هآرتس 7/3/2012 التعرية والاهانة: هكذا تحقق المخابرات مع النساء الفلسطينيات../
من حاييم لفنسون
سلسلة تصريحات مشفوعة بالقسم أدلت بها نساء فلسطينيات عن التحقيق معهن في منشآت جهاز الامن العام “الشاباك” – المخابرات، وعن اعتقالهن على أيدي الجنود، تكشف النقاب عن اساليب تحقيق تتضمن ظاهرا اهانة وتحقير على خلفية جنسية، دينية واجتماعية. بعض اساليب التحقيق تشذ عن تعليمات النيابة العامة في هذا الشأن، ولكن في المخابرات ينفون هذه الادعاءات.
التصريحات المشفوعة بالقسم والخطيرة التي جبتها اللجنة ضد التعذيب ارسلت أول امس الى المستشار القانوني للحكومة بطلب توجيه المحققين بالحفاظ على كرامة النساء في التحقيق. كما رفعت تسعة شكاوى مفصلة الى شرطة التحقيق وثمانية شكاوى مفصلة اخرى الى النيابة العسكرية العامة.
في احدى الحالات التي تكشف التصريحات النقاب عنها، فانه في تشرين الثاني 2011 استدعت المخابرات أسراء سلهب، صحفية من شرقي القدس، الى المنشأة في المسكوبية في القدس حيث احتجز وخضع للتحقيق زوجها ايضا. الزوج، شادي، مقدم الى المحاكمة في احدى لوائح الاتهام التي رفعت ضد الشبكة المدنية لحماس، والتي عملت حسب الاشتباه على تجنيد الاموال والداعمين للمنظمة. زوجته، خضعت لتحقيق مكثف، بل وحسب اقوالها عريت عدة مرات، واطلق سراحها أخيرا دون شيء.
حسب التصريح الذي تقدمت به، فانه “بعد أن اخذوني فتشوني عارية، قيدوني بالقيود. وبعد ذلك فتشوني عارية مرة اخرى. حققوا معي من الساعة الثامنية الا ربع في الصباح حتى الساعة 12 ليلا. وفي التحقيق سألوني عن امور شخصية، دخلوا الى حياتي الخاصة، مثل زواجي وعلاقاتي السابقة. المحقق “شمعون” قال لي اني متكبرة احب نفسي ولا يوجد لي اصدقاء بسبب هذا. قالوا لي انهم يعرفون الكثير من الامور عني، ولكنهم لن يقولوا لزوجي.
بعد بضعة أيام من التحقيق أدخلت سلهب الى غرفة كان فيها أربعة محققين. وحسب شهادتها، التصق احد منهم بها، مع أن طريقة التحقيق هذه رفضت في الماضي من قبل النيابة العامة. ووصفت فقالت: “في اثناء التحقيق جلس المحقق قريبا جدا مني. ولكن لم أطلب منه ان يبتعد”.
وقالت سهلت لـ “هآرتس”: “لم يكن لديهم ما يسألوني اياه، استخدموني للضغط على زوجي. قالوا انهم سيروون عني قصصا في القدس. في التحقيق، جلس المحقق بملاصقتي وصرخ علي الا أتحرك. جلبوني لارى زوجي وقالوا لي ان له اطفالا وليفكر جيدا بالافعال التي يقوم بها”. هذا التصريح هو جزء من مشروع للجنة ضد التعذيب ضد التحقيق مع النساء. مؤخرا جبت اللجنة 29 تصريحا مشفوعا بالقسم من نساء اعتقلن في السنوات الثلاثة الاخيرة، وخضعن للتحقيق لدى المخابرات.
تصريحات عديدة تتحدث عن ان المحققين يكثرون من الاقتراب جسديا من المحقق معهن، الجلوس بقربهن، واستغلال كونهم مقيدات. هذا الموضوع طرح في الماضي في التحقيق مع تالي فحيما، التي اشتكت من أن رئيس فريق المحققين في المخابرات اقترب منها بشكل مبالغ فيه. المسؤول عن شكاوى المحقق معهم في النيابة العامة للدولة كتب في حينه بان في نيته “البحث مع المخابرات وبلورة انظمة ترتب موضوع التحقيق من قبل المحقق الذي ليس من ذات الجنس”. بعض من النساء ادعين ايضا في تصريحاتهن بان المحققين منعوهن من تغطية رؤوسهن بالحجاب، او تعاطوا مع الحجاب بهزء.
طريقة تحقيق اخرى تكشف التصريحات النقاب عنها هي التهديد باعتقال أبناء العائلة. حتى العام 2007 درجوا في المخابرات على اعتقال ابناء العائلة للخاضع للتحقيق لغرض الضغط عليه. بتدخل من محكمة العدل العليا تقرر انه لا يجب اعتقال ابناء عائلة لم يرتكبوا مخالفة، ولكن يمكن استخدام ابناء العائلة الذين يوجد مبرر لاعتقالهم للضغط على المشبوهين. في مداولات عديدة في المحاكم العسكرية يتبين ان المحققين بدأوا بالتهديد باعتقال ابناء العائلة، كبديل عن الاعتقال الحقيقي. في كانون الاول الماضي رفضت افادة ايمن حميده، الذي اتهم بسلسلة اعمال اطلاق نار لان المحقق هدده بان يعتقل شقيقته كي يعترف.
تصريح “س” مقيمة من قلقيلية، ابنة 26، يروي بانها اعتقلت في صيف 2009 وخضعت للتحقيق للاشتباه بالاعداد لاختطاف جندي. ومع وصولها الى المعتقل اعطوها لباسا داخليا رجوليا لترتديه. اُجلست على كرسي وقيدت من الخلف بالقيود طوال ساعات التحقيق. في كل مرة طلبت فيها تغيير وضعيتها أمرها المحقق ألا تفعل ذلك. في التحقيق هددوها باعتقال امها واختها. اذا تعاونت فانهم وعدوها بان تنتقل للسكن في اسرائيل مع أبيها. وهددها المحققون بنشر معلومات بانها لم تعتقل لجرائم أمنية بل في ملابسات اخرى ومنعوها من تغطية رأسها بالحجاب.
في تصريح “ن”، ابنة 27 من طولكرم، زعم ان المحققين هددوها بفعل جنسي. فقد اعتقلت في صيف 2009 للاشتباه بالعضوية في خلية خططت لاختطاف جندي. لدى التحقيق معها جعلوها تشاهد رفيقتها التي اعتقلت وقالوا لها انها مذنبة في وضع رفيقتها. هددوها بانهم سيعتقلون أبناء عائلتها. وعلى حد قولها، اقتادوها معصوبة العينين الى غرفة التحقيق وفي الغرفة انتظرها رجل. المحققون قالوا للرجل “ها جلبنا لك شابة، فانت تحب الشابات”. المجهول ضحك وخرج من الغرفة. وعندما اشتكت بان المحققين يلمسونها، اجابوها “ماذا يهم هذا، فانت لست متدينة”.
قسم آخر من التصريحات يتناول اعتقال الجنود للنساء. ويتبين من الشكاوى انهم في اثناء الاعتقال يمارس الجنود عنفا جسديا ولفظيا تجاه المعتقلات وعائلاتهن، ويجرون تفتيشات في ظل تحطيم الاملاك. معظمهن اشتكين بتفتيش بعري كامل، فيما كان جنود رجال ينظرون اليهن. وعندما رفضن التفتيش بحضور جندي هددوهن بان التفتيش سيتم بالقوة.
وجاء من المخابرات التعقيب التالي على هذه الامور: “الجهاز وعاملوه يعملون في اطار القانون فقط ويخضعون للرقابة والاشراف الداخلي والخارجي، بما في ذلك مراقب الدولة، النيابة العامة للدولة، المستشار القانوني للحكومة، الكنيست والمحاكم. الجهاز يرفض رفضا باتا الادعاءات التي طرحت بالنسبة للتحقيق مع النساء المذكورات في التقرير ولا سيما الادعاءات في استخدام اساليب اهانة على خلفية دينية وجنسية. عكس ما زعم هو الصحيح – المخابرات تحرص في تحقيقاتها على عدم استخدام اساليب فيها ما يمس بالكرامة على خلفية جنسية ودينية. وبالنسبة لادعاءات “س” و “ن” المذكورتين فانهما اعتقلتا في العام 2009 واتهمتا، في اعقاب التحقيق معهما بالتخطيط لاختطاف جندي. وكما يذكر، فان ادعاءاتهما منفية تماما. يمكن التساؤل لماذا طرحت الادعاءات المتعلقة بالتحقيق الان فقط بعد سنتين ونصف من اعتقالهما وأن هذه الادعاءات لم ترفع ابدا الى الجهة المخولة قانونيا للتحقيق في الادعاءات وصحتها”. وبزعم المخابرات، فان “سلهب اعتقلت للتحقيق في الاشتباه بنشاط غير قانوني في حماس. في ختام التحقيق معها ولانه لم تجمع أدلة كافية لتقديمها الى المحاكمة الجنائية اطلق سراحها الى بيتها. كل ادعاء باهانتها عديم الاساس”. وعن الناطق بلسان الجيش الاسرائيلي جاء التعقيب التالي: “هذه شكاوى لثماني نساء، والنيابة العسكرية اطلعت عليها لاول مرة من سؤال الصحيفة. فحصت الشكاوى. حول شكاوى اثنتين من النساء صدرت أوامر بفتح تحقيق من الشرطة العسكرية. بالنسبة لباقي الشكاوى لم يتبين انها تثير الاشتباه الذي يبرر فتح تحقيق جنائي”.