هآرتس 29/2/2012 نتنياهو سيطلب من اوباما بمهاجمة ايران../ يوم الثلاثاء الكبير../
من باراك رابيد
رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو معني في زيارته الى واشنطن، التي ستعقد الاسبوع القادم ان يدفع الرئيس اوباما الى تشديد الخط العلني الذي ينتهجه تجاه ايران. موظف كبير في القدس قال ان اسرائيل معنية بان يسير اوباما شوطا أبعد في تصريحاته بالنسبة للموقف التقليدي الامريكي الذي يقول ان “كل الخيارات على الطاولة”. اسرائيل تطالب بان يقول الرئيس انه تجري استعدادات لعملية عسكرية، في حالة اجتياز ايران ما يعتبر في نظر الولايات المتحدة “خطا أحمر”. بهذا الشكل، كما تعتقد اسرائيل، سيشتد الضغط على ايران، التي ستشعر بانه يوجد تهديد امريكي حقيقي عليها.
في القدس وفي واشنطن يخشون من أنه توجد فجوات واسعة في الثقة بين اسرائيل والولايات المتحدة في المسألة الايرانية. موظف امريكي كبير، ضالع في اعداد زيارة نتنياهو الى الولايات المتحدة وطلب عدم ذكر اسمه، قال انه يجري عمل اعداد مكثف لضمان نجاح اللقاء مع اوباما ومحاولة جسر الثغرات. وعلمت “هآرتس” بان البيت الابيض توجه أمس الى مكتب رئيس الوزراء واقترح نشر بيان مشترك في ختام لقاء نتنياهو واوباما. ومع ذلك، لم يقترح الامريكيون بعد صيغة لمثل هذا البيان. والمقصود هو ان يساعد البيان المشترك في التغلب على الخلافات بين الطرفين ويعرض موقفا اسرائيليا – امريكيا موحدا يستخدم كرافعة للضغط على ايران.
انعدام الثقة بين الطرفين ينبع ضمن امور اخرى من الاحساس المتبادل بان كل طرف ينبش في السياسة الداخلية للطرف الاخر. فمن جهة، يشك نتنياهو بان الادارة الامريكية تحاول تجنيد الرأي العام في اسرائيل ضد هجوم في ايران. من جهة اخرى تشك الادارة بان نتنياهو يستخدم الكونغرس بل ويستخدم حملة الحزب الجمهوري للرئاسة للضغط على الرئيس اوباما.
حقيقة ان المقرب من نتنياهو، رجل الاعمال شيلدون ادلسون، يدفع بعشرات الملايين لحملة انتخابات نيوت غينغرتش، لا تساعد على بناء الثقة. وسيلقي غينغرتش خطابا في مؤتمر ايباك بعد يومين من اوباما ويوم من نتنياهو. ويمكن الافتراض بانه مثل باقي المرشحين الجمهوريين، فان غينغرتش ايضا سيهاجم اوباما بدعوى أنه “ضعيف حيال ايران”.
مسألة تشديد الخطاب الامريكي حيال ايران طرحت في محادثات مستشار الامن القومي في البيت الابيض، توم دونيلون، في اسرائيل الاسبوع الماضي. كما بحثت في محادثات وزير الدفاع ايهود باراك في واشنطن، ضمن آخرين مع نائب الرئيس جو بايدن امس، وكذا في محادثات مسؤولين اسرائيليين كبار آخرين، منهم موشيه يعلون ودان مريدور، مع شخصيات مختلفة في ادارة اوباما.
مسؤول اسرائيلي كبير ضالع بعمق في الحوار مع الامريكيين، طلب عدم ذكر اسمه، أشار الى أن المشكلة ليست تقنين المحادثات بين الطرفين بل السطر الاخير فيها. “المحادثات مع الامريكيين تجري مثلما يمارس وحيد القرن الجنس: ببطء وبحذر”، شرح. واضاف: “يوجد الكثير من الاقوال العامة التي يعتقدون اننا نريد أن نسمعها، ولكننا نسألهم دوما ما هي الخلاصة؟ ما العمل؟ كيف ندفع الايرانيين الى الفهم بانهم اذا لم يتوقفوا، فاننا سنضربهم في النهاية؟”.
شك الادارة تجاه نتنياهو مفهوم اذا أخذنا بالحسبان أن نتنياهو ومستشاريه وجهوا في الاسابيع الاخيرة مجموعة سناتورات واعضاء كونغرس كبار في هذا الشأن كي يمارسوا الضغط على اوباما. يوم الثلاثاء الماضي التقى نتنياهو في وجبة غذاء مع وفد من خمسة سناتورات امريكيين كبار. على رأس الوفد كان جون ماكين، الذي تنافس قبل نحو أربع سنوات امام براك اوباما على رئاسة الولايات المتحدة. “انا لا اتدخل في السياسة الامريكية وأتوقع ان لا تتدخل محافل في الولايات المتحدة في السياسة الاسرائيلية”، اوضح نتنياهو لاعضاء الوفد. وسرعان ما انتقل الحديث الى المسألة الايرانية. وعبر نتنياهو عن غضبه من شخصيات مختلفة في الادارة الامريكية تتحدث ضد هجوم اسرائيل في ايران، وعلى رأسهم رئيس الاركان الجنرال مارتين دمباسي. ولم يذكر نتنياهو بالاسم سوى دمباسي، ولكن بين السطور كان يمكن الفهم بانه يقصد أيضا الرئيس اوباما ومسؤولين كبار آخرين في الادارة. “هذه الثرثرة تخدم الايرانيين فقط”، قال نتنياهو للسناتورات.
مستشار الامن القومي في البيت الابيض، توم دونيلون، الذي زار اسرائيل بالتوازي مع وفد السناتورات، سمع من نتنياهو ومن وزير الدفاع باراك شكاوى مشابهة. موظف امريكي كبير بالغ الاطلاع على تفاصيل محادثات دونيلون وطلب عدم ذكر اسمه اشار الى أن مستشار الامن القومي شدد امام نتنياهو وباراك على أن تصريحات الجنرال دمباسي لم تكن بمشورة الرئيس، وان اوباما ليس راضيا عنها على الاطلاق.
اما نتنياهو فلم يقتنع. فهو يعتقد أن المقابلة الاخيرة لدمباسي مع السي.ان.ان وكذا سلسلة التقارير في وسائل الاعلام الامريكية عن الاثار الخطيرة التي قد تكون لهجوم في ايران هي جزء من حملة منسقة. وبنظره فان الهدف هو تجنيد الرأي العام في الولايات المتحدة وكذا في اسرائيل ضد الهجوم. ويبدو أغلب الظن ان هذا ما يقصده في حديثه عن التدخل الامريكي في السياسة الاسرائيلية.
ولكن نتنياهو أيضا لا يدس يده في الصحن. فبعد وقت قصير من اللقاء معه عقد السناتور جون ماكين مؤتمرا صحفيا في القدس. “يوجد توتر جدي بين اسرائيل والولايات المتحدة حول السبيل لمعالجة المسألة الايرانية. نتنياهو غاضب عن حق”، قال وهاجم بشدة الرئيس اوباما والجنرال دمباسي. في البيت الابيض تميزوا غضبا لسماع هذه الامور. في نظرهم نتنياهو بالتأكيد يتدخل. “بيبي اطلع ماكين والاخير أفلت الامور مثل الببغاء”، قال الموظف الامريكي الكبير.
واذا لم تكن تصريحات ماكين كافية فان رفيقه في الحزب السناتور ليندسي غرام، الذي شارك هو أيضا في وجبة الغداء مع نتنياهو الاسبوع الماضي، أجرى لقاء امس مع “وول ستريت جورنال”، واطلق هو أيضا رسائل رئيس الوزراء الاسرائيلي. وعلى حد قوله فان “الاسرائيليين قلقون” ويعتقدون أن الادارة تبث رسالة مغلوطة. “على الرئيس أن يهدىء الاسرائيليين وان يتعهد لهم بان الولايات المتحدة ستفعل كل شيء – بما في ذلك عملية عسكرية – كي تمنع ايران من الحصول على سلاح نووي”، قال غرام، “على الادارة ان توضح ماذا تقصد حين تقول ان الخيارات على الطاولة”.
بعد بضعة أيام من اللقاء مع وفد السناتورات التقى نتنياهو بوفد من اعضاء كونغرس جمهوريين وديمقراطيين وكرر ذات الرسائل. ومنذ عودتهم من اسرائيل بدأ أعضاء الكونغرس يجرون المقابلات الصحفية في هذا الشأن ويبثون رسائل نتنياهو. رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب، مايك روجرز، قال أول امس لشبكة “سي.ان.ان” انه فهم من نتنياهو بان اسرائيل جدية بالنسبة للهجوم على منشآت النووي في ايران. “الاسرائيليون يعتقدون بان الادارة ليست جدية بالنسبة للاثار العسكرية الحقيقية التي ستكون اذا ما تحركت ايران الى الامام في البرنامج النووي”، قال روجرز، “في ضوء هذا الموقف الامريكي فان الاسرائيليين يعتقدون بانه سيتعين عليهم ان يقرروا بأنفسهم”.
مكتب رئيس الوزراء يكاد لا ينقل الى وسائل الاعلام الاسرائيلية تفاصيل عن موضوع اللقاء مع اوباما ورسائل نتنياهو في المسألة الايرانية. بالمقابل، فان مستشاري نتنياهو وسفير اسرائيل في واشنطن، مايكل اورن، يطلعون المراسلين والمحللين الامريكيين على ذلك. صحيح أن نتنياهو وصف “نيويورك تايمز” “بالعدو” ورفض نشر مقالات بقلمه فيها، ولكن هذا لم يمنع مستشاره رون ديرمر من أن يطلع هذا الاسبوع احد كبار مراسلي الصحيفة على الامور.
عندما يتحدث نتنياهو عن تدخل امريكي في السياسة الاسرائيلية فيمكن الافتراض انه يقصد أيضا اللقاء الذي سيعقد بين الرئيس اوباما والرئيس شمعون بيرس يوم الاحد، على هامش مؤتمر اللوبي المؤيد لاسرائيل ايباك. شك نتنياهو في ما سيجري في ذاك اللقاء ازداد فقط في أعقاب ما نشر في “هآرتس” الاسبوع الماضي بان بيرس سيقول لاوباما انه يعارض هجوما اسرائيليا ضد المنشآت النووية لايران. منذ النشر، اتسع التوتر بين نتنياهو وبيرس. يوم الجمعة التقى الرجلان وأمس، عشية سفر بيرس الى الولايات المتحدة، عادا والتقيا. وسارع مكتب الرئيس الى نشر بيان في هذا الشأن ومكتب رئيس الوزراء نشر صورا ومقاطع فيديو، في محاولة للبث بان “الاعمال كالمعتاد”. واطلع بيرس نتنياهو على مضمون خطابه في ايباك، ويبدو أن خطاب بيرس سيكون عاما ومعتدلا أكثر بكثير من صيغته الاصلية. يمكن الافتراض بان نتنياهو طلب من بيرس ان يشدد امام نتنياهو على سلسلة من الرسائل، كي يسمع الرئيس الامريكي منهما كليهما خطا موحدا. اما حاليا فليس واضحا اذا كان بيرس بالفعل سيلبي الطلب.