ترجمات عبرية

هآرتس: يجب التحقيق في قتل وتجويع الأبرياء، اذا لم يكن في اسرائيل ففي لاهاي

هآرتس – مقال – 22/5/2024، نوعا لنداو: يجب التحقيق في قتل وتجويع الأبرياء، اذا لم يكن في اسرائيل ففي لاهاي

مصالح بنيامين نتنياهو واضحة، وقد تم قولها بشكل صريح في رده على قرار المدعي العام في محكمة الجنايات الدولية اصدار مذكرات اعتقال ضده وضد وزير الدفاع يوآف غالنت. تحويل لائحة الاتهام ضد سياسته الى لائحة اتهام ضد دولة اسرائيل وللجمهور الاسرائيلي. “الامر السخيف والكاذب للمدعي العام في لاهاي غير موجه فقط ضد رئيس الحكومة الاسرائيلية ووزير الدفاع، بل هو موجه ضد كل دولة اسرائيل… ضد جنود الجيش الاسرائيلي الذين يحاربون ببطولة كبيرة قتلة حماس الحقيرين الذين قاموا بالاعتداء علينا بوحشية في 7 اكتوبر”، كما قال.

لكن ما العمل؟ خلافا للاجراءات في محكمة العدل الدولية فان الاجراءات في محكمة الجنايات الدولية هي شخصية بالتحديد وليست ضد الدول. نتنياهو يريد بيعنا، بروحية المقولة الفرنسية المحببة عليه “أنا الدولة”، وأننا جميعا، جميع الاسرائيليين، وبالاساس كل جندي ومجندة، يمكن أن نقف في القريب الى جانبه على كرسي الاتهام في هولندا. في حين أنه في الواقع الاوامر المطلوبة والمحاكمة التي ستأتي في اعقابها اذا تم اصدارها اصلا، تتناول مسؤوليته الشخصية ومسؤولية غالنت في وضع وتنفيذ السياسة العسكرية في قطاع غزة. 

صحيح أن الملف الاسرائيلي – الفلسطيني ليس ملف ديكتاتور متهم بارتكاب جرائم ضد ابناء شعبه، وأن دعم اسرائيل للحرب في غزة، سواء من المؤسسات أو من الشعب، كبير جدا، تقريبا مطلق. وحتى الآن المدعي العام يريد تقديم للمحاكمة بشكل محدد نتنياهو وغالنت، وليس الجندي الاسرائيلي العادي الذي يقف في اسفل السلسلة، وليس كل دولة اسرائيل. لذلك، لا يوجد أي سبب لتصديق هذا الكذب. هذه الاجراءات ليست “ضدنا جميعنا”، بالضبط مثلما هي المحاكمة التي تجري هنا في اسرائيل ضد نتنياهو ليست لائحة اتهام ضد كل مؤيديه، كما يحاول الادعاء حتى في هذه الحالة. 

نسخة مخففة للكذب، الذي يكتسب الآن جاذبية واسعة، هي أن نتنياهو قاد دولة اسرائيل الى لاهاي. نحن عدنا وحذرنا، يقولون الآن في الوسط السياسي ومرورا باليسار، بأن سياسته السيئة ستقودنا الى هناك، وها هو الكابوس قد تحقق. اضافة الى أن هذه المقاربة تستنسخ بشكل اكثر دقة لائحة دفاع ننتنياهو، فهي تتضمن الادعاء بأن المشكلة هي مجرد الاجراءات، وليس السياسة السيئة التي أدت اليها، وكأن التداعيات هي المشكلة وليس الافعال.

حملة نتنياهو هذه تسقط على ارض خصبة عاطفيا، الكثير من الاسرائيليين غاضبين من المقارنة التي اجراها المدعي العام كريم خان بين زعماء حماس وزعماء اسرائيل. هذه المقارنة كما يبدو هي التي أدت أيضا الى الانتقاد في العالم. ولكن على فرض أن البيان لم يكن يدمج كل طلبات الاوامر في ملف اسرائيل – فلسطين، فان معظم الاسرائيليين كانوا سيغضبون لأنهم يؤمنون بأن هذه الحرب هي حرب مبررة، واذا تم اتهام نتنياهو، أو حتى تمت ادانته بجرائم حرب، فان هذا دليل على أننا “جميعنا” قمنا بارتكابها، سواء من خلال المشاركة في القتال أو تأييده. 

حول ذلك يجب العودة والتذكير: هدف القانون الدولي هو تنظيم الحروب وليس اوقات السلام. تنظيم ما هو مسموح وما هو ممنوع حتى في الحروب الاكثر عدالة. ليس مجرد القتال هو الذي سيقدم للمحاكمة، بل الطريقة التي تمت ادارته بها، وليس على يد الجندي العادي، بل على يد القادة.

يجب ايضا أن نذكر بأن حقيقة أن حماس ارتكبت جرائم فظيعة لا تعطي الضوء الاخضر لكل رد اسرائيلي. وفوق ذلك يبدو أنه يجب التذكير بأن سياسة القتل الجماعي والتجويع للمدنيين الابرياء، ومن بينهم آلاف الاطفال، من الجدير مبدئيا التحقيق فيها، اذا لم يكن في اسرائيل ففي لاهاي. اذا جلس نتنياهو هناك على كرسي الاتهام فأنا لن اشعر للحظة بأن هذه المحاكمة هي ايضا ضدي. ومن يشعر بأنه متهم بأي شيء فليسأل نفسه لماذا.

 

مركز الناطور للدراسات والأبحاث  Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى