبقا لسلم أولويات إنفاذ القانون كما هو سائد. بخصوص البناء الذي يحدث داخل المستوطنات هو موجود تحت مسؤولية السلطات المحلية وليس تحت مسؤولية الجيش. وحسب تقديرات آنية للوضع ومن اجل إعطاء الأمن لمعظم سكان المنطقة فقد تم إغلاق جزء من مداخل القرى الفلسطينية، لكن الحديث يدور عن إغلاق لا يمنع الدخول والخروج من القرى والمدن الفلسطينية. بخصوص تكثيف منظومة الدفاع عن المستوطنات فإنه حتى الآن تمت زيادة منظومة الدفاع عن المستوطنات التي توجد في قيادة المنطقة الوسطى بنحو 8 آلاف قطعة سلاح، كما في أرجاء دولة إسرائيل. هذا السلاح اعطي لجنود الاحتياط الذين يوجدون في كتائب الحماية القطرية وفرق الطوارئ. الجهات المهنية تقوم بأعمال تدريب مهنية ومراقبة جارية على تطبيق التعليمات في هذا الشأن. وإذا تم العثور على أي خلل في التصرف فسيتم علاج ذلك كما يقتضي الأمر. قوات الأمن ستستمر في العمل في منطقة يهودا والسامرة من اجل إعطاء الأمن لسكان المنطقة”.
في الجيش امتنعوا عن التطرق بشكل مباشر إلى انتقاد القادة الكبار في الضفة الغربية، وانتقاد العجز الذي يظهره الجيش أمام المستوطنين في الخليل بخصوص ضمان قطف الزيتون في حقول المستوطنين.
من المجلس الإقليمي “شومرون” جاء: “المجلس ورئيسه يعملون حسب القانون وبتنسيق كامل مع قوات الأمن. أي أقوال أخرى هي بمثابة التشهير. أثناء الحرب، حيث 80% من الرجال في يهودا والسامرة تم تجنيدهم للدفاع عن الدولة، في الجنوب وفي الشمال، فإن صحيفة “هآرتس” تنشغل في محاولة تشويه الاستيطان الطلائعي في يهودا والسامرة، الحزام الواقي لـ”غوش دان”. السكان في السامرة سيواصلون بناء ارض إسرائيل والدفاع عن دولة إسرائيل في كل مكان، في يهودا والسامرة، في الجنوب وفي الشمال. لم يتم قول أي شيء لـ”الشاباك” من هذا القبيل. ومن نافل القول، إن المجلس الإقليمي (شومرون) لا يقوم بشق الطرق”.