ترجمات عبرية

هآرتس : وإسـرائـيـل أيـضـاً ظـلـمـت نـفـسـهـا

هآرتس 21-5-2024، مردخاي كرمنتسر: وإسـرائـيـل أيـضـاً ظـلـمـت نـفـسـهـا

إضافة إلى انتقاد قرار المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية حول إصدار أوامر اعتقال ضد رئيس الحكومة ووزير الدفاع، يجب الاعتراف بأنه على خلفية كل ما هو معروف، فإن قرار إصدار أوامر اعتقال ضد رؤساء “حماس”، قرار مؤثر ومناسب. لا يوجد أي أساس كي ننسب للمدعي العام التسامح أو التنازل تجاه الجرائم التي نفذها قادة “حماس” وما زالوا ينفذونها. أيضاً موقف المدعي العام من مسألة المخطوفين لا تشوبه أي شائبة. ليتهم يحصلون على معاملة مشابهة من الحكومة الإسرائيلية وجزء من الجمهور الإسرائيلي الذين اعتبروا أبناء عائلاتهم أعداء الدولة.

المدعي العام شرح أهمية المساواة أمام القانون الدولي. لكن فرض المساواة يعني فرض قانون واحد على حالات مشابهة، وقانون آخر على حالات أخرى. حكم واحد لحالات أخرى هو تشويه للمساواة في القانون. من هذه الناحية، فإن ربط السنوار والضيف بنتنياهو وغالانت يصرخ إلى عنان السماء بالتشويه الذي يوجد فيه. محظور أن يكون أي تشابه في المعاملة القانونية بين المعتدي (“حماس”) وبين المدافع (إسرائيل). الحق في الدفاع أمام اعتداء غير قانوني حق حيوي لأنه يسمح للمعتدى عليه بصد الهجوم عليه – العمل الطبيعي والمفهوم ضمناً، والذي دونه لا يمكن أن يكون نظام سياسي دولي ونظام قانوني دولي. في هذه الحالة يدور الحديث عن معتد وحشي لا مثيل له، لا يكتفي بالهجوم بل يعلن أنه سيستمر في الاعتداء بقدر استطاعته. هذا الحق يوجد له أيضاً بعد مهم في ردع المعتدين على أنواعهم. هذا بعد مهم بالذات أمام ضعف إنفاذ القانون الدولي.

يجب عدم تجاهل الشعور الطبيعي بالخوف والغضب الذي ثار في الضحية ويؤثر على طريقة دفاعها عن نفسها. أكثر من مرة المدافع يفعل أكثر مما هو ضروري ومبرر من أجل الدفاع عن نفسه. في أساليب قانونية كثيرة يعترفون بضائقة المدافع، ويتم إعفاؤه من العقاب حتى لو اجتاز حدود الدفاع الذاتية. تجاوزه يعتبر غير قانوني وغير مبرر، لكن بسبب الضائقة التي تعرض لها فإنه يتم إعفاؤه من العقاب.

توجد عدالة أيضاً في الرأي الذي يقول، إنه يجوز لقادة الدولة التي تتعرض للاعتداء، لا سيما عندما يدور الحديث عن أفعالهم التي لا تستهدف المعتدي فقط، بل أيضاً تستهدف المدنيين في الدولة التي خرج منها الهجوم. المدنيون ليسوا المعتدين وهم يستحقون الحماية. مع ذلك من غير الصحيح تجاهل ضائقة المعتدى عليه (أنا غير متأكد من أن المدعي العام استطاع فهم ذلك بكل خطورته). المحكمة الجنائية الدولية لا يمكنها مناقشة – بسبب نقص الموارد – جميع المخالفات للقانون الدولي. في الأصل هو يجب عليه اختيار أين سيستثمر جهوده. الحكمة تقول، إنه سيركز على الجرائم والمجرمين الأكثر خطراً، الذين يجب عقابهم بجدية. من هذه الناحية يمكن التساؤل حول تقدير المدعي العام الذي اختار التركيز على من عملوا على الدفاع عن دولتهم وشعبهم حتى لو تجاوزوا ما هو مسموح.

بسبب أن النيابة العامة في المحكمة اضطرت إلى الاختيار بعناية الملفات التي قررت مناقشتها، فإنه يجب الافتراض أنه في إطار التقدير الذي تستخدمه هي تختار الدولة التي قادتها مشتبه بارتكابهم جرائم، بنظرة واسعة. من هذه الناحية لا مناص من الاعتراف بأن إسرائيل جلبت على نفسها معاملة دولية تجاهها كدولة مخالفة للقانون، حتى لا نقول مجذومة، يجب كبحها والطلب من قادتها المارقين الالتزام بالنظام.

الانتقال الذي حدث في السنوات الأخيرة من النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين، الذي يريدون تسويته في إطار الدولتين، إلى مقاربة رفض مطلق لهذا الترتيب – سلب حق الفلسطينيين في تقرير المصير القومي في دولة، وحتى أكثر من ذلك سلب حقهم في الوجود في أرض إسرائيل، لصالح المستوطنين في المناطق خلافاً للقانون الدولي – يجعل إسرائيل دولة ظالمة، سياستها تؤكد النزاع الدموي المتواصل والمس بالاستقرار الدولي.

وإذا لم يكن هذا كافياً، فقد جاءت سيطرة إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش على الحكومة في إسرائيل، ورسخت فيها أجندة العنصرية والترانسفير، وربما أسوأ من ذلك، أجندة التفوق اليهودي. من خلال ذلك هم المسؤولون عن تآكل سلطة القانون وتسييس الشرطة والاستفزاز المتواصل، ومطاردة الفلسطينيين في الضفة بشكل منهجي برعاية الدولة والجيش، وخنق عرب إسرائيل في حرية التعبير. وقد أضيف إلى ذلك الانقلاب النظامي المتواصل وإفراغ الديمقراطية في إسرائيل من مضمونها، وفي مركز كل ذلك تدمير أجهزة القضاء المستقلة والمهنية.

بعد 7 أكتوبر، اختارت إسرائيل التلويح بقطعة قماش حمراء أمام المجتمع الدولي بخطاب زائد، وتصريحات نارية، وأحاديث تنبعث منها رائحة قوية للانتقام ونزع الإنسانية عن كل الغزيين، التي تم الاحتفال بها في الأستوديوهات (دون علاج مناسب من قبل النيابة العامة). وإن المسافة قصيرة بين تجويع كل سكان غزة وبين المس بغير المشاركين، الأمر الذي تنسبه النيابة العامة في لاهاي لقادة إسرائيل.

من غير المفاجئ أنه يوجد تشابه واضح بين مضمون بيان المدعي العام في المحكمة في لاهاي حول الأفعال التي نسبت لإسرائيل، وبين ما حذرت الولايات المتحدة قادة إسرائيل منه، إلى درجة ليّ الأذرع. مشكوك فيه أن يكون هناك أي أحد في الحكومة الإسرائيلية سيعترف بهذا الجميل. حتى الهجمات والتهديدات للمدعي العام عندما تمّت معرفة أنه يفحص إصدار أوامر اعتقال ضد قادة إسرائيل، والتلويح المدان باتهام النيابة العامة باللاسامية، هي مثل مهاجمة إسرائيل لنفسها. لو أن الشيطان نفسه سيطر على تصرفات إسرائيل إزاء المجتمع الدولي، فإنه لن يقدر على القيام بعمل أفضل مما فعلته الحكومة الإسرائيلية. من هذه الناحية نحن جلبنا على أنفسنا هذه المشكلة (حرفياً).

نحن نعرف ماذا يوجد في ملف البيانات الذي جمعته النيابة العامة ضد نتنياهو وغالانت. ونحن نعرف من بيانه أن المدعي العام تشاور مع طاقم خبراء محترم قبل طلب إصدار أوامر الاعتقال، وتجنب نسب الإبادة الجماعية لقادة إسرائيل. سيكون من الخطأ الرد بالرفض أو الاستخفاف بهذه الخطوة، أو إذا واصلنا الاعتماد على الشعارات الفارغة حول أخلاقنا الأصيلة واتهام الأغيار باللاسامية.

المدعي العام ذكر في بيانه مبدأ المكملات، الذي بحسبه فإن الدولة التي تريد وتستطيع علاج مثل هذه الاتهامات بنفسها تتمتع بحق الأقدمية أمام المحكمة. تحقيق ذاتي وموضوعي مع رئيس الحكومة ووزير الدفاع حول طريقة إدارة الحرب لا يعتبر أمراً تافهاً في إسرائيل، خلافاً لـ”شبه التحقيق”. ولكن مع الكثير من النوايا الحسنة فإن هذا الأمر ما زال محتملاً.

أيضاً من الجدير التذكر أنه ما زال يوجد خلاف حول صلاحية المحكمة في محاكمة قادة إسرائيليين، حتى بعد قرار المحكمة في حينه، بأغلبية 2:1، بأنه توجد لها مثل هذه الصلاحية، حيث إن إسرائيل ليست عضواً في المحكمة، وهناك شك كبير إذا كان من ناحية القانون الدولي توجد دولة فلسطينية.

إذا أصدرت المحكمة أوامر الاعتقال، وهناك احتمالية كبيرة لحدوث ذلك، فيجب الافتراض أنه بمساعدة السلوك الحذر يمكن لإسرائيل ضمان أن هذه الأوامر لن يتم تنفيذها. ولكن لا يوجد في ذلك ما يصلح الضرر الذي لحق بمكانتها وما زال إزاء أمم العالم.

إنجاز مؤثر لنتنياهو وحكومته على مر السنين هو دهورة مكانة إسرائيل الدولية إلى الحضيض. وطالما أن حكومة نتنياهو هي التي تحكمنا فنحن لن نتمكن من الخروج من هذا الحضيض. يصعب التصديق، لكن يوجد مكان أدنى من ذلك يمكن أن نصل إليه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى