هآرتس: 19 شهر من اسكات وسائل الاعلام: اسمحوا لنا بدخول غزة

هآرتس 5/5/2025، جيرمي دايموند، جوزيف فريدمان وتانيا كرايمن: 19 شهر من اسكات وسائل الاعلام: اسمحوا لنا بدخول غزة
خلال عشرات السنين سافر مراسلون أجانب الى مناطق قتال خطيرة في ارجاء العالم للكتابة بشكل مستقل من الميدان. ولكن ليس في قطاع غزة، أو في الـ 19 شهر الأخيرة. من العراق وأفغانستان وحتى أوكرانيا وسوريا، فان التقرير غير المنحاز من المصدر الأول هو الطريقة الأفضل التي نعرفها من اجل نقل للجمهور الصورة الكاملة والأكثر دقة عن الحرب وتداعياتها. هذا ما قادنا، تحت نار الصواريخ المتواصلة، الى بلدات إسرائيلية مدمرة على طول الحدود مع القطاع في الأيام والاسابيع الأولى بعد هجوم حماس في 7 أكتوبر. في حينه إسرائيل رحبت بالتغطية.
بعد ذلك منعت إسرائيل دخول المراسلين الأجانب الى غزة من اجل الكتابة بشكل مستقل عن الثمن الفظيع الذي جبته الحرب من القطاع، ومن اكثر من 2 مليون من سكانه. هذا التقييد ازعج جدا تغطية النزاع الذي توجد له تداعيات عالمية واسعة، وفرض عبء ثقيل وقاتل أحيانا على زملائنا الفلسطينيين في غزة.
لقد حان الوقت لانتهاء هذا الاجراء.
كاعضاء في اتحاد الصحافيين الأجانب نحن نجدد الدعوة لإسرائيل برفع الحصار الإعلامي غير المسبوق هذا بشكل فوري. واذا لم تفعل ذلك حكومة إسرائيل فاننا نطلب من المحكمة العليا في إسرائيل الاستجابة على الفور لطلبنا، السماح بوصولنا الى غزة، عندما ستقوم في هذا الشهر بفحص التماسنا. مهمتنا الرئيسية كمراسلين هي الكتابة عما نشاهده ونسمعه، الكتابة للجمهور عن الاحداث التي كنا شهود عليها، والتحقيق في ادعاءات متناقضة. مهمتنا هي أن نكون في الميدان، حتى عندما يكون العمل خطير. الدول الديمقراطية تعتبر هذا الالتزام حق. مع ذلك، إسرائيل التي تعتبر نفسها “الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط”، تمنعنا بشكل فعال من تحقيق ذلك.
مبررات إسرائيل تغيرت مع مرور الوقت. في البداية قيل إن وجود المراسلين سيعرض حياة الجنود للخطر وأيضا رجال الامن الذين يعملون على طول الحدود. مؤخرا تم الادعاء بأن إسرائيل لا يمكنها ضمان سلامة المراسلين.
هذه الادعاءات يمكن طرحها في أي نزاع في ارجاء العالم، لكن هذا لم يمنعنا في أي يوم بصورة جارفة من النشر من عشرات مناطق القتال الأخرى، بما في ذلك الأربعة نزاعات سابقة في قطاع غزة.
ليكن من الواضح: طلب حصولنا على الموافقة على دخول القطاع لا ينتقص أي شيء من العمل البطولي لزملائنا الفلسطينيين الذين يواجهون الاخطار والصعوبات التي لا يمكن تخيلها من اجل الإبلاغ عن الواقع على الأرض. ولكن لا يجب أن يتحملوا وحدهم عبء تغطية هذه الحرب، وقدرتهم على فعل ذلك أصبحت رويدا رويدا تتجاوز حدود الممكن.
بعد 19 شهر على الحرب المنهكة، معظم المراسلين في القطاع يعيشون ويعملون الآن في خيام بائسة ومبان تم قصفها. من كل الجهات تنفيذ عملهم يتم تحديه في اعقاب غياب طريقة للوصول الى الكهرباء والوقود والغذاء والاتصال والمعدات، خاصة منذ فرضت إسرائيل في بداية اذار الحصار على غزة. وكلما اشتدت الظروف فان عبء التغطية ملقى على جسم صحافة آخذ في التقلص، بعد أن نجح عشرات المراسلين أصحاب الخبرة في غزة في مغادرة القطاع النازف.
من هم قادرون حتى الآن على التحرك في الميدان يواجهون تهديد دائم من النار الإسرائيلية أو الاعتقال العبثي على يد القوات الإسرائيلية. حسب لجنة الدفاع عن الصحافيين فان 168 مراسل فلسطيني قتلوا بنار إسرائيل منذ بداية الحرب. وهذه حقيقة حولتها الى النزاع الأكثر فتكا بالمراسلين منذ عقدين.
هذا الرقم المحزن يشكك بالتزام إسرائيل بالحفاظ على سلامة المراسلين الفلسطينيين. نحن نؤمن بأن وجود مراسلين أجانب، يعملون لصالح منظمات دولية معروفة، وهم مواطنون من دول حليفة لإسرائيل، سيؤدي الى انتقاذ اعمق ومطالبة بتحمل المسؤولية.
الجيش الإسرائيلي يقترح بين حين وآخر على المراسلين الأجانب فرصة لـ “الانضمام” الى قواته لبضع ساعات، من خلال التركيز على عرض انفاق حماس ومهمات تنفذها قواته. نظرة قصيرة ومنتقاة كهذه الى غزة ليست البديل لنهج مستقل وغير محدود من اجل الوصول الى القطاع. هذه النظرة تجري تحت سيطرة مطلقة ومقلصة في حجمها ولا تسمح باجراء المقابلات مع السكان الفلسطينيين.
إضافة الى ذلك هي كانت قليلة، حتى الأدوات الاخبارية الغربية الكبيرة في العالم التي تفضلها إسرائيل دخلت الى غزة ليس اكثر من 12 مرة، وهو رقم صغير في نزاع استمر 600 يوم. ممثلو وسائل اعلام دولية كثيرة لم يدخلوا أبدا الى قطاع غزة.
هذا التقييد يمس بالجمهور الدولي ويمكن أن يخلق سابقة خطيرة، في اعقاب اسكات تغطية نزاع، الامر الذي يتطلب تمويل امريكي كبير ورأسمال دبلوماسي. وتوفير إمكانية الوصول الى غزة غير مهم لمنتقدي إسرائيل فقط، بل ينبغي أن يكون أيضا بمثابة إجابة على الأسئلة والمخاوف التي يثيرها مؤيدوها.
حكومة إسرائيل ومؤيدوها شككوا مرة تلو الأخرى بتقارير المراسلين الفلسطينيين. واحتجوا على عدد القتلى المدنيين، ومؤخرا رفضوا الادعاءات بشأن وجود ازمة إنسانية واتهموا حماس بتخزين مواد المساعدات الإنسانية. مؤيدو إسرائيل من شأنهم مباركة تقارير جهات اعلام دولية مستقلة في غزة من اجل فحص هذه الادعاءات. ورغم ذلك، خلال الحرب، رفضت إسرائيل طلباتنا المتكررة لاجراء حوار أو الوصول الى غزة. الطلبات والرسائل من شخصيات رفيعة في قنوات الاخبار في ارجاء العالم ووجهت بتجاهل.
اتحاد الصحافيين الأجانب الذي يمثل مئات الصحافيين وعشرات وسائل الاعلام الدولية التي تغطي إسرائيل والمناطق الفلسطينية، توجه للمحكمة العليا في إسرائيل وطالب بتخفيف هذا الحصار غير المسبوق. في كانون الأول 2023 قدمنا الطلب الأول من اجل الدخول الى غزة. وبسبب المعارك في تلك الفترة المحكمة ايدت قرار الحكومة، ولكنها شجعتنا على تقديم طلب جديد عندما ستتحسن ظروف الحماية. قدمنا طلب آرخر في أيلول الماضي. الحكومة من ناحيتها ردت بما لا يقل عن خمسة طلبات رفض. الملف من شأنه أن يطرح للنقاش في المحكمة العليا في 21 أيار الحالي.
نحن نعرف التحديات الأمنية للعمل في منطقة قتال، وعملنا بدون هوادة من اجل ابعاد زملائنا الفلسطينيين عن الإصابة. يوجد لمنظمتنا تجربة كبيرة من العمل في محيط متحد، ونحن نؤمن، وليس حكومة إسرائيل، أن من شأننا نحن أن نقرر أين نعمل وأي مخاطر يمكن أن نواجهها. نحن نؤمن بأن الحوار يمكن أن يحل كل المشكلات.
19 شهر من اسكات وسائل الاعلام هي فترة طويلة جدا. نحن نطلب من إسرائيل تطبيق مبادئها الديمقراطية المعلنة والسماح لنا بالدخول.