هأرتس / يجب إنقاذ حماس من نفسها
هأرتس – بقلم رونيت مارزن – 10/10/2018
إن انعدام قدرة حركة حماس على إدارة حياة السكان في قطاع غزة، والتصالح مع حركة فتح والتوصل لتسوية سياسية وعسكرية مع اسرائيل يؤدي إلى زيادة الانتقاد داخل الحركة وإلى خلافات في الرأي بين النخبة المثقفة وبين النشطاء الميدانيين. من تصفح صحفات الفيسبوك ومقالات الرأي لإسلاميين شباب مثل أحمد أبو رتيمة وإسلاميين كبار مثل د.خضر محجز ود.أحمد يوسف بالإمكان أن نتعرف على التغيير الذي يجري في نماذج الخطاب الحمساوي وعلى النقد الذاتي الذي عليها القيام به.
قرارات د. أحمد يوسف النشيط الحمساوي الذي يقف على رأس (بيت الحكمة) للاستشارة وحل النزاعات، في أن يرفع على صفحتة على الفيسبوك صورة ياسر عرفات محاطا بجماهير الفلسطينيين وأن يدعو الدكتور عز الدين أبو عياش الذي كتب كتاب ” علينا الا نكره” بالرغم من أنه فقد أبناء عائلته في عملية “الرصاص المصبوب” – لإلقاء محاضرة في اجتماع للمعهد، ولإجراء نقاش حول مبادرة المصالحة للدكتور عدنان مجلي – تشير إلى منحى جديد في الخطاب الإسلامي. د. يوسف يشير إلى خطئين أساسيين ترتكبهما حسب رأيه الحركة: الأول وضع “الأنا الحزبية” فوق “الأنا الوطنية” والثاني تبني سياسة الانغلاق والدغماتية تجاه العالم الغربي.
د.يوسف يعدد سلسلة من الخطوات التي حولت حماس إلى حركة إرهاب غير شرعية ومعزولة: رفضها في أن تضع جانباً خلافات الرأي لصالح الوقوف إلى جانب عرفات بعد التوقيع على اتفاقات أوسلو؛ معارضتها لإشراك فتح في السلطة بعد فوزها في الانتخابات وانزلاقها إلى مواجهة مسلحة معها (2007)؛ وتمسكها في أن تضع المقاومة العسكرية فوق الاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية لجماهير الغزيين، وفرض خطاب ديني قمعي وفاسد، وتفضيل تحالفات مع دول اسلامية متطرفة على تحالفات مع دول مثل مصر؛ رفضها التعاون مع الرباعية فوراً بعد فوزها في الانتخابات.
ليس الجميع يريدون مثل يوسف إجراء التغيير من داخل الحركة. يوجد من بين مثقفيها أشخاص قرروا الانسحاب وانتقادها من الخارج، من بين هؤلاء الدكتور خضر محجز، ابن ال 66 عام وهو كاتب ومحاضر يسكن في قطاع غزة. في صفحته على فيسبوك يشرح أن الأحزاب القمعية لم تعد تشكل بيتاً بالنسبة للمثقفين وقد فقدت شرعيتها الأخلاقية في أن تحكم. “محجز” ينتقد بصورة شديدة التصريحات عديمة المسؤولية لزعماء حماس بشأن الاستعداد للحرب، في حين أنه فعليا لا يوجد ملاجئ، والمواطنون يستخدمون كدروع بشرية للمقاتلين. حسب أقواله حتى خالد مشعل اعترف في أحد خطاباته بأن “المقاومة” فقدت عددا قليلا من الشهداء، أي أن معظم الشهداء هم مواطنين. محجز لا يستثني من انتقاداته مقاتلي الذراع العسكري والذي حسب ادعائه فقدوا الهالة التي كانت لديهم في نظر شعبهم بعد أن تقلصت المواجهة العسكرية مع اسرائيل ووجهوا بنادقههم اتجاه أبناء شعبهم.
إلى جانب البالغين، هنالك ايضاً شبان ينادون بالنقد الذاتي والإصلاح في طرق التفكير التقليدية للحركة. أحدهم هو أحمد أبو رتيمة، وهو صحفي يعمل أيضاً كمتحدث باسم مبادرة مسيرات العودة. أبو رتيمة يكثر من تناول الأزمة الثقافية التي تحل بالعالم العربي الاسلامي، والذي حسب ادعائه تبنى الانغلاق الفكري والعنصرية وكراهية الأجانب بدلاً من قيم إنسانية وثيولوجية متنورة. تحويل الخطاب الديني الإنساني والمتسامح لخطاب ديني دوغماتي وقمعي أدى بشبان كثيرين إلى زيادة التطرف والبحث عن انتقام. في الواقع الحالي يعتقد أبو رتيمة أنه ليس للفلسطينيين مناص سوى تأييد حل (الدولة الواحدة) والذي يلائم روح العصر أكثر من الدعوة لتدمير اسرائيل أو المطالبة باقامة دولة فلسطينية. من أجل هذا عليهم التمسك بالنضال الشعبي غير العنيف والذي يحرم اسرائيل من تبرير العنف تجاهم.
الثلاثة جميعهم يوصون حماس بأن تضع “الأنا” الوطنية فوق “الأنا” الحزبية، وأن تنهي الانقسام، وأن تنشئ حزبا مدنيا وبراغماتيا يضم نساء ومسيحيين واستعداد لإنشاء سلطة مع أجسام وطنية وليبرالية؛ وتأسيس ثقافة تنظيمية جديدة تشجع التعليم السياسي، حرية التعبير، والنزاهة والاستقامة؛ والفصل بين الجسم العسكري والسياسي وتبني سياسة انفتاح تبرز الطابع المدني والمتوازن للحركة ومعارضتها للتطرف والإرهاب؛ وترسيخ الوثيقة السياسية الجديدة كمصدر للصلاحيات للحركة بدون أن تكون مقيدة بمنشورات سابقة (وثيقة حماس)؛ والاعتراف بأن الكيان الاسرائيلي موجود، ولكن ليس بالضرورة الاعتراف به. بالإمكان احترام عقيدة أهل الكتاب اليهود والنصارى وفي نفس الوقت معارضة الاحتلال والمطالبة بإعادة اللاجئين لأراضيهم.
بالإجمال، إذا أرادت حماس أن تعيش سياسياً فعليها التحرر من الفرضيات الأساسية الدوغماتية وعن الأهداف غير الممكنة التي وضعتها لصالح أهداف حقيقية وممكنة في ظل ميزان القوى الحالي. إلى جانب ذلك، إذا أرادت القيادة الاسرائيلية تسوية سياسية بعيدة المدى يجب عليها أن توضح لحماس بأنه لا يوجد أي احتمال للتوقيع على اتفاق منفصل معها كنتيجة لمواجهة عسكرية .