ترجمات عبرية

هآرتس: هكذا فشل مشروع اطلانطس لاغراق انفاق حماس في قطاع غزة

هآرتس 26/7/2024، ينيف كوفوفيتش وايتان افريئيل: هكذا فشل مشروع اطلانطس لاغراق انفاق حماس في قطاع غزة

هذا المشروع كان يمكن أن يشكل انعطافة، رد جديد، سريع نسبيا ومدمر، على احدى الجبهات المعقدة في القطاع. أو كما اعتبروا ذلك في الجيش “اختراق هندسي وتكنولوجي مهم للتعامل مع التحدي تحت الارض”. وراء هذه الاوصاف اختفت “اطلانطس”، وهي المنظومة التي كان يمكنها اخراج انفاق حماس عن العمل وقتل قادتها الكبار، بواسطة ضخ مياه البحر بقوة كبيرة.

لكن بعد نصف سنة على اكتشاف المنظومة من قبل الجمهور، تبين أن هذا المشروع فشل، ولم يعد قيد الاستخدام، ايضا لا أحد في الجيش يعرف الفائدة التي حققها هذا المشروع الباهظ. تحقيق “هآرتس” الذي يستند الى محادثات مع مصادر مطلعة جيدا على تطوير المنظومة ونشاطاتها، وعلى وثائق ومحاضر من النقاشات المغلقة بمشاركة ضباط كبار ومهنيين، يكشف الاخفاقات في السلوك فيما يتعلق بهذه المنظومة، ويقدم نبذة عن المشروع الذي كان فشلا عسكريا معروف مسبقا.

تبين مثلا أن المنظومة بدأت في العمل حتى قبل تقديم الآراء الضرورية التي طلبها الجيش من المهنيين؛ لأنه خلف تسريع العمل كانت توجد ضغوط كثيرة تم استخدامها من الاعلى، قائد قيادة المنطقة الجنوبية، الجنرال يارون فنكلمان؛ استخدامها تم مع المخاطرة المحتملة بالاسرائيليين الذين تم اختطافهم الى القطاع على قيد الحياة. “المنظومة تم استخدامها على الاقل في نفق رئيسي واحد، الذي من الواضح أن الشخصيات الاكثر اهمية في حماس استخدمته في مراحل مختلفة في الحرب”، قال مصدر أمني مطلع على مشروع “اطلانطس”، “وهناك احتمالية كبيرة بأن يكون هناك مخطوفين تم استخدامهم كدروع بشرية”.

هناك جواب معقد، وربما اكثر من اجابة، على سؤال كيف أن المشروع الذي اعتبر في الجيش “محطم للتوازن” تحول الى فشل آخذ في الازدياد. العامل الرئيسي للفشل هو المزاج في الايام الاولى للحرب. “الانجازات على الارض امام قادة حماس الكبار كانت غير مهمة”، قال مصدر أمني. “معظم قوة حماس، لا سيما الذراع العسكري، دخلت الى الانفاق، الامر الذي خلق الضغط على القيادة العليا في الجيش الاسرائيلي”. لذلك طلب الجنرال فنكلمان عرض حلول عليه، طريقة للمس بنشطاء حماس في الانفاق. “كانت خيبة أمل لأنه في هذه المرحلة القوات الاسرائيلية لم تفكر بجدية بأننا سنبدأ في الدخول الى جميع الانفاق”، قال نفس المصدر واضاف. “بدأوا ايضا في ادراك حجم الانفاق التي لا تعرف الاستخبارات عنه. في ذلك الوقت كان الجيش في مرحلة فحص الانفاق التي وجدت في القطاع وحجمها الذي يبلغ مئات الكيلومترات. الجيش وجد نفسه على الارض وهو يدرك أن نشطاء حماس يوجدون تحت الارض ولا يوجد لديه أي حل لكيفية اخراجهم من هناك”. 

اضافة الى ذلك في قيادة المنطقة الجنوبية هناك من قالوا بأنه في تلك الفترة لم يكن للذراع البري أي رد على مشكلة الانفاق. لذلك، الجيش كان يستمع لأي فكرة. ومثل هذه الفكرة قدمها ضابط في سلاح البر: اغراق الانفاق بمياه البحر بواسطة المضخات وانابيب المياه التي سيمدها الجيش في القطاع. عمليا، تم استلال خطة كانت محفوظة، التي تمت بلورتها في سلاح البر قبل سنوات من تسلم فنكلمان للمنصب؛ في حينه استهدفت الخطة انفاق من نوع مختلف، واحتمالية نجاحها في الانفاق التي تم ايجادها في القطاع منذ 7 تشرين الاول كانت ضعيفة. ولكن حسب مصادر امنية تحدثت مع “هآرتس” فان فنكلمان اعطى الضوء الاخضر لاستخدام الخطة القديمة في الواقع الجديد. 

بعد حصول الخطة على المصادقة المطلوبة – عملية كهذه تحتاج، ضمن امور اخرى، الى مصادقة رئيس هيئة الاركان والنيابة العسكرية – توجه الجيش الى سلطة المياه، التي سارعت الى التجند من اجل هذه المهمة وشكلت مجموعتين من الخبراء المدنيين في عدة مجالات. الاولى تولت المسؤولية عن ضخ المياه في الانفاق. الثانية طلب منها فحص موضوع تسرب المياه من جوانب النفق. المجموعتان انطلقتا.

لكنهم في الجيش الاسرائيلي لم ينتظروا النتائج وانتقلوا الى المرحلة التالية. الفرقة 162 تم اختيارها لتنفيذ العملية، والاعمال تم القاءها على الفرقة البحرية 13، التي خلال بضعة اسابيع اصبحت وحدة لمد الانابيب. الهدف كان مد الانابيب في منطقة القتال. “خلال شهر ونصف قام الجيش الاسرائيلي بتحييد فرقة كاملة”، قال احد القادة المشاركين في اقامة البنية التحتية. “قام بتشغيل الجنود في اعمال الانابيب وحمايتها على طول القطاع من اجل مشروع لا يوجد لدى الجيش أي فكرة اذا كانت توجد له أي فرصة عملية للنجاح”. وحسب قول هذا القائد “لم يكن للجيش الاسرائيلي أي امكانية لمعرفة هل المنظومة تعمل وما الذي حدث في الانفاق وكيف هو وضع المخربين في الداخل واذا كان هناك مخطوفين تضرروا نتيجة ضخ المياه. حتى الآن من غير الواضح ما هو الضرر الذي حدث في الانفاق، هذا اذا كان. ببساطة، هم لا يعرفون أي شيء”.

المهنيون قالوا بأنه لم تكن لدى الجيش في حينه المعلومات والبيانات المطلوبة عن الانفاق. وبالتأكيد لم يعرفوا كيفية اغراقها والمس بالمتواجدين فيها أو جعلهم يهربون الى فوق الارض. لذلك، في عملية الفحص اطلع الباحثون في سلطة المياه على تحقيق تم مع ناشط في حماس، خدم في السنوات العشرة الاخيرة في شبكة الانفاق. الى جانب قوله بأن الانفاق هي المنظومة الاساسية التي قامت حماس باعدادها من اجل المواجهة العسكرية مع اسرائيل، (“عرفنا أن الجيش الاسرائيلي سيدخل الى القطاع”)، وصف كيف تم بناءها والمنطق الذي وقف وراءها.

هذا الناشط كشف للمحققين بأن فتحات الانفاق جرت عليها تعديلات. اذا كانت في السابق بنيت للاعلى، والدخول اليها كان يتم بواسطة سلم ارتجالي، فانه الآن البنية كلها تغيرت. “فتحات الانفاق مبنية على شكل درج أو سلم صغير طوله متر أو مترين. ومن هناك يوجد درج أو منحدر يؤدي الى النفق. هذا كان يهدف الى التسهيل على الحفارين، وحتى خلق فتحة ضيقة في فتحة النفق. حسب قوله اذا دخل الجنود سيكون من الصعب عليهم المرور مع المعدات الكثيرة التي يحملونها.

لكن تم اكتشاف تفاصيل اخرى. مثلا، المسافة بين فتحة النفق، التي يمكن مشاهدتها من الاعلى هي مضللة، لأن الدخول منها بني بمنحدر يمكن أن يصل الى عشرات الامتار. عمليا، النفق نفسه قصير جدا، والمس بالفتحة الضيقة سيؤدي الى تحقيق انجازات محدودة فقط. وهناك شيء لا تتم مشاهدته من الاعلى وهو الممرات بين الانفاق التي لا توجد لها فتحة خروج. 

المخطوفون ليسوا في الصورة

في الوقت الذي كان فيه الباحثون يقومون بالعمل وعرفوا عن التغييرات في القطاع وفكروا باحتمالية الاغراق، في الجيش لم ينتظروا اكثر. الجيش بدأ في انشاء البنية التحتية الجديدة وتشغيلها حتى قبل أن يتم التوصل الى الافكار والقرارات لفرق البحث. تم انشاء خمس مضخات على الشاطيء بدأت في ضخ المياه في شبكة الانابيب، ومن هناك الى بضعة انفاق. الهيدرولوجيون في سلطة المياه غضبوا من ذلك وقالوا “التشغيل لم يتم حسب توصية الجهات المهنية”، كتب في الوثيقة التي قدمها الخبراء بعد ثلاثة اسابيع على بداية مشروع اطلانطس في العمل. “الضخ لم يتم تنفيذه حسب نظرية القتال التي تم تطويرها، ولم يتم جمع المعلومات أو اجراء القياسات التي تم تحديدها”. الخبراء غضبوا من أنه في الوقت الذي كانوا يعملون فيه “كان هناك انقطاع بين الجهات التي توجد في الميدان وبين الوحدة المرافقة والخبراء الذين قاموا برسم طريقة العمل”. الخبراء قالوا إن الجيش الاسرائيلي بدأ في اغراق الانفاق دون أن يكون لديه جهاز لتقدير الانجازات من ذلك. عمليا، لخصوا “نحن لا نعرف بأي درجة نجاح تمت العملية”.

“هآرتس” علمت أنه منذ بداية العمل على الخطة طرح المهنيون الشكوك حول القدرة على اغراق الانفاق بصورة تصعب على نشطاء حماس التواجد فيها وتؤدي الى موتهم. “فنكلمان أراد الدخول والعمل في الانفاق في اسرع وقت”، قال مصدر امني مطلع على الخطة. “كل قدرة تدربوا عليها في الجيش الاسرائيلي حتى اندلاع الحرب لم تكن متعلقة بالواقع الذي واجهته القوات على الارض. في الجيش اعتقدوا أنه يمكن اختراع العجلة من جديد خلال ايام أو اسابيع بدون فحص الموضوع ونتائجه بشكل معمق”.

“الامر الذي لم يتم التطرق اليه ابدا هو موضوع المخطوفين. هذا لم يتم أخذه في الحسبان ومن يقول غير ذلك فهذا غير دقيق”، قال مصدر مهني مطلع على الموضوع. “عندما رغبنا في الحصول على معلومات حول امكانية وجود مخطوفين في الانفاق، طريقة احتجازهم، وهل يوجدون في غرف لا يمكن الهرب منها، أو اسئلة اخرى متعلقة بالموضوع، بسرعة عرفنا أن هذا خارج حدودنا، وأن هذه معلومات فقط قلائل يعرفونها”. المصدر اضاف بأنه في الجيش قالوا بأنه في اماكن معينة توجد احتمالية لوجود مخطوفين، “لكن كما فهمنا، هذا كان متعلق أقل بالانفاق”. 

في تلك الفترة، كما قالت مصادر امنية للصحيفة، كل شيء حدث في مناخ فيه الجيش الاسرائيلي والمستوى السياسي ارادوا عرض منظومة عمل ورد ابداعي على انفاق حماس. لذلك، كل مشكلة طرحتها الجهات المشاركة اعتبرت محاولة لوضع العصي في دولاب الجيش الاسرائيلي. “في احدى الجلسات كان هناك من تساءل كيف تتغلب حماس على مياه الامطار في الانفاق طوال هذه السنوات. كيف يعقل أن هذه الانفاق لم تغرق”، قال مصدر مطلع.

الاجابة على ذلك تم الحصول عليها فقط في عمل الخبراء وبمساعدة التحقيق مع نشطاء حماس. “تبين أنهم قاموا ببناء الانفاق على مستويات، وبمنحدرات، مع فتحات لتجميع مياه الامطار وبوابات قلابة”، قال المصدر. “قيل بأنه توجد لديهم حلول لتحويل المياه الى نقاط امتصاص”. لذلك فانه سيكون من الصعب جدا، بل من المستحيل، اغراق الانفاق والتسبب بضغط وارتفاع للمياه يجعل من الصعب البقاء فيها. كان هناك ايضا اشخاص تم التحقيق معهم كرروا القصة التالية: “بعد انتخاب عبد الفتاح السيسي كرئيس قام المصريون باغراق انفاق حماس بمياه المجاري، ومنذ ذلك الحين قامت حماس بمعالجة هذا الامر”. و”لكن هذا لم يهم أي أحد”، قال المصدر. “الوضع لم يكن يسمح بالحديث بشكل منطقي”. 

الضابط الكبير اضاف بأنه في مرحلة مبكرة فهمنا في القيادة بأن هذه المنظومة لن تعيش طويلا، وأنها ستتحول بسرعة الى فيل ابيض. عندها جرت محاولة لاستغلالها مرة اخرى للمرة الاخيرة. “بدأنا في النشر، وجاءت وسائل الاعلام لتصوير المنظومة”، قال الضابط. “ما افهمه من بين السطور كانت النية هي جعل المخربين يخافون ويخرجون. على الاقل في المنطقة التي عملت فيها هذا لم يؤد الى النتيجة التي رغبوا فيها”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى