ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم أورن يفتحئيل – هل نحطم المرآة أم نصلح الواقع؟

هآرتس – بقلم أورن يفتحئيل  – 2/3/2021

” التحدي الأكبر الذي يطرحه تقرير “بتسيلم” هو التنازل عن الرغبة في تحطيم المرآة أو النظر بعيداً عنها وبدلاً من ذلك النظر بجرأة إلى تفاصيل المشهد الصعب المنعكس عليها، والبدء بتصحيحه “.

وثيقة الأبرتهايد لـ “بتسيلم” والتي نُشرت في كانون الثاني، وقرار المحكمة الدولية في لاهاي، بمناقشة جرائم الحرب الإسرائيلية في المناطق المحتلة، أثارت نقاشاً عاماً حول طبيعة النظام الإسرائيلي. ستكرس لموضوع النظام أيضاً ندوة عبر الانترنت لـ “هآرتس” بالتعاون مع “بتسيلم” ومنظمات أخرى يوم الأربعاء من هذا الأسبوع لمناقشة مسألة “هل إسرائيل هي دولة ديمقراطية؟”. رغم الخطاب الهام، فإن معظم الإسرائيليين الذين ردوا على وثيقة”بتسيلم” فضلوا تحطيم المرآة على مناقشة إصلاح الواقع. بالتحديد قبيل الانتخابات يجدر مواجهة هذا الواقع دون خوف والتساؤل أيضا “ماذا بعد؟”.

نذكر في البداية أن ادعاء الابرتهايد طُرح سابقاً في أبحاث أكاديمية، ولكن تقرير “بتسيلم” هي المرة الأولى التي تنشر فيها منظمة من المجتمع المدني تحليلاً منهجياً للنظام حسب ما يحدث في كل الفضاء الواقع تحت سيطرتها- ما بين نهر الأردن والبحر المتوسط. ليس هنالك بالطبع طريقة أخرى لوصف شخصية افضل من تضمين كل أجزائها. بعد 5 عقود، فإن ذريعة “موقوتية الاحتلال” تحولت لادعاء فارغ من المضمون.

يبدو أنه لا يوجد نقاش حول الوقائع: إسرائيل هي دولة لها سيادة مباشرة على 90 في المئة من الأراضي الواقعة ما بين نهر الأردن والبحر (حدود 67 ومنطقة ج)، وتسيطر بصورة غير مباشرة ولكن وطيدة جداً على ال10 في ا لمئة الباقية ( أ و ب)، والتي يتركز فيها 5 ملايين فلسطيني في جيوب مقلصة وضعيفة. على كل هذه المنطقة تسري قوانين وإجراءات أو ممارسات حكومية تطبق مبدأ التفوق اليهودي.

تقرير “بتسيلم” أوضح أنه من خلال عملية متساوقة من الكولونيالية العنيفة والاستيطان اليهودي في كلا جانبي الخط الأخضر ترسخ تدرج للمواطنة يذكّر بذلك التدرج الذي كان في جنوب افريقيا، “البيض، الملونين والسود” (والذين كانوا رعايا بدون جنسية). نظراؤهم في فضاء السيطرة الإسرائيلية هم يهود، ذوي مواطنة كاملة في كل المنطقة، العرب في إسرائيل، مع مواطنة جزئية ورعايا فلسطينيين لا يحملون مواطنة في المناطق.

في الخطاب الدولي تحول الابرتهايد ليصبح نموذجاً عاما للنظام، وليس بالتحديد نسخة دقيقة لجنوب افريقيا. في الواقع هنالك اختلافات مهمة أيضاً بين الحالتين: في جنوب افريقيا البيض كانوا أقلية تبلغ اقل من خمس السكان، أما هنا فان اليهود هم حوالي النصف. والاهم من ذلك- خلافاً للفضاء الجنوب افريقي، فإنه في إسرائيل/ فلسطين هنالك حركتان قوميتان مشروعتان، وحسب القانون الدولي من شأنهما أن تُشكلا دولتان. نعود لهذه العوامل لاحقاً.

من الممكن بل ومن المرغوب فيه مناقشة مضمون وثيقة “بتسيلم”، وفي الحقيقة طُرحت ردود موضوعية عديدة في ساحات مختلفة، ودعم أغلب منظمات المجتمع المدني الفلسطيني، هو أمر ليس مفهوماً بذاته مطلقاً في هذه الأيام من الفصل العميق والمقاطعة. في الخطاب اليهودي، الردود من الوسط- يمين كانت بالأساس بافلوفية، وعلى رأسها الحظر التاريخي الذي أصدره وزير التعليم يوءاف جالانت للمدارس على دعوة ممثلي “بتسيلم” (“هآرتس” 21/1) كي لا يكشفوا الأرواح اللطيفة لأبناء المرحلة الثانوية على الواقع حولهم. أُضيف إلى هذا رد لا يقل هستيرية لنتنياهو على المحكمة في لاهاي، والمتهمة ب “لاسامية حادة”.

إن سيل الردود من قبل أصحاب مقالات من اليمين مثل نافا دارومي (“هآرتس” 20/1) أوري شابيط، بن درور يميني وعيريت لينور تميزت بالأساس بسلسلة من الشتائم- اتهام “بتسيلم” بالكراهية، وبالنفاق وبمناوأة الصهونية- أو بدلاً من ذلك اتهام الفلسطينيين بالقمع من جانب إسرائيل. هم، مثل عديدين آخرين في الوسط واليمين اليهودي، يفضلون تحطيم المرآة على أن بُصدموا مما برز فيها.

في الوسط/ يسار ردوا بالأساس بإشاحة أنظارهم عن المرآة. هكذا على سبيل المثال، تسفي برئيل ويسرائيل شرنتسل “هآرتس” 20/1 ،18/1)، وشاؤول أرئيلي ( “هآرتس” 1/1) تمسكوا بالصيغة المتآكلة -ديمقراطية هنا واحتلال مؤقت هناك”، ولكن ماذا يفعلون بحقيقة أنه من بين ال11 جولة انتخابات أخيرة كانت أصوات المستوطنين هي التي توجت اليمين الكولونيالي أو منعت حكم الوسط- يسار؟   يتضح أن الديمقراطية تشمل بطبيعة الحال اليهود في المناطق المحتلة، ولكن ليس الفلسطينيين. أي أن “الديمقراطية ليست ديمقراطية.

الطبيعة الانتقائية للانتخابات هي بالطبع فقط جانب واحد للربط الوثيق الذي أخذ في التزايد ما بين إسرائيل اليهودية والمناطق، في عملية سميتها في بحثي “أبرتهايد زاحف” والذي يعزز تدريجياً مبادئ “المنفصل وغير المساوي” في كل مجالات الحياة في المنطقة الواقعة ما بين نهر الأردن والبحر المتوسط. السلطة الفلسطينية وحماس يسيطران فقط على مجالات الحياة التي فيها اسرائيل غير معنية بالسيطرة عليها، وهكذا فأنهم بأنفسهم كانوا خدماً لنظام الفصل العنصري في كل الفضاء الإسرائيلي/ الفلسطيني.

السؤال الأكثر أهمية منها جميعاً هو “إلى اين نحن ذاهبون الآن؟” لذلك فإن نية التقرير هي بالضبط حث كل الجهات المعنية على وقف تدهور آخر في حقوق الانسان والعمل وبسرعة لتغيير التوجه. في هذا السياق من المهم أن نذكر أن الطريق الصحيح لإبعاد الأبرتهايد ليست بالضرورة دولة واحدة ما بين نهر الأردن والبحر كما هو دارج التفكير فيه في الخطاب الدولي. حل كهذا من المحتمل أن يواجه صعوبات عميقة بسبب الحق المعترف به من قبل الفلسطينيين واليهود في دولتهم، وهو حق لن يتنازل عنه أي شعب. هنالك عدة احتمالات أخرى مثل انشاء دولتين مستقلتين منفصلتين، (وهي عملية فشلت المرة تلو الأخرى في ال80 سنة الأخيرة) أو نماذج أكثر صحة حسب رأيي من الكونفدرالية والفيدرالية، والتي تمكن من تقرير المصير لكلا الشعبين، مع حرية حركة، وعاصمة موحدة واقتصاد مندمج في الوطن المشترك.

الانتخابات علىى الأبواب، ولهذا من المهم قبل كل شيء أن نعارض بكل قوة الطيف الواسع من الأحزاب- من أزرق أبيض حتى الصهيويية الدينية- والتي تروج لأنواع مختلفة من الابرتهايد. تغيير التوجه يبدأ من دعم الأحزاب (القليلة) والتي تدعو إلى ديموقراطية حقيقية وحقوق متساوية لكل سكان البلاد. إلى جانب التصويت هنالك العديد مما يمكن عمله في الحياة اليومية لكسر الفصل العنصري بين اليهود والفلسطينيين من كلا جانبي الخط الأخضر والدفع قدماً بمساواة فردية وجماعية. التحدي الأكبر الذي يضعه تقرير “بتسيلم” هم التنازل عن الرغبة في تحطيم المرآة أو النظر بعيداً عنها وبدلاً من ذلك النظر بجرأة إلى تفاصيل المشهد الصعب المنعكس عليها، والبدء بتصحيحه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى