هآرتس: يجب ايضا التحقيق في الفشل في الشمال

هآرتس 10/4/2025، اسحق بريك: يجب ايضا التحقيق في الفشل في الشمال
في الاعوام 2008 – 2019 توليت منصب المسؤول عن شكاوى الجنود. وضمن امور اخرى، فحصت وحققت في مئات القضايا النظامية في الجيش الاسرائيلي، مثل المنظومات القتالية، المنظومات اللوجستية والصيانة، منظومات التدريب ومنظومات التكنولوجيا والبنية التحتية العسكرية، المنظومات المساعدة للقتال ومخازن الطواريء. أنا قدمت للجيش تقارير عن كل التحقيقات، وطرحت فيها المشكلات التي وجدتها والحلول التي اوصيت بها. الجيش قام بعلاج معظم المواضيع واستثمر في ذلك الكثير من الاموال، لكن بسبب الثقافة التنظيمية المعيبة فان بعض المواضيع التي تم علاجها تدهورت مرة اخرى الى الخلف.
في كانون الثاني 2018 طلب مني وزير الدفاع في حينه افيغدور ليبرمان فحص جاهزية الجيش الاسرائيلي للحرب في قيادة المنطقة الشمالية امام حزب الله على الحدود مع لبنان وأمام السوريين في هضبة الجولان. قمت بزيارة جميع مواقع الجيش الاسرائيلي، على مستوى السرايا، على طول الحدود مع لبنان امام حزب الله وعلى طول الحدود مع سوريا في هضبة الجولان. في كل موقع تواجدت اربع ساعات واستجوبت الضباط والجنود في كل القضايا العملياتية للجاهزية، الدفاع والهجوم، بما في ذلك الدوريات على طول الجدار والأمن الجاري وحشد القوات للحرب والاحتياطي وما شابه.
النتائج كانت صادمة للاسوأ. كان هناك نقص مطلق في الجاهزية لشن حرب، سواء الدفاع أو الهجوم، في قيادة المنطقة الشمالية. قمت بعرض النتائج القاسية على ليبرمان، وخلال ذلك قام باستدعاء رئيس الاركان في حينه غادي ايزنكوت، وقائد المنطقة الشمالية في حينه الجنرال يوئيل ستريك، من اجل استيضاح الامور بمشاركتي. بدلا من قبول رئيس الاركان وقائد المنطقة الشمالية نتائج الفحص، والاسراع الى اصلاحها، حاولا التملص من النتائج القاسية للفحص، وتقديم مبررات كثيرة مختلفة خلال فترة خدمتهما. والاساس هو أنه لم يتم فعل أي شيء لتحسين الوضع.
في 30 كانون الثاني 2024 نشر في موقع “واي نت” نبأ يقول إنه في تموز 2023 (قبل ثلاثة اشهر على هجوم حماس)، قام مراقب الدولة نتنياهو انغلمان باجراء زيارة تفتيش في الشمال لفحص استعداد الجيش لمواجهة مع حزب الله. وقد قال إن “الوضع مقلق”. في مركز التقرير كان انتقاد شديد للاخفاق في جاهزية الجيش للحرب في قيادة المنطقة الشمالية على طول الحدود مع لبنان امام حزب الله.
التقرير الذي قام باعداده مراقب الدولة ومساعديه تم نقله للحصول على الرد من رئيس الحكومة نتنياهو ووزير الدفاع في حينه يوآف غالنت، قبل هجوم حماس في الغلاف. قائد قيادة المنطقة الشمالية في حينه اوري غوردن، الذي تم تعيينه في 11 ايلول 2022 وما زال في المنصب حتى الآن، لم يقم باصلاح أي اخفاق من هذه الاخفاقات. وحتى كتابة هذه السطور توجد سرية مفروضة على نشر التقرير، لأن رئيس لجنة مراقب الدولة في حينه ميكي ليفي فرض السرية عليه ولم يتم اتخاذ قرار برفعها حتى الآن.
تقرير “اخبار 12” كشف المشاعر القاسية في مكتب رئيس الاركان في صباح 7 اكتوبر. “لو أن حسن نصر الله هاجم لكنا شاهدنا سيارات التندر لقوة الرضوان في حيفا الآن”، تم اقتباس هرتسي هليفي. هكذا وصف الخوف من الهجوم المشترك لحماس وحزب الله.
خلال سنوات اصدرت عشرات التقارير عن عدم جاهزية الجيش للدفاع أو الهجوم في المنطقة الشمالية، على الحدود مع لبنان وفي هضبة الجولان وفي كل حدود اسرائيل الاخرى. قمت بنشرها وعرضها على رؤساء الحكومات ووزراء الدفاع ووزراء واعضاء مجلس الامن القومي ورؤساء لجنة الخارجية والامن التابعة للكنيست واعضاء اللجنة ورؤساء الاركان والجنرالات. وقد حذرت من الوضع البائس، وحذرت من أنه اذا اندلعت الحرب فان قوة الرضوان التابعة لحزب الله ستقوم باحتلال الجليل، مواقع الجيش الاسرائيلي والمستوطنات في الشمال، ولا يمكن تجنيد الاحتياط، وأن هذا الاحتلال سينزل كارثة على الشمال وعلى كل الدولة.
إن فشل اهتمام الحدود هو امر مشترك بين الحدود الشمالية والحدود الجنوبية. لذلك اندهشت من اكتشاف أنه رغم وعي الجيش لهذا الامر، إلا أنه في جميع التحقيقات التي يقوم بها الجيش الآن لا توجد أي نظرة للفشل في قيادة المنطقة الشمالية، الذي نجت فيه الدولة من الاحتلال بمعجزة فقط. يضاف الى هذا التقصير أن مصدر الفشل الذي اشارت اليه التحقيقات في الجنوب لا يوجد على الحدود الشمالية. مثلا، لم يتم الزعم بأن حزب الله لا يهتم بالمواجهة (العكس هو الصحيح: قبل 7 اكتوبر، في فترة الاحتجاج، تم الزعم بأن حزب الله مستعد للمواجهة). ولم يزعم أحد بأن ارهابيي حزب الله تم ردعهم، كما يزعمون بشأن ارهابيي حماس. اضافة الى ذلك لم يزعم أحد بأن حزب الله يهتم بالاستفادة من اقتصاد لبنان (كما تم الزعم بشأن حماس في قطاع غزة). فشل 7 اكتوبر هو فشل مشترك بين الشمال والجنوب، والفرق في النتائج الصعبة يعود الى الحظ الكبير والمعجزة في الشمال. من هنا يجب ايجاد سبب الفشل على هذه الحدود.
في قضية الشمال لا يقومون بفحص الجيش الاسرائيلي إلا في الاماكن التي تحدث فيها كارثة. هناك ايضا يجري التحقيق بشكل عشوائي بدون عرض الدروس وتصحيحها. ولا حاجة الى القلق بشأن نقاط الضعف الاخرى التي كان يمكن أن تصيبنا بسببها كوارث اخرى، قد تصل الى مستوى الكارثة الرهيبة للبلاد، والجيش الاسرائيلي كان يعرف أن حزب الله غير مرتدع وأنه كان يستعد لمهاجمة اسرائيل، ومع ذلك هو لم يفعل أي شيء لمنع الضربة.
عندما ادرك المسؤولين العسكريين الكبار بأن الحدود الشمالية غير جاهزة للدفاع فضلوا الاعتماد على المعجزات، وردوا بغطرسة وغرور والتهرب من المسؤولية. حتى بعد حدوث الكارثة هم يعالجون فقط الاماكن التي حدثت فيها الكارثة ولا يقومون باعداد الجيش للدفاع عن كل حدود اسرائيل. الحدود الشمالية والشرقية، سوريا والاردن، حيث لا توجد هناك قوات على الاطلاق، وعلى الحدود الغربية مع مصر.