ترجمات عبرية

هآرتس: يجب هزم ايران هزيمة نكراء، لكن ذلك سيكون انتصار باهظ الثمن

هآرتس 15/6/2025، ديمتري شومسكييجب هزم ايران هزيمة نكراء، لكن ذلك سيكون انتصار باهظ الثمن

يصعب عدم التاثر بالمهنية والحرفية للمؤسسة الأمنية الإسرائيلية، بما في ذلك الفروع القيادية والكفاءة الاستثنائية في التخطيط والاعداد للهجوم المعقد والدقيق للبنية التحتية العسكرية الإيرانية، وكبار قادة النظام في ايران، إضافة الى المنشآت النووية وعلماء الذرة. مع ذلك، حتى لو كان رد الفعل التراكمي للجمهورية الإسلامية الإيرانية، التي تعرضت لضربات شديدة، اقل شدة مما كان متوقع فانه من الجدير البدء في تهدئة النشوة الإسرائيلية المناوبة. انتصار إسرائيل المنتظر على ايران قد تكون له عواقب وخيمة ومدمرة على مستقبل إسرائيل على المدى البعيد، الامر الذي يمكن أن يلقي بظلاله على الإنجازات المدهشة التي حققها الجيش الإسرائيلي في طهران ونتانز واصفهان.

أولا، يجدر الاعتراف بالامر المفهوم ضمنا: كل الفضل في نجاح الحرب ضد ايران سينسبه لنفسه المسؤول الأول عن الإخفاق في مذبحة 7 أكتوبر. بنفس السخرية النادرة التي تميز اشخاص قلائل ممن تدهورت حالتهم العقلية تماما، المسؤولة عن الشعور بالخجل، لن يفوت بنيامين نتنياهو فرصة ذهبية للتفاخر في كيفية “إعطاء التعليمات” لقوات الامن في الطريق الى عملية “شعب الأسود”، بينما يستمر في نفس الوقت بتحميل الجيش كل المسؤولية عن المذبحة. هذا يعني ان الإنجاز الملموس والفوري للهجوم الناجح في ايران قد ينعكس بزيادة فرص البقاء السياسي لرئيس وزراء الدمار الذي حدثت في عهده أسوأ كارثة للشعب اليهودي منذ المحرقة.

ثانيا، طالما ان الحديث يدور عن الامل بأنه في اعقاب الضربات العسكرية غير المسبوقة سيتنازل النظام الايراني عن طموحه الى الحصول على السلاح النووي، فان هذا ليس إلا وهم عبثي لا أساس له. لا شك ان الاستنتاج المنطقي الوحيد الذي سيتوصل اليه قادة النظام في ايران ومؤيديه إزاء هجوم إسرائيل هو أنه لو انه كان لدى ايران الآن قدرة نووية لما كانت إسرائيل ستتجرأ على مهاجمة ايران. من هنا فان سعي ايران للحصول على هذه القدرة لا يتوقع أن يضعف، بل بالعكس، هو سيتعزز من خلال استخلاص الدروس واتباع طرق عمل محكمة اكثر.

ثالثا، مظاهر التفوق العسكري لإسرائيل في مواجهة ما يعتبر في إسرائيل وبحق التهديد الوجودي الإيراني قد يعيد الى اذهان الاسرائيليين بشكل خاص وبشدة اكبر القدر الشرير والفاحش من الغطرسة تجاه الدول الجارة في المنطقة – نفس الغطرسة التي كانت بوضوح في مرمى نيران إسرائيل عشية 7 أكتوبر، التي كانت احد أسباب الكارثة الرئيسية.

كنتيجة لازدياد هذه الغطرسة، على خلفية رمزية لتاجيل مؤتمر الأمم المتحدة “التهديدي” حول حل الدولتين الذي نظمته السعودية وفرنسا، بسبب هجوم إسرائيل في ايران، فانه سيتم الدفع بالقضية الفلسطينية اكثر فاكثر الى الزاوية بمنظار إسرائيلي. هكذا، بشكل غير مباشر، سيساهم التغلب على التهديد الوجودي الإيراني في استمرار تجاهل تهديد وجودي لا يقل خطرا، وربما اكثر خطرا، وهو تهديد الاحتلال والاستيطان الانتحاري الذي يستمر في ارسال امتداداته القاتلة ال جسد الديمقراطية الإسرائيلية.

رابعا، التهديد الوجودي الاخر المدمر بشكل خاص، الذي وجوده يمكن أن يغيب عن عيون الإسرائيليين في ظل النشوة وفي اعقاب عملية “شعب الأسود”، هو التهديد الداخلي اليهودي، الذي ربما يمكن تسميته باسم الشيفرة الذي يبدو مشابها لاسم عملية “شعب الأسود”. في الأسبوع الماضي ظهر هذا التهديد بكل رعبه في الكنيست، في جلسة نقاشات اللجنة الفرعية للفكر اليهودي في نظام التعليم برئاسة النائبة غاليت ديستل اتبريان (الليكود)، التي شبهت، كما نتذكر، اليهود الإصلاحيين بالكلاب في الجلسة، واخرجت عضو الكنيست الحاخام جلعاد كريف (العمل) من الجلسة وقالت: “اخرجوا هذا الإصلاحي المتنور الى الخارج، اليهود هنا يريدون المواصلة”. ديستل اتبريان التي في حينه عبرت عن الانفعال غير المخفي من التعصب الاصولي لحماس، أعلنت بالفعل على رؤوس الاشهاد عن اخراج اليهود الإصلاحيين من إسرائيل بسبب عيب التنور الموجود فيهم. يمكن الافتراض انه طالما ان “اليهودية” المتوحشة والظلامية بهذه الصيغة أو بصيغة ديستل اتبريان ستسيطر على كل مجالات حياتنا وستبعد من المجموع اليهودي الإسرائيلي كل من هم غير قادرين على التساوق مع خطها بسبب تنورهم،  وهكذا سيبقى في دولة اليهود بالأساس الذين يقومون بتقبيل المازوزة (التعويذة).

هؤلاء اصبحوا منذ فترة ليس ثلة، والسلاح الوحيد الذي سيكون لديهم من اجل مواجهة التهديدات الوجودية الخارجية، مثل تهديد ايران، هو تقنية السحر والاصنام على أنواعها، التي تتقنع بقناع اليهودية، والتي سيمارسونها في توجيهات كاريكاتيرية من مثقفين مثل ديستل اتبريان.

هكذا فان السخرية الوحشية في الواقع الإسرائيلي لا تعطي مكان للاوهام: لا يوجد امامنا أي خيار إلا الانتصار بشكل ساحق وقاطع في الحرب ضد ايران. ولكن الاحتمالية الغالبة هي أن هذا الانتصار سيظهر في نهاية المطاف بأنه انتصار باهظ الثمن.

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى