ترجمات عبرية

هآرتس: هل يتحوّل المخطوفون الإسرائيليون أداة لعب إقليمية؟

هآرتس 2023-10-30، بقلم: تسفي برئيلهل يتحوّل المخطوفون الإسرائيليون أداة لعب إقليمية؟

الهجوم الإسرائيلي على قطر بوصفها “دولة داعمة للإرهاب” يشير إلى انفصام في الشخصية. فمن جهة، قطر متهمة بدعم “الإرهاب” بسبب دعمها لـ”حماس”، وبسبب الملجأ الذي تعطيه على أراضيها لقيادة الحركة، ومن جهة أخرى يوجد في يد قطر، ربما، المفتاح لحل قضية المخطوفين.

الخطاب المناوئ لقطر يطلب من الولايات المتحدة ومن دول العالم استخدام الضغط الشديد عليها، حتى فرض عقوبات، من اجل فصل نفسها عن “حماس”. في الوقت ذاته، تسمع الأذن كل تصريح لقطر عن احتمالية إطلاق سراح المخطوفين، وتقف الولايات المتحدة في المقابل وهي ليست مشاركة في هذا الهجوم. بالعكس، هي تقوم بالثناء على جهود الدوحة.

في الأسبوع الماضي، نشر في “واشنطن بوست” أن وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، توصل، مؤخراً، إلى “اتفاق” بين حاكم قطر، الشيخ تميم بن حمد، بحسبه سيعيد فحص علاقاته مع “حماس”. لم يوضح هذا التقرير معنى إعادة الفحص، ومتى ستحدث، وهل ستؤدي إلى إبعاد قيادة “حماس” عن قطر. ولا يقل عن ذلك أهمية ماذا ستكون التداعيات إذا فصلت قطر نفسها عن “حماس”.

من يطالب الآن بوقف علاقة قطر مع “حماس” يمكن أن يكتشف بأن قيادة “حماس” ستجد لنفسها ملجأ جديدا، في طهران أو في سورية. وربما أيضا في روسيا، التي استضافت، الأسبوع الماضي، قادة “حماس”. هذه الدول الثلاث توجد خارج دائرة التأثير الأميركية والغربية بشكل عام. في هذه الأثناء يجب فقط الأمل بأن تساعد العلاقات الجيدة لقطر مع “حماس” المخطوفين وأبناء عائلاتهم.

من تحمل مهمة الوساطة القطرية هو رئيس الحكومة، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، وهو أحد أبناء العائلة الحاكمة. ربما هو الشخص الأكثر تجربة في إجراء المفاوضات على إطلاق سراح مخطوفين، بالأساس على خلفية قضية اختطاف صادمة أخرى أدارها قبل سبع سنوات، انتهت بالنجاح ولكن بثمن باهظ، سياسياً ومالياً. ربما أنه من الطريقة التي أدار فيها محمد بن عبد الرحمن تلك القضية يمكن التعلم حول تعقيد القضية الحالية وحول احتمالات النجاح.

في 16 كانون الأول 2015 تم في العراق اختطاف 28 مواطنا قطريا، من بينهم أمراء ومن أبناء العائلة الحاكمة، ممن كانوا في رحلة صيد في صحراء المثنى في العراق. شملت قائمة المخطوفين، التي تم إرسالها إلى حاكم قطر، ضمن آخرين، شخصين من عائلة آل ثاني – في حينه كان المرشح لمنصب وزير الخارجية – ابن عمه وزوج عمته. في البداية لم يكن من الواضح من هم الخاطفون، وخلال عدة أسابيع لم يسمعوا في قطر من الخاطفين. تم توجيه اصبع الاتهام بشكل طبيعي لـ”داعش”، الذي كان يسيطر في حينه على أجزاء في العراق وسورية. وتبين بسرعة أن الخاطفين هم من مقاتلي الميليشيا الشيعية، كتائب حزب الله في العراق (ليس لها أي صلة بـ”حزب الله” في لبنان)، وهي جهة ترعاها ايران، وهي التي نفذت عملية الاختطاف لابتزاز الأموال الكثيرة.

من المراسلات في البريد الإلكتروني ومن البلاغات التي انتقلت بين عائلة آل ثاني والسفير القطري في العراق، التي نشرت في وسائل الإعلام الدولية في 2018، تبين أن المفاوضات التي جرت في البداية حول أموال ضخمة طلبها الخاطفون، تطورت إلى صفقة دائرية سياسية. من غير المعروف كم هي الأموال التي دفعت للخاطفين في نهاية المطاف. ذكر أحد البيانات مليار دولار دفعته قطر للمليشيات والوسطاء الذين اجروا المفاوضات. مبلغ آخر هو 360 مليون دولار تم نقلها في حقائب للحكومة في العراق. الجزء المهم في الصفقة هو العملية الاستراتيجية في سورية التي قام بها قاسم سليماني، الذي كان قائد قوة القدس في الحرس الثوري الإيراني، والذي تم اغتياله في العراق في كانون الثاني 2020 على يد الأميركيين.

خطة سليماني، التي سميت “خطة المدن الأربع”، كانت تتعلق بأربع بلدات في سورية، اثنتان كانتا تحت حصار النظام وميليشياته، واثنتان كانتا تحت حصار متمردين ترعاهم قطر. اقترح سليماني رفعا متبادلا للحصار أو تبادل السكان بين البلدتين. لم تسارع الميليشيات القطرية إلى الموافقة، لكن في حينه سقطت في يد سليماني صفقة المخطوفين كأداة ضغط ناجعة. مبعوث خاص من “حزب الله” في لبنان تم إرساله إلى الدوحة وهو يحمل معه رسالة قاطعة وواضحة: إطلاق سراح المخطوفين مشروط بتطبيق خطة “المدن الأربع”.

في نهاية المطاف، لم تخرج الخطة إلى حيز التنفيذ بسبب معارضة النظام السوري وميليشياته، الذين لم يكونوا شركاء في هذه التفاهمات، ولم يتم تحرير المخطوفين. كانت قطر يائسة بل إنها خططت لمهاجمة المكان الذي يمكن أن يكون فيه المخطوفون، دون أن تكون لديها وسائل وقدرة على ذلك. فقط في نيسان 2017، بعد سنة ونصف السنة على عملية الاختطاف، تم فتح قناة وساطة بوساطة وزير الخارجية العراقي، قاسم العراجي، الذي توجد له علاقات وثيقة مع الميليشيات المؤيدة للشيعة، وهو يشغل الآن منصب مستشار الأمن القومي في العراق. أبلغ العراجي نظيره القطري في حينه، الذي هو رئيس الحكومة الآن، في يد من يوجد المخطوفون، وقام أيضا بصياغة طلبات إطلاق سراحهم. دفعت قطر وعاد المخطوفون إلى بيوتهم.

لكن قضية المخطوفين القطريين واستغلالها لأهداف سياسية تطرح السؤال المقلق وهو إذا كان المخطوفون الإسرائيليون في غزة أيضا يمكن أن يتم استخدامهم ورقة مساومة، ليس فقط بين “حماس” وإسرائيل، بل أيضا من قبل أشخاص آخرين لهم مصالح في المنطقة، فـ”حزب الله” وإيران يمكنهما من خلال “حماس” عرض طلبات لا تتعلق أبدا بطبيعة حياة سكان غزة أو مطالب “حماس”، بل تتعلق بالساحة اللبنانية والسورية.

من غير الواضح إلى ماذا استند رئيس الحكومة القطرية في بيانه المتفائل حول اختراقة في المحادثات والأمل في أن تنتهي القضية في القريب. الافتراض هو أنه حصل على تنازلات معينة من إسرائيل، بضمانة وضغط من أميركا، في تسهيل ترتيبات المساعدات الإنسانية. ولكن من المهم أيضا التذكر بأنه ليس جميع المخطوفين يوجدون لدى “حماس”. فجزء منهم يوجدون لدى “الجهاد الإسلامي”، الذي ترعاه ايران. وأيضا من غير المعروف من الذي سيقرر في “حماس” إطلاق سراحهم، هل القيادة في غزة برئاسة يحيى السنوار أم القيادة في الخارج التي توجد في قطر؟ هل ما زالت هناك أي احتمالية في أن إطلاق سراح المخطوفين لن يتحول أداة لعب إقليمية؟ الحكومة الإسرائيلية ليست مخولة بالتباطؤ. إطلاق سراح المخطوفين الآن في ظل الظروف المحلية، حتى لو كان ثمنه باهظا، سيكون رخيصا وممكنا أكثر بكثير.

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى