ترجمات عبرية

هآرتس: وثائق غزة تسلط الضوء على تغبير مقاربة حماس بعد عملية حارس الاسوار

هآرتس 17/3/2025، عاموس هرئيلوثائق غزة تسلط الضوء على تغيير مقاربة حماس بعد عملية حارس الاسوار

الوثائق التي عثر عليها الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة اثناء الحرب ضد حماس، تسلط الضوء على استعداد حماس قبل الهجوم في 7 أكتوبر. الوثائق التي تم استخدام بعضها أيضا في التحقيقات الداخلية في “أمان” وفي الشباك حول الإخفاقات التي سمحت بالهجوم المفاجيء على مواقع الجيش الإسرائيلي والبلدات في الغلاف، توثق تبادل الرسائل بين قيادة حماس في القطاع وقيادة الخارج، واحيانا مع حزب الله وايران، في محاولة لتنسيق الهجوم فيما بينهم. 

يتضح من الوثائق انه في بداية 2021 سرع قادة حماس التوجه الى ايران من اجل مساعدتهم في تمويل الهجوم، الذي وعدوا بواسطته تحقيق الهزيمة لإسرائيل. قبل الحرب بسنتين كان هناك نقاش صاخب بين أعضاء المحور الراديكالي فيما يتعلق بطبيعة الهجوم المشترك. ورغم أنه في نهاية المطاف لم تنضج الخطط الى هجوم منسق ومتعدد الساحات، إلا أن العملية نجحت في مفاجأة كل أجهزة الاستخبارات في إسرائيل. تحليل الوثائق التي تم العثور عليها نشر في الأسبوع الماضي في موقع “مركز تراث الاستخبارات”، الجسم الذي يعمل بالتنسيق مع أجهزة الاستخبارات، وعلى الاغلب يساعد على نشر مواد اعتبرت في السابق سرية. كاتب التحرير هو الدكتور اوري روست، الباحث والمحاضر في كلية سبير. 

روست كتب أنه منذ اقامتها في 1987 أيدت حماس نظرية أن وجود إسرائيل هو غير قانوني وغير أخلاقي. مع ذلك، حسب روست ولأن هذه المنظمة كانت تدرك قيودها العسكرية والسياسية فقد حافظت على التوق على تدمير إسرائيل كحلم للمستقبل، وركزت على القتال الذي يهدف الى تجنب الخسارة. حسب سياسة حماس فان النجاح في ذلك يساوي النصر. ولكن بعد عملية حارس الاسوار في 2021 حدث تغير في مقاربة حماس. وفي القيادة العليا تبلور الادراك بأن تدمير إسرائيل اصبح هدف يمكن تحقيقه في الفترة القريبة. التغير تم التعبير عنه أيضا في تصريحات علنية لكبار قادة حماس، ولكن يبدو أنها اعتبرت في الطرف الإسرائيلي تبجح عبثي. 

الوثائق التي تم العثور عليها تؤكد وتستكمل أمور قيلت علنا. رئيس حماس يحيى السنوار، ايران وحزب الله، بدأوا في رؤية تدمير إسرائيل خطة لها احتمالية جيدة للنجاح. الحديث لا يدور عن احاديث عبثية، بل أفكار تم دمجها ببناء خطط عملية وتنسيق مستمر بين مكونات “محور المقاومة” برئاسة ايران. هذه المقاربة اعتمدت أيضا على ما اعتبر في أوساط أعضاء المحور “ضعف إسرائيلي”. الخطة تم طرحها للنقاش في محادثات بين حماس وحلفاءها في وقت الاعداد للهجوم. ولكن التغير الاستراتيجي لم يتم فهمه في إسرائيل.

روست قدر أن الضربة الشديدة التي تعرضت لها حماس، ايران وحزب الله، اثناء الحرب يتوقع أن تعيد الى الوراء “خطة التدمير”، واعادتها الى مستوى الحلم. ولكن على المدى البعيد، اذا نجحت حماس في ترميم نفسها والحصول مرة أخرى على المساعدة من ايران، فهو يعتقد أنه لا يجب استبعاد أن تعود المنظمة للانشغال بهذه الخطة.

وثيقة روست تتضمن اقتباسات قيلت بشكل علني وفي منتديات داخلية، حول النقاشات بشأن تطبيق خطة التدمير. في الخطاب الذي القاه باسم السنوار في المؤتمر الذي عقد في غزة في 2021، بعنوان “فلسطين بعد التحرير”، تم اظهار التقدير بأن “النصر قريب… نحن اصبحنا نرى التحرر، لذلك نحن نستعد لما سيكون بعد ذ لك”. في المؤتمر تمت مناقشة أفكار للسيطرة على أرض إسرائيل بعد أن يتم احتلالها. في مسلسل “انتصار الاحرار” الذي اخرجته حماس وتم بثه في شهر رمضان، نيسان 2022، يقول الشخص الذي لعب دور محمد ضيف، رئيس الذراع العسكري: “ميزان القوى تغير. الآن نحن سنقوم بغزوهم وليس هم الذي سيقومون بالغزو… هذه ستكون لحظة حاسمة في التاريخ، يوم لن ينساه العدو الى أن يتم تدميره”.

أما صلاح العاروري، وهو من كبار قادة حماس الخارج، فقد قال في مقابلة في آب 2023 إن “الحرب الشاملة أصبحت أمر لا يمكن تجنبه. نحن معنيون بها، محور المقاومة، الفلسطينيون، جميعنا نريدها”.

رئيس حزب الله، حسن نصر الله، اعلن بعد عملية حارس الاسوار عن معادلة جديدة، بحسبها الرد على المس بالحرم في القدس لن يتوقف في القطاع، بل سيكون “حرب إقليمية من اجل القدس”. بعد سنتين قال حسن نصر الله إن هناك أمل بالفعل لتحرير فلسطين، من البحر حتى النهر. الجبهة الداخلية الإسرائيلية، كما قال، ضعيفة ومتعبة وخائفة، وهي مستعدة دائما لحزم الحقائب والذهاب. 

روست كتب أيضا بأن هذه التصريحات العلنية تجد الصدى الداعم لها في الوثائق التي تم العثور عليها، والتي تدل على أن هذا لم يكن تبجح عبثي. بأثر رجعي هو يشخص تغير جوهري في استراتيجية حماس، باتجاه الايمان بالقدرة الفعلية على تدمير إسرائيل. في الوثيقة التي كتبها السنوار في كانون الثاني 2019 في اعقاب المحادثات التي تم اجراءها مع الإيرانيين، كتب أن حماس معنية في بلورة “اتفاق مشترك يشمل قوة القدس التابعة لحرس الثورة الإيراني، حزب الله وحماس، والاستعداد لحرب تحرير القدس وتفعيل كل الجبهات ضد العدو المشترك، إسرائيل. واعداد خطة عملياتية يتم تنفيذها ضد العدو من كل الجبهات”. 

وثيقة روست تقتبس رسالة لكبار قادة حماس في غزة الى إسماعيل قاءاني، قائد “قوة القدس” بتاريخ حزيران 2021. وقد كتب فيها إن “الهدف هو النصر الكبير وإزالة السرطان”. أيضا “تصفية الكيان وازالته من ارضنا والأماكن المقدسة”. وقد ارفق بالرسالة طلب تمويل بمبلغ 500 مليون دولار لسنتين لاعداد النشاطات العسكرية. في الرسالة التي أرسلت للزعيم الأعلى في ايران علي خامنئي، كتب الغزيون أن “الكيان الوهمي هذا (إسرائيل) اضعف مما يظهر للناس، بفضل مساعدتكم نحن يمكننا اجتثاثه وازالته”. بعد شهر كتب السنوار لسعيد يزدي، رئيس فرع فلسطين في قوة القدس، ووعد بـ “نصر استراتيجي عظيم تكون له تأثيرات استراتيجية على مستقبل كل المنطقة”. وقد طلب منه مساعدة حماس في بناء قدرة عسكرية مستقلة في جنوب لبنان.

بعد سنة من ذلك تعزز التنسيق بين قيادات حماس في القطاع وفي قطر. السنوار ارسال رسالة الى إسماعيل هنية، الذي كان في الدوحة، عرض فيها سيناريو استراتيجي لتصفية إسرائيل. وحسب قوله فانه منذ انتهاء عملية “حارس الاسوار”، فان “المقاتلين الجهاديين يستعدون بسرعة كبيرة وبدون توقف. مستوى الجاهزية لمعركة استراتيجية كبيرة ستغير وجه المنطقة، هو تقريبا كامل”.

السنوار وصف ثلاثة سيناريوهات هجوم محتملة. الأول، الأفضل من بينها، هو هجوم مشترك لحماس وحزب الله، ويفضل أن يكون في أعياد اليهود لأنه فيها تكون إسرائيل “تزيد اعمال الاعتداء في الحرم”. الثاني هو هجوم لحماس مع دعم جزئي من حزب الله، الذي سيضع أسس تصفية إسرائيل في المستقبل. الثاني، حماس ستعمل بقوة من غزة ومن الضفة الغربية مع الحصول على المساعدة من مليشيات من الأردن ومن سوريا، بدون مساعدة مباشرة من حزب الله أو ايران. هذه الخطوة لا تحتاج الى مصادقة مسبقة من ايران، بل الى التنسيق مع حزب الله. السنوار طلب من هنية أن يقوم بسرعة بزيارة ايران والدفع قدما بتأسيس قوة حماس في لبنان.

في 1 تموز 2022 كتب هنية للسنوار بأنه قام باجراء لقاء سري مع حسن نصر الله ويزدي من قوة القدس، تم فيها طرح السيناريوهات. هنية كتب بأن حسن نصر الله اظهر دعمه للسيناريو الأول، وأشار الى أن الامر يتعلق بسيناريو منطقي سيتم عرضه على خامنئي. بعد نصف سنة، في مؤتمر لحماس في الدوحة وصف هنية التطرف في إسرائيل مع تشكيل حكومة اليمين برئاسة بنيامين نتنياهو، وقدر أن النزاع مع إسرائيل يقترب من الانفجار وذكر بالاحتجاج ضد الانقلاب النظامي كعامل مضعضع لإسرائيل. 

في منتصف حزيران 2023 زار وفد لحماس برئاسة هنية والعاروري ايران، والتقى مع كبار قادة النظام برئاسة خامنئي. هنية أكد في المحادثات بأن منظمته مستعدة لمعركة جديدة ضد إسرائيل برئاسة حماس. ايران اشارت الى أنها ترى “إمكانية لإزالة إسرائيل من الخارطة”. 

هذا هو اللقاء السري الأخير الموثق في وثيقة مركز تراث الاستخبارات. البقية، للأسف الشديد، معروفة لكل إسرائيلي: حماس قررت في نهاية المطاف المهاجمة لوحدها بدون تنسيق الموعد مع ايران وحزب الله. حسن نصر الله من ناحيته تردد، وفي النهاية أمر بمشاركة جزئية من لبنان – اطلاق الصواريخ وإعطاء الضوء الأخضر لمحاولات اقتحام لمنظمات فلسطينية بصورة تمكن إسرائيل من الاستعداد لها، بعد ذلك البدء في هجوم مضاد في قطاع غزة. حتى هكذا إسرائيل تفاجأت من الهجوم في غزة واضراره كانت كبيرة.

مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى