ترجمات عبرية

هآرتس: يئير غولان يمكنه اعادة تأسيس اليسار الصهيوني

هآرتس 1/9/2024، ديمتري شومسكييئير غولان يمكنه اعادة تأسيس اليسار الصهيوني

كان منعشا ومثيرا للأمل أن اقرأ هنا اقوال رئيس حزب “الديمقراطيين” يئير غولان (“هآرتس”، 18/8). غولان الذي يترأس الآن حزب اليسار السياسي نشر مقال دون أن يذكر حتى ولو بكلمة واحدة الافق السياسي المحتمل أو قضية سيطرة اسرائيل على الفلسطينيين (الاحتلال) أو حل الدولتين – حتى ولا بصيغته المحافظة مثل “الانفصال”.

للوهلة الاولى يبدو أنه يوجد مكان للصراخ في وجهه على ذلك. ولا شك أن هذا التفكير قد مر في عقل عدد من المصوتين القدامى والمخلصين لحزب ميرتس، رحمه الله. ولكن الزعامة، لا سيما زعامة معسكر سياسي جريح يطمح الى ترميم نفسه من الانقاض وأن يقود في يوم ما الدولة نحو حسم وجودي بين ضياع مسيحاني وواقع وطني عقلاني، يتم قياسها قبل أي شيء آخر بالقدرة على التمييز بين الاساسي والهامشي في لحظة تاريخية معطاة. 

هذه القدرة يظهرها غولان بشكل يثير الانفعال: في حين أن قضية التسوية السياسية تم ابعادها بعد فظائع 7 اكتوبر الى المستقبل غير المنظور، حتى أكثر مما كان في السابق، فان المهمة الاكثر الحاحا الآن هي انهاء الحرب عديمة الجدوى وتحرير المخطوفين واعادة عشرات المخلين من الشمال والجنوب الى بيوتهم.

غولان، الذي المجال الامني هو الذي يعتبر تخصصه الواضح، ذكر بالتفصيل كل اخفاقات المعركة المتواصلة من اجل بقاء رئيس حكومة الدمار. هو يلاحظ توجهات انهيار المناعة العسكرية والمدنية التي ينطوي عليها استمرار الحرب، ويشرح بشكل ملموس لماذا الدفع قدما بالصفقة ليس “فقط” الامر الصحيح من ناحية اخلاقية، بل هو ايضا سيشكل نقطة الانطلاق لاعادة الترميم العسكري والمدني للدولة.

عند قراءة اقواله يصعب عدم التساؤل لماذا الاحزاب الهوائية مثل “يوجد مستقبل” و”المعسكر الرسمي” ما زالت تحتل مكان على الخارطة السياسية. في نهاية المطاف غولان يفهم في الامن أكثر من رؤساء يوجد مستقبل، وليس أقل من جنرالات المعسكر الرسمي. هو لا يبيع الجمهور اوهام بأن الصفقة ستضمن الهدوء وستبقي وراءنا الحاجة الى المواجهة العسكرية، بل هو يتحدث فقط عن “هدنة طويلة”، التي “ستمكن المواطنين والسلطات المحلية ومنظمات الطواريء المدنية وكل من يخدمون الجمهور من الترميم المادي والنفسي المطلوب”. 

عندما أراد نتنياهو تعزيز وتطوير بشكل غير مباشر الاعداء اللدودين لاسرائيل بهدف اضعاف العناصر المعتدلة في المنطقة، وافشال أي امكانية لاقامة الدولة الفلسطينية، نجح نتنياهو في ذلك أكثر مما هو متوقع. النتيجة القاتلة هي أنه بمباركته الهادئة في اطار تصوره لتعزيز المتطرفين، نمت حماس وحزب الله ايضا بأبعاد وحشية، الى درجة تطوير قدرات عسكرية نوعية تكفي لأن تشوش لفترة طويلة روتين الحياة لعشرات آلاف المواطنين الاسرائيليين. المواجهة العسكرية مع النسخ الفلسطينية والاقليمية للكهانية يتوقع أن تستغرق وقت. وبالذات من اجل الاستعداد لها بشكل افضل فاننا نحتاج الآن حسب غولان الى وقف طويل لاطلاق النار.

غولان يتحدث بلغة واضحة وخالية من الضجة والتحريض القومي، وتركز على المهمات الامنية القابلة للتحقق. هذه اللغة يمكن أن تتحدث لقلوب مصوتي يوجد مستقبل، وعدد غير قليل من مصوتي المعسكر الرسمي، وهي الاحزاب التي لا توجد لها رؤية سياسية، وتتلعثم وتتردد في المجال الامني. واذا استمر في التحدث بهذه اللغة فان هناك احتمالية جيدة لنمو “الديمقراطيين” على حسابها قبل موعد الانتخابات القادمة.

في نفس الوقت غولان بقي رجل اليسار السياسي الذي يعتبر الانفصال السياسي المتفق عليه عن الشعب الفلسطيني واقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح وتحب السلام الى جانب دولة اسرائيل فان الطريقة الفعلية والاخلاقية الوحيدة هي استمرار بقاء المشروع الوطني الصهيوني. الجمهور الذي سيسير خلفه بفضل البشرى الامنية يمكن بالتأكيد أن يبقى معه عندما ستنتصر فكرة الدولتين، حتى لو كان ذلك في المستقبل البعيد، على فكرة حماس في الطرف الفلسطيني وتوأمها الكهاني – البيبي في الطرف الاسرائيلي.

غولان يتحدث عن الحاجة الى اعادة بناء عسكري ومدني، لكن يجب الأمل في أنه بفضل اجندة مسؤولة ومتزنة ومنفتحة الى قلوب الاجزاء المعتدلة في المتجتمع الاسرائيلي. وسيكون بامكانه هو وحزبه أن يدفعوا قدما ايضا بالترميم السياسي للدولة، الامر الحيوي جدا بالنسبة لها. اساسه  الاجتثاث الانتخابي لاحزاب، ليست احزاب من الوسط السياسي، واعادة اقامة يسار صهيوني مدني وديمقراطي، يتحدث بلغة أمنية ولكن ليس عسكرية، ولا يتنازل عن التعبير الفكري الدقيق والبديل للرؤية الطبيعية الصهيونية في هذه الايام: دولتان لشعبين “من النهر الى البحر”.

ربما الى جانب ذلك سينمو من جديد بدلا من وحش بيبي الذي سيتم القضاء عليه، معسكر اليمين الرسمي الحقيقي برئاسة يمينيين عقلانيين ومستقيمين مثل نفتالي بينيت، الذين يختلفون مع الديمقراطيين حول جوهر مصلحة الدولة والشعب، لكنهم على قناعة مثلهم بأن مصلحة الدولة والشعب، وليس مصلحة الزعيم والعائلة والقبيلة، هي التي يجب أن تقف على رأس سلم اولويات من يخدمون الجمهور. اذا حدث ذلك فانه عندها يمكن القول بأن ترميم الدولة بدأ السير في الطريق الصحيحة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى