هآرتس: هل نحن نقوم بتجويع غزة؟ هكذا يزيلون وصمة العار الاخلاقية
هآرتس 7/11/2024، يوسي كلاين: هل نحن نقوم بتجويع غزة؟ هكذا يزيلون وصمة العار الاخلاقية
الضباط في الاحتياط م يجلس لتناول الغداء. وهو جنرال مخضرم ومحلل في التلفاز. هو شخص حساس، اهمال المخطوفين يؤثر فيه. هو يعتبر اهمالهم وصمة عار اخلاقية. لا توجد لديه أي فكرة عن كيفية محوها. زوجته المخلصة تلاحظ ازمته. وهي تقول: لماذا لا نقوم بقتلهم جميعا. تسأل. م. يصاب بالصدمة. نحن نقتل؟، بعد لحظة فكر. هي عثرت هنا على شيء.
اسمعوا هذه الفكرة، قال في اليوم التالي لاصدقائه في الاستوديو، نحن سنجوع السكان الى درجة أن لا يصبح أمامهم أي خيار عدا عن الاستسلام وتحرير المخطوفين. الجنرالات كبار السن يستمعون باهتمام. لا يوجد لديهم ما يضيفونه أو ينقصونه. هم يسألون: هل هذا قانوني؟ تماما، يرد الجنرال. هو جاء مستعد. في ويكيبيديا وجد أنه في هارفارد قالوا إن هذا مسموح. نعم، مسموح التجويع من اجل التحرير. هذا على ما يرام.
القدر شاء، في تلك الظهيرة التي عرض فيها الجنرال م. خطته (في الحقيقة خطة زوجته)، جلس ج.، وهو وزير شؤون (لا يهم شؤون ماذا) في بيته وشاهد التلفاز. الوزير ج. كان متعب. اضطراب الرحلات الجوية الطويلة جعله يصاب بالجنون. هو لم يعد يتذكر الى أين كان يسافر ولماذا. هو كان “المستوى السياسي” والامر لم يكن سهل عليه. الجميع قاموا بمهاجمته. اتهموه – هو نفسه الذي في قلبه دائما يوجد المخطوفون! – باهمال معالجة اطلاق سراحهم. هو اصبح يائس من العمل.
فجأة، فجأة! توجد خطة! حتى أنها في التلفزيون!
الوزير ج. غير غبي. فالشخص الغبي لا يتحول من مدير فرع بائس الى وزير شؤون شيء ما، ويتحكم بالملايين. هو يخاف من أنه حتى قاعدته ستجد صعوبة في استيعاب “تجويع الناس وتحرير المخطوفين”. لذلك فقد توجه الى وزارة الحقيقة. هو يعرف لمن يتوجه. هذه هي الوزارة التي اعطتنا “المناورة” بدلا من الحرب. “المعارك الصعبة” بدلا من القتلى، “ازمة انسانية” بدلا من التجويع (الآن هو يعمل على استبدال “الهزيمة” بـ “النهضة”). ج. طلب من الوزارة “تخفيف و”تجميل” “التجويع”.
في اليوم التالي وصل الرد: قم بالتجويع كما تشاء، أيها الوزير، لكن اطلق على ذلك، اسمع جيدا، “استخدام المساعدات الانسانية كرافعة استراتيجية من اجل اعادة المخطوفين”. صياغة مدهشة! أنا لم أفهم أي شيء، قال الوزير ج.، كم هذا يظهر نظريا! تفاخر رئيس القسم، ابحث كما تشاء، قال، لكنك لن تجد في أي يوم اشارة على القتل والتجويع والطرد.
مع عنوان كهذا تم وضع الخطة بسرعة. بدون العصف الذهني القذر لاجتماعات الهيئة والنقاشات. من التلفزيون مباشرة الى غزة. صحيح أنه كان يجب الحصول على بعض المصادقات الاضافية، من زوجة رئيس الوزراء ومن ميامي (لا تقلق، هم أحبوا التجويع)، على الفور كالعادة وبخ الوزير رئيس الاركان على التباطؤ في التنفيذ وعلى وجهه المتكدر الذي يخفض المعنويات ويعطل السرور. ولكن الخطة انطلقت بزخم. الجيش الاسرائيلي قتل وطرد وجوع. كما يجب.
وماذا عنا؟ أين نحن من هذا الحدث؟ نحن لسنا هناك. هذا الامر لا يهمنا. نحن عرفنا ولكننا لم نسمع ولم نر. نحن اردنا عدم الرؤية وعدم الامساك بنا من الياقة. مما نعرفه يمكننا الاعلان: هذا ليس ابادة جماعية. نحن لسنا برابرة. البرابرة لا يسارعون الى ازالة وصمة العار الاخلاقية المشينة. نحن طاهرون ولنا ضمائر. هذا ليس ذنبنا، أنه من اجل ازالة وصمة اخلاقية فظيعة تتمثل باهمال المخطوفين نحن نضطر الى تجويع النساء والاطفال.
هل ازالة الوصمة الاخلاقية تعفينا من تهمة المشاركة في التجويع؟ بالنسبة لنا نعم. هذا هو الحد الاقصى الذي يمكن أن نفعله اذا اخذنا في الحسبان حقيقة أننا محبوسون مع الفيل الموجود في الغرفة. هذا الفيل الضخم الموجود في الغرفة يسمى “بيبي لا يريد اعادة المخطوفين ونحن لا يمكننا فعل أي شيء له”. حقيقة أننا ضعفاء وأن الفيل الموجود في الغرفة قوي جدا، هي أمر يدعو الى اليأس وخيبة الامل، الى درجة أنه لا يوجد امامنا أي خيار عدا عن انكار وجوده.
نحن نقوم بالنفي، لأن هذا ما يفعلونه عندما يعيشون مع فيل في الغرفة. نحن نواصل التصرف كالعادة: نؤمن بأن الفيل الموجود في الغرفة هو مثال تصويري وليس حقيقة صعبة. نحن لا نصدق بأنه بعد لحظة هو سيسحقنا على الحائط. وضع فيه رئيس الحكومة ينكل بشعبه يبدو امر خيالي جدا، الى درجة أننا لا نصدق بأنه أمر محتمل. نحن حتى الآن نأمل الافضل ونقوم بانكار الوضع الذي سيكون فيه “اليوم التالي” اسوأ من اليوم الذي سبقه.