يديعوت – مقال افتتاحي – 22/10/2012 الولايات المتحدة وايران: القناة السرية
بقلم: اليكس فيشمان
لا أحد أبلغ اسرائيل بصورة رسمية – لكنهم في القدس لم يفاجئهم الاستماع عن “اللعبة السابقة” التي تتم سرا بين الادارة الامريكية والايرانيين.
يجب ألا نتطرق بجدية الى الانكارات غير الحاسمة حقا التي تصدر عن واشنطن عقب النبأ المنشور في صحيفة “نيويورك تايمز”، وبحسبه وافقت الولايات المتحدة وايران على بدء محادثات مباشرة في الشأن الذري بعد الانتخابات فورا. يوجد عند ادارة اوباما ما تخفيه ولهذا لم تُشرك اسرائيل ودولا اخرى ذات علاقة بالقضية الايرانية، كروسيا، في السر. ويجب ألا نتناول الانكار الايراني ايضا بجدية فحينما يُنكر الايرانيون يكون ذلك علامة بارزة على ان الحديث عن حقيقة صادقة.
بدأت رقصة التحسس الحالية بين الولايات المتحدة وايران كما يبدو بوساطة من كاثرين آشتون، وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي، التي ترأس المحادثات بين القوى الست الكبرى والايرانيين. ما تزال الشروط غير ناضجة لبدء تفاوض أساسي حقيقي لكن هناك تفاهم بين الجانبين على ان تبدأ بعد الانتخابات في الولايات المتحدة محادثات جدية وسرية – بشرط ان يُنتخب الرئيس اوباما ثانية، بالطبع. ويحيا الايرانيون مع شعور بأن اوباما بعد الانتخابات سيكون أكثر تحررا وأكثر مرونة ويُظهر انفتاحا للحاجات الايرانية في المجال الذري.
ليس التوقيت عرضيا فقد سُربت المعلومات من البيت الابيض عشية المواجهة الثالثة بين مرشحي الرئاسة التي ستنحصر في السياسة الخارجية التي هي نقطة ضعف ادارة اوباما. وقد علموا في صحيفة “نيويورك تايمز” سلفا ان البيت الابيض سيُنكر ومع ذلك كله نشروا النبأ. ويقولون في القيادة السياسية العليا في اسرائيل ان الحديث عن حيلة دعائية لكنها حيلة لها قدمان في الواقع.
بحث اوباما منذ لحظة توليه منصبه عن سبيل للتوصل الى حل دبلوماسي للقضية الذرية. وأرسل عدة رسائل للزعيم الروحاني خامنئي وللرئيس احمدي نجاد وطلب اليهما ان يُعينا مبعوثا لمحادثات سرية في قناة ذات طرفين. ولم يُجب الايرانيون أو أنهم أجابوا بالرفض. وبرغم ذلك أُجري لقاءان سريان على الأقل بين ممثلين امريكيين وايرانيين. في الاشهر الاخيرة وذلك بفضل العقوبات بقدر غير قليل، قطع الايرانيون نهر الروبيكون وأصبحوا مستعدين لمحادثات سرية مع الامريكيين مع تحفظ واحد هو ان تكون بعد الانتخابات في الولايات المتحدة فقط، حينما نعلم من يكون الرئيس. ويوجد تفاهم الآن بين الطرفين على ان القناة الامريكية الايرانية لن تكون وحيدة وأنها ستتم في موازاة المحادثات بين ايران والقوى الكبرى الست.
لم تكن الاقتراحات المعلنة التي صدرت مؤخرا عن وزير الخارجية الايراني وجهات ايرانية رفيعة المستوى مقبولة لبدء تفاوض. وقد اشترطت ايران شرطا هو وقف العقوبات. ورفضت القوى الست الكبرى العرض وهي فوق ذلك تطلب الآن ان يُخرج من ايران لا اليورانيوم الذي تم تخصيبه بدرجة 20 في المائة فقط بل كل اليورانيوم الذي تم تخصيبه بدرجة 5 في المائة.
تعبر اللعبة المسبقة التي كشفت عنها “نيويورك تايمز” ايضا عن تطورات في داخل الادارة الايرانية، فمنذ اللحظة التي أفشل فيها خامنئي أحمدي نجاد أصبح يستطيع ان يسمح لنفسه بزيادة مرونته. ويعتبر احمدي نجاد الذي قاد خط محاولة محادثة الادارة الامريكية، غير ثقة في نظر خامنئي وأنه قد يستغل المحادثات لينجز انجازات سياسية. والآن وهو يوشك ان ينصرف عن خشبة المسرح، يستطيع خامنئي ان يسيطر على التفاوض.
يجدر ان تهتم اسرائيل بما هو عند صديقتها وحليفتها وأن تسأل: ما الذي تقصدينه حينما تقولين: لا للذرة الايرانية؟ هل “لا” قبل الانتخابات أم بعدها ايضا؟ وهل يوجد التزام ما أعطته ادارة اوباما للايرانيين كما يزعم بعض اصدقائنا الجمهوريين (المهتمين هم ايضا بتسخين اسرائيل)؟.