هآرتس: يذبحون عشرات آلاف الاطفال والنساء ويحولون هذا الى قيمة
هآرتس 17/11/2024، جدعون ليفي: يذبحون عشرات آلاف الاطفال والنساء ويحولون هذا الى قيمة
يئير فايغلر، وهو مربي اسرائيلي ومدير عام منظمة “معلمون للتغيير”، عاد من خدمة طويلة في الاحتياط. “الرمال، الزيتون، كانتري، شاطيء البحر، الشجاعية، البريج، يارون، مارون الراس… المستوطنون، التل ابيبيون، المخلون من غوش قطيف، اخوة السلاح، رجال تعليم ورجال هايتيك… فصيل واحد للمدرعات”، هذا ما كتبه بشكل شاعري هذا المربي وكأنه شاب عاد من نزهة بعد الجيش وهو مسرور من المناطق التي زارها. الشجاعية؛ الوحدة. أي جيش وأي شعب يوجد لنا.
رئيس الحكومة السابق نفتالي بينيت سارع الى مشاركة اقوال رجل التعليم: “جيل أسود جاء لشعب اسرائيل. لا شك لدي بأن هؤلاء الاشخاص، المقاتلين ورجال الاحتياط، سيعودون الى الحياة المدنية كاشخاص مثاليين اكثر وسيهتمون بالمجتمع اكثر، وهم الذين سيبنون من جديد دولة اسرائيل لخمسين سنة قادمة. يوجد لدي أمل!”، كتب بينيت. حتى لو تجاهلنا الرحمة المعدية التي توجد في القبعة المنسوجة، فانه لا يمكن عدم الانزعاج من جنون الانظمة الذي يحدث أمام أنظارنا المندهشة والعاجزة. النهار هو ليل والليل هو نهار. التطهير العرقي والقتل الجماعي هي مثل عليا، وجرائم الحرب تنتج مواطنين افضل واكثر قيمة، هذا هو الأمل بالنسبة لبينيت.
أنت تقرأ ولا تصدق. هكذا عبر المربي في اسرائيل عن خدمته الاشكالية في الاحتياط، وهكذا رد أحد زعماء اليمين المعتدل. الأمل في ايجاد بديل. في اسرائيل 2024 ليس فقط لا توجد بداية لمحاسبة النفس بسبب ما فعله الجيش في غزة وفي لبنان – نحن تعودنا على ذلك – الآن يرفعون الجرائم والوحشية الى درجة القيم. قريبا دروس المدنيات، هكذا يذبحون عشرات الاطفال والنساء ويحولون ذلك الى قيمة. هكذا يدمرون البلاد ويحولون الاسرائيليين الى مواطنين افضل. الابادة الجماعية كسلسلة تعليمية.
من توقع ظهور مشاعر الندم والانتقاد الذاتي وعلامات استفهام اخلاقية يحصل على العكس بالضبط. ومن توقع مجيء جيل يصاب بالصدمة مما فعله، مع كوابيس لا تتركه وصراخ اثناء النوم بسبب الافعال الفظيعة، سيحصل على التفاخر الوطني. المثال الصهيوني الآن هو الحرب في غزة. جريمة فظيعة، هكذا ستعتبر في محكمة العدل الدولية، كل العالم صدم منها حقا، يتم رفعها لتصبح قيمة. جيل من الاسود ظهر لدينا.
جيل الاسود هذا لا ينظر مباشرة الى ما فعلع بيديه، هو جبان. يمكن فهم هذا القمع والانكار – بدونهما لا يمكن ادارة مثل هذه الحرب، حرب ليس لها هدف ومنفلتة العقال. ولكن اسرائيل اخذت هذا الامر الى مكان لا يمكن تخيله. نحن لم نتفاخر هنا في أي يوم بجرائم حرب فظيعة جدا. الضباط يتجولون بين الانقاض في غزة امام العدسات مثل الطاووس. لا يوجد أي مراسل طبي واحد ينقذ كرامة المهنة ويسأل عن سبب هذا التدمير وما الهدف منه، ما هي قانونيته واخلاقيته، وعن الحق في فعله. قوافل من البؤساء تمتد فوق الرمال، اشخاص يمشون على العكازات أو على الكراسي المتحركة أو على الحمير الجائعة، مستعدون للترديد في أذن المراسل اهود حمو كل ما يريد سماعه مقابل نقطة مياه – هو يسمي ذلك انجاز صحفي، وبسبب ذلك يأتي تفاخر حمو المهني. مشكوك فيه أنهم في التلفزيون الروسي كانوا سيتجرأون على بث مسرحية قبيحة كهذه من اوكرانيا. ربما هناك الخجل كان سيمنعهم. هنا لا يوجد خجل، سواء لحمو أو القناة 12 أو وسائل الاعلام أو فايغلر أو بينيت.
اسرائيل لم تفقد الخجل فقط، بل هي تتفاخر بافعالها. الاسرائيليون لم يعودوا يعتبرون الحرب شر لا بد منه، كأنه فرض علينا العيش فيه. الآن الحرب اصبحت نموذج قيمي، وقصيدة تعليمية. الترانسفير في شمال القطاع والمذبحة في جنوبه كارث وطني. قريبا ستأتي الالبومات والمتحف. وسيكون من الصعب جدا التعافي من ذلك. بينيت وعد بأن جيل الاسود هذا الذي لا توجد له بوصلة أو ضمير هو الذي سيبني الدولة في الخمسين سنة القادمة. تخيلوا: هناك ما ننتظره.