ترجمات عبرية

هآرتس – يئير غولان هو نبتة غريبة في ميرتس

هآرتس – بقلم  ديمتري شومسكي  – 19/4/2021

” يجب على حزب ميرتس تشكيل حزب يهودي – عربي حقيقي. وقد سبق لنا ورأينا ماذا حدث لمحاولات تشكيل حزب يساري كبير مثلما يتخيل غولان “.

       في مقاله في الاسبوع الماضي، الذي دعا فيه الى الوحدة بين ميرتس والعمل لتشكيل “حزب يسار واحد كبير” (“هآرتس”، 13/4)، فان عضو الكنيست يئير غولان (ميرتس) لاحظ بصورة صحيحة الحاجة الملحة الى التجدد واعادة بلورة اليسار في اسرائيل. ولكن المقال ارتكز الى تحليل متحيز وخاطيء للتوجهات والعمليات السياسية في اوساط اليسار، وبناء على ذلك يطرح حلم مضلل ومقطوع عن الواقع.

       غولان يقول إن نتائج الانتخابات الاخيرة تظهر أن اعادة تشكيل حزب ميرتس كحزب يهودي – عربي هي عديمة الجدوى. ولكن هذا الادعاء يعكس اخفاقات جوهرية. الاول يتعلق بالحقائق والثاني هو تحليلي. أولا، الحقائق. ميرتس 2021 ليست حزب يهودي – عربي، بل حزب يهودي عربي في طور التشكل. ووضع مرشحين عربيين في الخمسة الاوائل في قائمة مرشحيه للكنيست، فانه لم يحول ميرتس بأي شكل من الاشكال الى حزب يهودي – عربي. هذا كان خطوة مهمة في هذا الاتجاه، لكن حتى الآن هي خطوة غير كافية. أي أنه خلافا لاقوال غولان، فان طريقة العمل لتجدد ميرتس على شكل حزب شراكة عربي – يهودي لم تجرب بعد، وبالتأكيد لم يتم استنفادها. لذلك، لا يمكن التقرير بأن الامر يتعلق بطريقة فشلت.

       ثانيا، اذا كان يمكن أن نتعلم، رغم ذلك، أي شيء من نتائج الانتخابات بخصوص ما يعتمل في قلب جمهور مؤيدي اليسار الايديولوجي في اسرائيل، فان النتيجة المطلوبة هي عكس ما استنتجه غولان: لم يعط من صوتوا لميرتس “بطاقة صفراء”، بل ضوء اخضر لمواصلة اعادة بنائه كحزب عربي – يهودي. حيث أنه مقارنة مع الانتخابات التي جرت قبل سنة والتي فيها طمس ميرتس هويته الايديولوجية في اطار القائمة الثلاثية الى جانب العمل وغيشر، وفاز بثلاثة مقاعد، فان ميرتس الحالي ضاعف قوته عندما تبنى بصورة واضحة خط الشراكة اليهودي – العربي.

       لا يوجد خلاف على أنه منذ فترة طويلة هناك حاجة الى اجراء تغيير عميق في اساليب عمل بقايا اليسار الاسرائيلي. ولكن يجب أن تقود هذه التغييرات احزاب اليسار واحزاب الوسط – يسار في مسار لتوسيع الصفوف وليس في اتجاه تقلصات طوعية. أمام تحدي سحب اصوات الجمهور المعتدل، الى جانب الاكثر يسارية من الخارطة السياسية، يجب العمل بنوع من حركة الكماشة: من جهة، يجب على ميرتس الانحراف اكثر فأكثر نحو اليسار باتجاه الشراكة العربية – اليهودية والنضال ضد العنصرية والاحتلال، من اجل زيادة قوته في اوساط المواطنين العرب، ليس فقط بين خائبي الامل من القائمة المشتركة، بل مثلما اشار بصورة صحيحة عضو الكنيست موسي راز، في رده على مقال غولان – أيضا لدى المواطنين العرب الذين حتى الآن امتنعوا عن التصويت في الانتخابات.

       في موازاة ذلك، يجب على حزب العمل العودة ليكون حزب التسوية السياسية، الذي يسعى بدوافع براغماتية الى تقسيم البلاد ومحاولة اقناع مؤيدي “يوجد مستقبل” بأن المهمة الحيوية والملحة جدا بالنسبة لقيادة الدولة هي اعفاء الاجيال القادمة من الاسرائيليين من رعب البلقنة والابرتهايد ثنائي القومية. صحيح أن الامر يتعلق يمنحدر زلق لأن ناخبي الوسط يتمسكون بأسطورة “لا يوجد شريك فلسطيني” أو يفترضون أن الفصل والتعاون الامني مع السلطة الفلسطينية من اجل ضمان استمرار الهدوء والازدهار للاسرائيليين. ولكن رئيسة حزب العمل، ميراف ميخائيلي، سبق لها واثبتت بأن السياسة هي احيانا فن غير الممكن، عندما انقذت حزبها من الضياع خلافا لجميع التنبؤات. لذلك، يمكن الافتراض بأنها ستعرف كيف تحارب بحزم وتصميم ونجاعة كي تحصل على دعم مؤيدي لبيد.

       إن بوادر هذه التغييرات كان يمكن رؤيتها بوضوح في الانتخابات الاخيرة، عندما اظهر ميرتس التزامه بالنضال ضد الاحتلال وضد الابرتهايد ومن اجل شراكة يهودية – عربية، في حين أن حزب العمل طرح نفسه كحزب يسار – وسط رابيني. ولكن غولان يصمم على قتل هذه البوادر في مهدها عن طريق جر اليسار الى سلالة من النموذج الفاشل للعمل – غيشر – ميرتس الذي اوصله الى شفا الفناء.

       “حزب يسار واحد كبير”، الذي يتخيل غولان أن يقوم على انقاض حزب العمل وحزب ميرتس، اللذين أنهيا كما يبدو دورهما التاريخي، يمكن أن يتبين بأنه حزب صغير ونحيف: بسبب التخلي عن النضال ضد الاحتلال من برنامجه السياسي، هو سيبعد مصوتي اليسار الايديولوجي ليعودوا الى احضان القائمة المشتركة. ومن جهة اخرى، بسبب صورة الماضي “الميرتسية” التي ستلتصق به، هو سيجد صعوبة في جذب اصوات من اليسار.

       هناك أمر واحد غولان محق فيه بدون ادنى شك: خطوة التوحد مع بقايا اخرى من اليسار قبل الانتخابات هي حقا الامر الفاشل بالنسبة لميرتس. هذه هي المشكلة. يجب علينا الذكر بأن غولان نفسه جاء الى ميرتس كجزء من نفس هذه العملية الفاشلة بعد أن شكل هو واهود باراك، الذي تمثلت خبرته الاساسية في السياسة الاسرائيلية بتخريب اليسار من الداخل، في حزيران 2019 حزب “اسرائيل ديمقراطية”، وهو الحزب الصغير الذي انضم لميرتس في اطار “المعسكر الديمقراطي”، الذي في انتخابات ايلول في نفس السنة حصل على خمسة مقاعد، أقل بمقعد من انجاز ميرتس لوحده في الانتخابات الاخيرة.

       منذ اندماج غولان في ميرتس، لكنه عمليا يعمل في الحزب مثل نبتة غريبة وهو يحاول مرة تلو الاخرى حرف الدفة الى اتجاهات غريبة عليه من حيث الجوهر، مثل ابعاد مفهوم “الاحتلال” من قاموس اليسار، أو فكرة وضع نوع من حصة ثابتة لدخول المواطنين العرب الى الساحة السياسية الاسرائيلية خارج القائمة المشتركة (“في احزاب صهيونية يجب أن يكون هناك 20 في المئة من العرب في اماكن مضمونة”، قال ذلك في مقابلة مع رفيت هيخت قبل سنة). عندما لم ينجح في شطب هوية ميرتس كحزب شراكة يهودية – عربية في الطريق، والذي يحارب بدون خوف الاحتلال والابرتهايد، يقترحغولان الآن شطب مجرد وجود ميرتس في الخارطة السياسية الاسرائيلية، وهي خطوة مصيرها الفشل ايضا. يبدو أن غولان وصل الآن الى مفترق طرق مهم وحاسم في طريقه السياسية: هل يجب عليه التقرير هل سيقوم بتعديل خطه مع طريق ميرتس الايديولوجي أو أنه من الافضل له البحث عن بيت سياسي آخر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى