ترجمات عبرية

هآرتس: وثائق تسربت من البنتاغون تشهد على تخوف الولايات المتحدة من خطوات إسرائيل في ايران

هآرتس 21/10/2024، عاموس هرئيلوثائق تسربت من البنتاغون تشهد على تخوف الولايات المتحدة من خطوات إسرائيل في ايران

العقيد احسان دقسة، قائد لواء المدرعات 401 الذي قتل أمس في قطاع غزة، هو اللواء الرابع الذي فقده الجيش الاسرائيلي في الحرب. فقد سبقه قادة من لواء الناحل والوحدة متعددة الابعاد ولواء الجنوب في القطاع، الذين قتلوا جميعهم في 7 تشرين الاول من العام الماضي في الساعات الاولى بعد هجوم حماس الارهابي في بلدات الغلاف. الظروف في هذه المرة مختلفة وهي تعكس التغيرات التي جرت على طبيعة الحرب الطويلة المستمرة منذ ذلك الحين.

قادة الالوية الثلاثة قتلوا اثناء معارك دفاع يائسة في القطاع امام قوات متفوقة لحماس التي اقتحمت المستوطنات. القتال الآن يجري في عمق المنطقة، في عملية ثالثة للجيش الاسرائيلي داخل مخيم جباليا في شمال القطاع. القوة التي كانت بقيادة دقسة وصلت في دبابتين الى المخيم. القادة نزلوا منها الى نقطة للمراقبة. قائد اللواء قتل وقائد كتيبة اللواء اصيب اصابة بليغة عندما صعدت القوة فوق عبوة ناسفة وضعت في المكان.

حماس ما زالت تشغل آلاف المسلحين في المخيم، الكثيرون منهم اصيبوا ولكن استمرار القتال في المخيم يدل على درجة مبالغة ادعاءات اسرائيل حول استكمال النصر على حماس. في المناطق التي خرج منها الجيش الاسرائيلي، وفي ظل غياب أي بديل سياسي لحماس وازاء تصميم حكومة اسرائيل، فان حماس عادت وللسيطرة في المنطقة. 

تحليل دقيق

تسريب الوثائق من البنتاغون عشية هجوم اسرائيل المخطط له على ايران يدل على امور غير قليلة حول الوضع الحالي للعلاقات بين واشنطن والقدس. يصعب التصديق بأن التسريب هو نتيجة قرار مؤسساتي، وإلا لكانت المادة ستصل الى “نيويورك تايمز” وليس الى قناة “تلغرام” التابعة لقراصنة مؤيدين لايران، ولما كانت تضمنت صور لوثائق سرية. ولكن مجرد نشرها في هذا الوقت الحساس يدل على عدم رضا امريكا على خطوات اسرائيل. شخص في سلسلة من يعملون في هذا الامر (يمكن أن يكون ضابط صغير في المخابرات يتماهى مع الفلسطينيين مثلا) غضب الى درجة المخاطرة ونشر المعلومات السرية. بيان البنتاغون حول التحقيق في التسريب في الحقيقة يشير الى أن الادارة الامريكية تعتبر هذه الامور خطيرة، لكن في نفس الوقت تؤكد على أن المعلومات في الوثائق هي معلومات أصيلة وموثوقة.

الصديقة الكبيرة لنا تراقبنا منذ عدة عقود، ويجب أن نكون ساذجين جدا للتصديق بأنه لا يحدث هناك جمع مشابه للمعلومات في الاتجاه المعاكس. الوثائق التي تم الكشف عنها مؤخرا تدل على ما يشغل الامريكيين، وكيف يحصلون على المعلومات ويستخلصون منها الدروس. من المنشورات يظهر أن الولايات المتحدة تجري عملية متابعة وثيقة لاستعدادات سلاح الجو وجهاز الاستخبارات بخصوص الهجوم الذي تهدد القيادة في اسرائيل باخراجه الى حيز التنفيذ منذ هجوم الصواريخ البالستية الايرانية في 1 تشرين الاول الحالي. 

وقد جاء بالتفصيل في الوثائق حول نقل سلاح وطائرات بين قواعد سلاح الجو الى جانب مناورات اجراها سلاح الجو استعدادا للهجوم. محللون في المخابرات الامريكية، وبدرجة لا تقل عن نظرائهم الاسرائيليين، يستندون الى تحليل دقيق لتفاصيل من مجمل مواقع وتنوع كبير من مصادر الجمع من اجل استخلاص الاستنتاجات. يجب الافتراض بأنه بدرجة مقلصة اكثر ايضا ايران وحزب الله يقومون باجراء عملية تحليل وجمع معلومات مشابه.

الـ “سي.ان.ان” نشرت بأن البنتاغون يخشى من تسريب معلومات سرية اخرى عن استعدادات اسرائيل في القريب. في الخلفية يسمع ايضا اعلان الرئيس الامريكي الذي بحسبه هو يعرف كيف ومتى ستعمل اسرائيل. الادارة الامريكية تحاول بقدر استطاعتها التنسيق مع اسرائيل خطواتها واستيعاب حجم قوة المواجهة من اجل أن لا تشتد لتصل الى تصادم متواصل ومباشر بين اسرائيل وايران، قبل اسبوعين على الانتخابات الرئاسية. من الوثائق التي تسربت يبدو ان الامريكيين يقدرون أن رد اسرائيل سيكون كبير وسيشمل هذه المرة عدد غير قليل من المواقع (حسب منشورات اجنبية في نيسان تمت مهاجمة هدف واحد وهو رادار لبطاريات اس 300 المضادة للطائرات). ومن المرجح أن تشمل اهداف عسكرية. في وسائل الاعلام الاجنبية ناقشوا ايضا امكانية اختيار اسرائيل المس ايضا بمواقع تتعلق بصناعة النفط في ايران وحتى المشروع النووي.

تفجير المسيرة التي اطلقها حزب الله نحو بيت رئيس الحكومة الخاص في قيصاريا يطرح امكانية اخرى، وهي أن اسرائيل التي تتهم ايران اكثر من حزب الله بمحاولة الاغتيال (الوفد الايراني في الامم المتحدة سارع الى نفي ذلك) ستحاول المس في الرد برموز السلطة في ايران. لا يوجد أي سبب للاستخفاف بالخطر الذي يكمن في خطوة لبنان، رغم أن نتنياهو لم يكن موجود في قيصاريا اثناء الاصابة. صحيح أن معظم المعلومات متوفرة في الانترنت، ولكن من شغلوا المسيرة حسب الصور التي يتم نشرها في وسائل الاعلام الخليجية، نجحوا في تفجيرها على نافذة معينة في البيت، بعد طيران طويل تملصت فيه منظومات الدفاع الاسرائيلية. في السابق كان من المعروف أن نتنياهو يكثر من التواجد في منزله في قيصاريا في نهاية الاسبوع.

حتى الآن نتنياهو بقي نفس نتنياهو: ايضا حادثة حقيقية تتحول الى احتفال بالحيونة، والتركيز على الذات والانغلاق. المتحدثة بلسان حزب الليكود بتوجيه منه وبخت رؤساء المعارضة الذين لم يدينوا حسب رأيهم بالسرعة المطلوبة مهاجمته. هو نفسه يتحدث بلا توقف عن تعرض حياته وحياة زوجته للخطر. في حين أن العاملين في المنزل الذين يدفع المواطنون رواتبهم ينشغلون بجمع التعويضات من الدولة، التي لم تكلف نفسها عناء اظهار أي اهتمام ونجاعة كهذه بالاضرار الاقتصادية التي يتكبدها مئات آلاف الاسرائيليين منذ بداية الحرب. نتنياهو يطلب تعاطف لا نهائي لنفسه في الوقت الذي فيه زيارته الموعودة في كيبوتس نير عوز، الذي سكانه تم التخلي عنهم، اختطفوا وذبحوا، لم يتم اجراءها حتى الآن. ليس من الغريب أنه بعد يوم على محاولة الاغتيال فان الرد الاساسي من قبل الكثير المواطنين هو الشعور بالغثيان.

قدر محتم

بيانات الشعور بالصدمة لوزراء واعضاء كنيست من الليكود ظهرت على خلفية الصمت المطلق امام ما اعتبر في السابق روتين وقدر محتم – موت ثلاثة جنود ومواطن اسرائيلي في يوم السبت اضافة الى دقسة: جنديا الخدمة الالزامية اللذان قتلا باصابة دبابة بصاروخ مضاد للدروع في غزة وجندي الاحتياط الذي مات متأثرا بجروحه في معركة في لبنان والمواطن الذي قتل باصابة صاروخ في الجليل الغربي.

أمس استمر اطلاق كثيف لمئات الصواريخ واطلاق عدد كبير من المسيرات التي استدعت اطلاق صفارات الانذار بشكل دائم في ثلث الدولة الشمالي. 

الحياة في هذه المناطق مشوشة تماما وحتى الآن لا تلوح في الافق أي احتمالية لوقف اطلاق النار. وتيرة الصواريخ في الحقيقة لا تشبه التوقعات المسبقة، المحزنة، للجيش الاسرائيلي قبل الحرب ولكنها تزداد بالتدريج. الحياة من خط العفولة – عتليت وشمالا مشوشة بالكامل؛ وزراء الحكومة بصعوبة يكلفون انفسهم عناء التطرق الى ذلك؛ الضرر الذي اصاب الفترينا في قيصاريا اكثر اهمية بالنسبة لهم. تقريبا نحن لا نسمع عن زيارات وزراء في المناطق التي يتم قصفها كل يوم، هذا ببساطة شيء لا يصدق. زيارة في قيادة فرقة تحارب الآن في جنوب لبنان، غير بعيد عن الحدود، تطرح صورة وضع مركبة. في هذه الاثناء تعمل في لبنان اربع فرق تقريبا، وتحتها عدد كبير جدا من الطواقم الحربية اللوائية، من الجيش النظامي والاحتياط. العدد في الواقع لا يذكر حتى الآن بالعملية في قطاع غزة في نهاية السنة الماضية، لكنها آخذة في الازدياد. مع ذلك، الجيش الاسرائيلي لا يقوم باحتلال جنوب لبنان ولا يحاول في نفس الوقت السيطرة على المناطق حتى نهر الليطاني. العمليات محدودة في هذه الاثناء بقطاع ضيق جدا في الحدود الشمالية، وتركز على اقتحام قرى معينة، وعندما ينتهي تدمير البنى التحتية لحزب الله في قرية أو في منطقة معقدة فان القوات تقوم باخلاء المكان وتنتقل الى قرى وبلدات اخرى. 

الدمار، حسب الصور الجوية التي يتم نشرها في الشبكات الاجتماعية، كبير جدا. وخلافا لما كان يمكن توقعه يصعب في هذه الاثناء ملاحظة أي توتر واضح بين هيئة الاركان وقيادة المنطقة الشمالية بخصوص مواصلة الحرب. في الطرفين يتحدثون عن عملية محددة الوقت، التي ستستمر لبضعة اسابيع على الاكثر. بعد ذلك يريد الجيش التوصل الى وقف لاطلاق النار وتسوية سياسية بتدخل دولي، بحيث يقلص جدا تهديد حزب الله لمستوطنات الشمال بعد الضربات التي تكبدها. اضافة الى العمليات في جنوب لبنان فقد بدأ أمس سلاح الجو في مهاجمة منشآت اقتصادية مهمة لحزب الله في بيروت.

المشكلة هي أن تحقيق هذا الهدف يتعلق بجهات اخرى مشاركة. اولا، من غير المؤكد أن حزب الله سيوافق على التسوية، بالتحديد ازاء الاضرار التي تكبدها. ثانيا، من غير الواضح موقف حكومة اسرائيل، بالتأكيد ازاء ضغط سكان البلدات على الحدود الشمالية من اجل مواصلة السيطرة على مناطق اخرى، وربما حتى اعادة المنطقة الامنية، التي حسب رأيهم ستحميهم من التهديد القادم من لبنان.

 

 

مركز الناطور للدراسات والأبحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى