هآرتس: يجب ألا ننسى الخطر الايراني على البلاد بسبب التشريعات القضائية
هآرتس 19-8-2023، بقلم إبراهام غوفير: يجب ألا ننسى الخطر الايراني على البلاد بسبب التشريعات القضائية
إن توصل إيران إلى القنبلة النووية في ظل النظام الحالي هو تهديد وجودي خطير على إسرائيل، لا يجب التسليم به بأي شكل من الأشكال. ميزان الرعب النووي أمام نظام متعصب – مسيحاني لديه أيديولوجيا شيطانية، ويفعل كل شيء من أجل بقائه، هو رهان خطير على مستقبلنا. عندما تصبح إيران نووية فإن استراتيجيتها المتمثلة في تطويق إسرائيل بواسطة امتداداتها في المنطقة وتهديد الصواريخ وتشجيع الإرهاب، ستحظى بدعم نووي، وستصطدم نشاطات الجيش الإسرائيلي الوقائية بقيود لانهائية من الداخل والخارج خوفاً من اشتعال حرب نووية.
زميلي الدكتور نور شمير، نشر في “هآرتس” مقالات حول هذا الأمر (“هجوم على إيران في المدى المنظور؟ لا توجد احتمالية لذلك”، “هآرتس”، 21/6، و”النووي الإيراني لا يعتبر تهديداً وجودياً. نحن بحاجة إلى استراتيجية مختلفة”، 8/7/2021). هذان المقالان وأمثالهما يمثلان قراءة خاطئة للوضع الاستراتيجي – الأمني في إسرائيل. من الجدير عرضه في هذه الصحيفة التي لها تأثير كبير أيضاً موقف مختلف: ما زالت إسرائيل قوية بما فيه الكفاية لكي تضع مصيرها في يد إيران نووية. إن تعزيز التحدي الذي يمنع تسلح إيران نووياً يشمل تجاهل كونه تهديداً وجودياً، ويسعى لتقويض موقف أجهزة الأمن ويضعف مناعة الجمهور، الذي سيضطر إلى تحمل نتائج حرب في المنطقة في المستقبل المنظور.
أنا لا أختلف على أساس الحقائق والصعوبات التي تكتنف الهجوم على إيران: نعم، هناك صعوبة تقنية في ضرب مواقع تخصيب اليورانيوم التي تم دفنها عميقاً تحت الأرض، وثمة مخزون كبير لإيران يصعب العثور عليه من اليورانيوم المخصب بمستوى 90 في المئة تقريباً للاستخدام العسكري، ولا توجد الآن شرعية دولية، لا سيما من جهة الولايات المتحدة، وبالأساس يتوقع أن يلحق ضرر كبير بالسكان المدنيين بواسطة سلاح إيران و”حزب الله” والتوابع الأخرى التقليدية، بما في ذلك مخزون كبير من الصواريخ والصواريخ الدقيقة والحوامات.
هذه الحقائق مقلقة، ولا مكان للاستخفاف. الادعاء المضاد الحاسم هو أنها أخطار تتفاقم أضعافاً عندما تملك إيران سلاحاً نووياً فعالاً في المدى غير المعروف، لكنه مدى منظور للعين. من يتجاهل ذلك إنما يدفن رأسه في الرمل كالنعامة.
يجب التوضيح بأن إيران يمكنها الآن تخصيب ما يكفي من اليورانيوم للتسليح العسكري خلال شهرين بواسطة أجهزة الطرد المركزي السريعة التي طورتها في ظل الاتفاق النووي الفاشل من العام 2015. ولكن تخصيب اليورانيوم لا يعتبر سلاحاً نووياً. لا أحد منا يعرف متى ستعرض إيران السلاح النووي، وتجري تجربة نووية أو تصل إلى مرحلة النضوج لهجوم على سطح الأرض مع الغموض. إلى جانب التخمين، لا نعرف إذا كانت إيران نجحت في استكمال جهاز التفجير وعملية التصغير ومقاومة التسارع العالي المطلوبة لسلاح نووي فعال، وإذا كان هذا سيحدث خلال بضعة أشهر أو سنوات. المؤكد أنه موعد آخذ في الاقتراب في وقت ننشغل فيه بالانقلاب القضائي والاحتجاج والصراع ضد الإرهاب الفلسطيني.
نظرية بن غوريون الأمنية جُعلت لاستباق الرد على الضربة، وبالتأكيد بخصوص تهديد نووي من قبل جهة تهدد إسرائيل. وبناء على ذلك، لن تبقى إسرائيل سلبية ولن تنتظر إلى حين يتلاشى تفوقها العسكري النسبي عن طريق تسلح نووي معاد. في المقابل، لن تتنازل سلطة آية الله عن نية تحويل إيران إلى دولة نووية إقليمية عظمى والسعي لتدمير إسرائيل “الشيطان الأصغر”. لذلك، هناك احتمالية لاندلاع حرب في المدى المنظور (أشهراً أو سنوات معدودة)، سواء بسبب هجوم مباشر على إيران أو بسبب رد عنيف من قبلها ومن قبل توابعها. يتوقع أن تجبي هذه الحرب ثمناً دموياً غير مسبوق من أرواح المدنيين. قدرة صمود إسرائيل في مثل هذه الحرب مشروطة بالتماسك الوطني.
أخطار الهجوم على إيران وقيودها معروفة لمن يتحملون مسؤولية مستقبل الدولة. ولكن في أيديهم أيضاً معلومات علنية أقل عن الوضع العسكري وعن نوايا العدو وعن اتفاقات سياسية سرية وعن قدرات إسرائيل. لذلك، هم ليسوا مؤهلين إلا لاتخاذ قرار هل ومتى وكيف يمكن الإضرار بالمشروع النووي الإيراني. ثمة تصريحات تقول بشكل قاطع خلافاً لتصريحات رئيس الأركان وكبار أعضاء المؤسسة الأمنية بأنه لا فرصة لعملية إسرائيل لمنع التسلح النووي لنظام آية الله، أو أن مثل هذا التسلح النووي لا يشكل أي تهديد وجودي، ألحق ضرراً مباشراً بقدرة صمود ومناعة الجمهور. وهي أيضاً تضر بحرية العمل المطلوبة عندما يحين الوقت. ويواجه متخذو القرارات خطر حدوث انقلاب مصيري في وضع إسرائيل الأمني الاستراتيجي في المنطقة.
انقسام الشعب وحرب الجميع ضد الجميع حول مواضيع التشريع القضائي والمساواة في تحمل العبء (المهمة بحد ذاتها)، يحتل كل الاهتمام العام. محظور أن يعتم على الخطر الأساسي الملموس الذي يهدد الدولة: مهاجمة عسكرية مع المحور الإيراني في المستقبل المنظور، حتى قبل أن تصبح إيران دولة نووية. لا يمكننا الصمود أمام هذا التحدي الوطني بدون وحدة وطنية. مطلوب تهدئة في مواضيع المواجهة السياسية الحالية من أجل أن يتم اتخاذ القرارات في المواضيع الرئيسية للحرب بصورة مدروسة وباتفاق واسع ومن خلال المصير المشترك.
مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook