هآرتس: يوجد مخطوفون فلسطينيون في اسرائيل أكثر من المخطوفين الاسرائيليين في غزة

هآرتس 12/1/2025، جدعون ليفي: يوجد مخطوفون فلسطينيون في اسرائيل أكثر من المخطوفين الاسرائيليين في غزة
لا يوجد أي نضال اكثر عدلا من النضال على تحرير المخطوفين الاسرائيليين. فحبسهم اجرامي، رغم أن هذا النضال مشوب بالنفاق وعدم الاخلاقية. هو يميز بين دم ودم، بين انسان وآخر. لذلك فانه يصعب الانضمام اليه باخلاص وراحة. عائلات المخطوفين الاسرائيليين لا يمكن زيارتها، وهي تناضل على أغلى ما لديها. ولكن نضال الجمهور الواسع، الذي اصبح دوليا، لا يمكن أن يكون كامل من ناحية اخلاقية طالما أنه يركز فقط على مصير الاسرائيليين.
هناك 99 مخطوف اسرائيلي في أسر حماس، و10 اضعاف، وربما 100 ضعف، من المخطوفين الفلسطينيين في أسر اسرائيل. هؤلاء ايضا مخطوفون، بدون محاكمة أو محام أو زيارة الصليب الاحمر وهوية معروفة وابلاغ عائلاتهم. معظمهم ابرياء، مثل الاسرائيليين، ومعاملتهم بوحشية في الأسر لا تقل من معاملة حماس. تجاهل مصيرهم هو ازدواجية في الاخلاق في اسوأ الحالات.
في الخطاب الاسرائيلي لا يوجد أي ذكر للمخطوفين الفلسطينيين، حتى صفة مخطوفين لا يحصلون عليها. في نهاية المطاف من هو الدكتور حسام أبو صفية، مدير مستشفى كمال عدوان، اذا لم يكن مخطوف؟. في البداية حاولت اسرائيل اخفاءه، كعادة الانظمة الاكثر ظلامية، مثل حماس، الى أن اعترفت مؤخرا بحبسه. الخطر على حياته في السجن الاسرائيلي يشبه من حيث خطورته، الخطر على حياة كل مخطوف اسرائيلي في أسر حماس. على الاقل 68 مخطوف فلسطيني ماتوا في السجن بسبب التعذيب والعنف وعدم العلاج. اذا تم الاخذ في الحسبان حقيقة أن بعض المخطوفين الاسرائيليين قتلوا في عمليات الجيش الاسرائيلي فانه يمكن القول بأن اسرائيل تسببت بموت معتقلين لديها اكثر مقارنة بعدد المخطوفين الاسرائيليين الذين قتلتهم حماس في الأسر.
بالضبط مثلما يموت المخطوفون الاسرائيليون ويتم تعذيبهم بشكل لا يمكن تخيله، فانه هكذا يتم تعذيب وموت مئات المعتقلين الفلسطينيين في حظائر التعذيب الاسرائيلية. عائلاتهم لا يوجد لديهم أي معلومة عن مصيرهم. ولا أحد في العالم يناضل من اجل اطلاق سراحهم. المقال الصادم الذي نشره يونتان فولك أول أمس اظهر ظروف سجن الذين بقوا على قيد الحياة. لا يمكن تخيل ظروف اكثر وحشية. هل يمكن قراءة هذه الاوصاف المدهشة والقيام بوضع شريط اصفر على باب السيارة فقط من أجل مخطوفينا. هل يمكن النضال على اطلاق سراحهم وتجاهل المخطوفين في السجون الاسرائيلية.
نضال اسرائيل على اطلاق سراح المخطوفين لم يكن ليفقد اخلاقيته لو أنه شمل طلب اطلاق سراح المخطوفين الفلسطينيين. ترامب يهدد بجهنم اذا لم يتم اطلاق سراح المخطوفين الاسرائيليين قبل توليه منصبه. وماذا عن الفلسطينيين المخطوفين، يا سيدي الرئيس؟ هل لا يتعرضون هؤلاء للتنكيل المخيف؟ يجب قراءة شهادات فولك. “نحن لسنا بشر هناك. نحن لحم متعفن”، هكذا لخص المخطوف المحرر نزار. قائمة التجويع وجرائم السجانين والتعذيب لن تخجل حماس. في حالتنا الامر يتم على يد الدولة.
المكان الذي يحاول فيه المعتقلون الصراخ وطلب المساعدة عندما كان زميلهم يحتضر، وردا على ذلك يتم التنكيل بهم باستمرار، هو المكان الاكثر سخونة في جهنم. والمكان الذي يكدسون فيه البشر واحدا فوق الآخر وبعد ذلك يتم ضربهم بدون رحمة واطلاق الكلاب عليهم، هو مكان ليس أقل من جهنم انفاق حماس. هل يمكن لأحد تجاهل ذلك؟ هل من الاخلاقية تجاهل ذلك؟ هل من الحكمة تجاهل ذلك؟.
معاملة اسرائيل للمخطوفين الذين في ايديها فقط يقلص حقها في المطالبة بتحرير مخطوفيها. ابناء عائلات المخطوفين كان يجب أن يكونوا الاوائل الذين يعرفون ذلك. صحيح أنه في العالم لا يوجد حتى الآن أي نقاش حول المخطوفين الفلسطينيين – هم لا يوجدون بفضل اجهزة الدعاية المتقدمة لاسرائيل – وحتى الآن لا يمكن الموافقة على هذه الانتقائية الاخلاقية. معظمهم ليسوا من النخبة، وحتى النخبة توجد لها حقوق. هل هناك أحد مستعد لسماع ذلك؟.
مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook