ترجمات عبرية

هآرتس 19/10/2012 الفلسطينيون في العاصمة لم يعودوا يخافون من بطاقة الهوية الزرقاء../

من نير حسون

 3.374 من سكان شرقي القدس حصلوا على الجنسية في العقد الأخير../

          قبل ثلاث سنوات يئس طلال الطويل، ابن 37، من سكان الطور في شرقي القدس من احساس الظلم الذي يشعر به مقارنة مع جيرانه في غربي المدينة فقرر القيام بعمل ما: التوجه الى وزارة الداخلية وتغيير مكانته من مقيم الى مواطن. “نحن نعيش هنا وليس في مكان آخر”، يقول. “فضلا عن ذلك، من لديه جنسية فانه يتلقى تسهيلات في السفر الى خارج البلاد”. وعلى حد قوله، فانه لم يصطدم في محيطه بردود فعل معادية. “كل من رويت له قال لي اني فعلت بعقل وبعض ذهبوا وفعلوا ذلك بأنفسهم”، أضاف. وبالفعل، من المعطيات التي نقلت الى “هآرتس” وشهادات من محامين ومقيمين فلسطينيين يتبين أنه في السنوات الاخيرة نشأت صدوع في الحاجز النفسي والاجتماعي الذي منع سكان شرقي القدس من طلب الجنسية الاسرائيلية منذ 1967.

          يتبين أنه في سنوات 2004 – 2010 طرأ ارتفاع حاد في عدد الفلسطينيين من سكان شرقي المدينة ممن يطلبون الانتقال من مكانة اقامة دائمة الى مكانة مواطن اسرائيل كامل. ولكن، بزعم مصادر قريبة من الشأن، رغم تعاظم تيار المتوجهين، ففي السنتين الاخيرتين طرأ انخفاض في عدد الحاصلين على الجنسية، بسبب اخفاقات وتأخيرات بيروقراطية.

          وتفيد معطيات وزارة الداخلية بانه في العقد الاخير حصل 3.374 فلسطيني على مكانة مواطنة كاملة. في العام 2000 حصل 85 فلسطينيا على مكانة مواطن، وبعد ذلك بين أعوام 2001 و 2003، سنوات الانتفاضة الثانية، انخفضت الاعداد الى 58، 63 و 44 على التوالي.

          ولكن منذ العام 2004 طرأ ارتفاع مستمر على عدد المتجنسين الفلسطينيين. 70 شخص في 2004، 101 في 2005، 522 في 2008. الرقم القياسي كان في 2010، حين تجنس 700 فلسطينيا. في السنتين الاخيرتين سجل انخفاض (487 في 2011 و 374 حتى ايلول من هذا العام). وبتقدير كل العاملين في هذا الشأن، فان السبب ليس انخفاضا في عدد الطلبات، بل التسويف في الاجراءات في وزارة الداخلية، التي يعترفون فيها أيضا بأن وتيرة الطلبات أكبر من وتيرة معالجتها.

          في كل الاحوال، فان التوجهات العديدة للحصول على الجنسية الاسرائيلية تعكس تغييرا في فهم هوية الفلسطينيين في شرقي القدس، وكفيلة بأن يكون لها آثار بعيدة المدى بالنسبة للتقسيم المستقبلي للمدينة.

          ولم تقدم وزارة الداخلية معطيات رسمية عن عدد المتجندين منذ العام 1967 وحتى اليوم. والتقدير الدارج هو أن نحو 10 الاف شخص من اصل عدد من السكان بنحو 285 الف نسمة فلسطينيين. واذا كان هذا التقدير صحيحا، فان ثلث المتجنسين يكونوا فعلوا ذلك بين سنوات 2005 و 2012. ومع ذلك، تجدر الاشارة الى أنه لا يزال الحديث يدور عن أقلية هزيلة من بين عموم السكان الفلسطينيين في شرقي المدينة.

          بعد احتلال شرقي القدس في 1967 طبقت الحكومة الاسرائيلية القانون الاسرائيلي على المنطقة بينما الفلسطينيون في شرقي المدينة بقوا في مكانة انتقالية من الاقامة الدائمة. حتى اليوم، فان الاغلبية الساحقة من الفلسطينيين في شرقي المدينة يحوزون مكانة اقامة، تمنحهم الحق في التصويت للبلدية، ولكن ليس للكنيست، وتثقل عليهم مصاعب عديدة في الحياة اليومية. وهكذا مثلا فان الخروج والدخول من والى اسرائيل أكثر تعقيدا، والمقيمون الدائمون الفلسطينيون يجتازون تفتيشات أمنية متشددة.

          ولكن أساس المشكلة هي أن هذه المكانة كفيلة بان تسحب من الدولة بسهولة، بسبب سفر طويل اكثر مما ينبغي الى خارج البلاد، أو حتى بسبب السكن الذي بغير علم، في شقة توجد خارج الحدود البلدية للقدس. وهكذا وجد أنفسهم على مدى السنين الاف الفلسطينيين دون مكانة قانونية ودون القدرة على البقاء في المدينة.

          ومع ذلك، مع أن كل مقيم من شرقي القدس من حقه رسميا الحصول على الجنسية، في اجراء بسيط نسبيا، قلائل جدا طلبوا في الماضي هذه المكانة: فهذا الطلب يعتبر – وهو لا يزال يعتبر اليوم ايضا – كاعطاء شرعية للسيطرة الاسرائيلية في شرقي المدينة. في معظم السنين منذ 1967 كان هناك أيضا تعقيد بيروقراطي، منع عمليا الحصول على الجنسية الاسرائيلية: فهذا يتطلب وثيقة من الحكومة الاردنية وفيها تنازل عن الجنسية الاردنية. ولكن الاردنيون رفضوا اصدار مثل هذه الوثيقة وهكذا منعوا تجنس اولئك القلائل ممن طلبوا عمل ذلك.

          وقد حلت هذه المشكلة قبل بضع سنوات حين تخلت وزارة الداخلية عن طلب الحصول على وثيقة من الاردنيين، واكتشفت بتصريح من طرف واحد من جانب طالب الجنسية موجه للسفارة الاردنية في اسرائيل.

          كل العاملين في هذا الشأن متفقون على أن حل هذه العقدة تشرح فقط جزء من الارتفاع الحاد في عدد طالبي الجنسية في شرقي القدس. “الناس توصلوا الى الاستنتاج بان السلطة الفلسطينية لن تنقذهم، وان اسرائيل تعطيهم كل خير. عندها فانهم يذهبون ويعملون في صالح بيتهم”، يقول المحامي أمنون مزار، رجل مخابرات سابق، عمل في شرقي القدس، يساعد اليوم الفلسطينيين ممن يطلبون الجنسية. “حاجز الخجل تحطم. من يحصل اليوم على الجنسية لم يعد بالضرورة يعتبر كخائن لشعبه. هذه هو الميل العام. فهم لا يشعرون بان عليهم ان يخجلوا”.

          وحسب تعليمات مزار، فان الفلسطينيين طالبي الجنسية هم في الغالب شبان، متعلمين، من سكان الاحياء الاكثر يسرا. القسم الاكبر منهم تعلموا في المدارس الخاصة في شرقي القدس.

          اجراء الحصول على الجنسية يستمر اليوم نحو سنة وعشرة أشهر بالمتوسط. في بدايته يطلب من مقدم الطلب تعبئة نماذج عديدة وتوفير وثائق. ويقضي القانون بان على المتقدم بالطلب ان يعيش في البلاد في ثلاثة من السنوات الخمسة الاخيرة. ولغرض اثبات ذلك عليه أن يرفق بالطلب فواتير مياه، كهرباء، ارنونا، شهادات مدارس للاطفال واذون عمل. وبعد فترة انتظار طويلة يستدعى مقدم الطلب الى مقابلة في وزارة الداخلية، يحقق معه فيها على الطلب ويفحص بالعبرية الاساسية. في أنظمة وزارة الداخلية ورد: “الموظف يأخذ الانطباع من مستوى معرفة اللغة العبرية لمقدم الطلب من خلال حديث اعتيادي قصير”.

          مقدمو الطلب يتحدثون عن أن الاختبار بسيط، وباستثناء الحديث يتضمن أيضا قراءة مقطع من صحيفة وكتابة بضع كلمات. ومع ذلك فان هذا الاختبار يضع أحيانا عائقا عاليا في وجه الفلسطينيين، ولا سيما النساء اللواتي لا يعملن بشكل عام في الوسط اليهودي ولا يتعرضن للعبرية. لهذا السبب يحصل في مرات عديدة أن الزوج وحده يحصل على مكانة المواطنة، دون زوجته، وهكذا أيضا مع الطويل.

          بعد المقابلة ينقل الطلب الى عناية الشرطة والمخابرات. واذا لم يكن هناك مانع أمني أو جنائي، يستدعى مقدم الطلب بعد بضعة اشهر لاداء الولاء. قبل سنتين أقرت الحكومة تغييرا في صيغة التصريح. والى التصريح الاصلي، “ان أحافظ على الولاء لدولة اسرائيل”، يتعين على المتجنس أن يضيف الكلمات “كدولة يهودية وديمقراطية”.

          المحامون الذين يعالجون ملفات التجنس يحتجون على اجراءات وزارة الداخلية. “الموظفون يحاولون ايجاد كل نقطة وفاصلة كي يرفضوا حصول شخص ما على الجنسية”، قال أحدهم. وعلى حد قول المحامين، ففي السنوات الاخيرة طلب ارتفاع في عدد المتوجهين ولكن التسويف في وزارة الداخلية يطيل العملية ويعقدها.

          المحامية ليئا تسيمل من المحامين القدامى والاكثر تقديرا بين المحامين الذين يمثلون الفلسطينيين، ترفض استقبال ملفات التجنس لمعالجتها. “من ناحية سياسية، أنا لا أتلقى ملفات كهذه. طالما مشكلة فلسطين لم تحل، فان مشكلتهم لا يمكن أن تحل. لا يمكن شراؤهم بحفنة صندوق مرضى وتأمين وطني”، تقول.

          بالمقابل، فان المحامية عدي لوستغمن ترى في طلب الجنسية الاسرائيلية فعلا وطنيا فلسطينيا بالذات. “هذا ما يسمح لهم بالحفاظ على أرضهم وحقوقهم، في المكان الذي يسكنون فيه”، تقول المحامية. “أنا أواجه حالات عديدة جدا من رفض حق الاقامة، والناس يعانون لان الصالون يوجد في اسرائيل والمطبخ في المناطق. هذا أمر مهين جدا. فلماذا لا يكون أمرا مسلما به أن يكون بوسع الانسان ان يسكن في بيته، ان يتزوج بمن يريد، ان يسافر الى الخارج متى يشاء؟ بالذات حقيقة أن الفلسطينيين لا يطلبون الجنسية تسمح لاسرائيل بطردهم من هنا بالالاف، كالذباب”.

          وترفض لوستغمن أيضا الاداء بان تجنس الفلسطينيين في القدس سيحبط امكانية تقسيم المدينة. “فهم لا يزالون فلسطينيين. ان يكونوا حصلوا على الجنسية لا يجعلهم مستوطنين. بالعكس، هذا يعطيهم حرية أكبر في الحركة ويسمح بالحفاظ على العلاقة مع الفلسطينيين في الضفة، العمل في رام الله والسكن اينما شاؤوا، دون اعطاء الحساب لاحد. يمكنهم أن يرتبطوا بالعالم الكبير”.

          ولكن حتى لو جاء التجنس بدوافع اقتصادية وللراحة الخاصة، فان له تأثير بعد المدى على الهوية الفلسطينية في شرقي القدس، وكذا على احتمال تقسيم المدينة في اتفاق مستقبلي. ميرون بنبنستي، خبير في مشاكل شرقي المدينة وكان نائبا لرئيس بلدية القدس، يرى في استكمال جدال الفصل حول شرقي القدس نقطة الانعطافة. “عندها فهموا بان الجدار سيبقى وأن عليهم أن يوجهوا نظرهم الى الغرب”، يقول. “الاختبار الكبير سيكون في الانتخابات القادمة للبلدية. توجد مجموعة، ليس واضحا أي تأثير لها، تدعو الى تشكيل قائمة عربية”. ويقدر بنبنستي بأن تيار المتوجهين للحصول على الجنسية سيزداد في السنوات القادمة. “كلما ابتعد الاحتمال للتسوية، واضح أن الناس سيستخدمون ما هو موجود لديهم”.

          التجنس المتزايد ينضم الى معطيات اخرى سجلت مؤخرا، تشهد على ميلول الانخراط والاسرلة لسكان شرقي المدينة. فقد تحدثت “هآرتس” مؤخرا عن ارتفاع في طلب الخضوع لامتحانات البجروت الاسرائيلية وارتفاع في عدد الطلاب في مؤسسات التعليم الاسرائيلية.

          داود صيام، من سكان سلوان، تجنس قبل بضع سنوات بعد زواجه. وعلى حد قوله، لم يكن التغيير دراماتيكيا. “في المطار، وكذا في نظر شرطة القدس، العربي يبقى عربيا. عندما سافرت الى الولايات المتحدة انتظرتني الطائرة ربع ساعة بسبب التفتيشات”.

          “الحياة هي ذات الحياة”، يقول من جهته الطويل. “ولكن الان أسهل السفر الى الخارج”.

          وجاء من وزارة الداخلية التعقيب التالي: “طلبات التجنس مركبة، ومعالجتها تنطوي على فحوصات عديدة وسياق شامل. بشكل طبيعي، وتيرة رفع الطلبات (الكثيرة) لا تتطابق ووتيرة الطلبات”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى