ترجمات عبرية

هآرتس: هكذا سيطرت الكاهانية على الحكومة الإسرائيلية

هآرتس 27-5-2024، تاليا ساسون: هكذا سيطرت الكاهانية على الحكومة الإسرائيلية

يبدو أن افتراضاً سائداً يدور في وسائل الإعلام بأن ليس لنتنياهو خطة لليوم التالي. وحسب تسلسل الأحداث، يبدو أن الإدارة الأمريكية طلبت خطة حتى قبل غزو غزة، لأنه لا حرب بدون هدف استراتيجي في نهاية المطاف. رفض نتنياهو ذلك، وطلب مجلس الحرب ذلك منذ ثمانية أشهر، ولكن لا خطة حتى الآن. جهاز الأمن كله يطلب علناً، بعد اليأس، ويتوسل لوضع هدف استراتيجي لتخطيط عملياته، لكنه يواجه بالصمت. يعود الجنود مرة تلو الأخرى إلى نفس الأحياء في قطاع غزة التي حاربوا فيها وخرجوا منها ثم عادوا إليها، وعلامات الحرب ستنقش في عقولهم إلى الأبد.

لم نعد نسمع عن شعار “تدمير سلطة حماس”، لأن هذا يحتاج إزاحة حماس عن الحكم. ليس لنتنياهو نية كهذه على ما يبدو، لأن إسرائيل لم تفعل أي شيء في هذا الاتجاه حتى الآن. تتركز الحرب في هذه الأثناء على قتل مقاتلي حماس الإرهابيين. ولكن مصادر القوة السلطوية هي توزيع الغذاء والمياه والاهتمام بالسكن والصحة والتعليم والشرعية. حماس تستمر في الحكم، بل وتنجح في جباية الضرائب من السكان في غزة.

 في الوقت الذي يصمت فيه رئيس الحكومة، يفصل وزراء آخرون أهداف الحرب بصوت عال… احتلال القطاع كله والسيطرة عليه لفترة طويلة تحت حكم إسرائيل؛ وإقامة حكم مدني إسرائيلي؛ وإقامة المستوطنات في غزة على اعتبار أنها جزء من أرض إسرائيل الكاملة؛ وطرد جميع الفلسطينيين من القطاع، أو باللغة المغسولة “تشجيع الهجرة الطوعية”. أي أننا سننغص حياة الفلسطينيين حتى يرغبوا في الهجرة مبحرين عبر سفن قديمة بدون هدف، أو أن يتدفقوا بجموعهم نحو شبه جزيرة سيناء وتحطيم اتفاق السلام مع مصر.

 معظم الجمهور يعتقد أنها مواقف لا يؤمن بها سوى بن غفير وسموتريتش، وتلاميذ مئير كهانا الذي طلب طرد العرب وتحويل إسرائيل إلى دولة شريعة “نقية” من العرب، والدعوة إلى العنصرية وتفوق اليهود ودولة شريعة، لكن هذه الأيديولوجيا مناقضة للديمقراطية وتعتبر الدفع قدماً بقيمها ضعفاً.

تم طرح فكرة احتلال القطاع منذ بداية فترة حكومات اليمين المطلقة، التي تقدس وتفضل الأرض على الجوهر الديمقراطي لدولة إسرائيل. وللمضي بهذه الفكرة، ألغي قانون الانفصال واتخذت خطوات لإقامة أربع مستوطنات في الضفة الغربية أخليت في العام 2005.

 عندما ألغي القانون، أعلنت أوريت ستروك العودة إلى قطاع غزة، التي ستنطوي على الكثير من الضحايا. ومن خطر بباله في حينه أننا سنحتل غزة مرة أخرى؟ في 7 أكتوبر، كما نذكر، هنأت ستروك أصدقاءها وقالت “عيد سعيد”، وعرفت لماذا؛ لأن احتلال غزة ظهر في حينه أنه في متناول اليد. الـ 1400 قتيل لم يؤثروا فيها.

 في العام 1994 أعلنت الحكومة عن “كاخ”، الحزب الذي تمت أقامته في 1971، كتنظيم إرهابي بعد المذبحة التي نفذها باروخ غولدشتاين (وهو رقم 3 في حزب كاخ في الكنيست) داخل الحرم الإبراهيمي. لم يتم إلغاء هذا الإعلان يوماً، لكنه أصبح إشارة ميتة منذ قام نتنياهو بتعيين بن غفير (الذي يعلق صورة غولدشتاين في صالون بيته) في منصب وزير الأمن القومي. ومنذ هذا التعيين، وهو يطبق عقيدة “كاخ”؛ فقد حول الشرطة إلى جسم سياسي لحزب “قوة يهودية”، بما في ذلك السيطرة على مراكز القوة في الدولة، وقمع حرية التعبير، والمس بسلطة القانون.

 ورثة كهانا في الحكومة يعملون على السيطرة على إسرائيل بواسطة رئيس حكومة ضعيف ومطارد، ومتهم يعتبر الكرسي الجالس عليه أداة للنجاة من المحاكمة. اعتماده على بن غفير وسموتريتش في بقائه السياسي أدى إلى تصرف إسرائيل، بشكل جزئي على الأقل، وفقاً عقيدة كهانا.

 حتى لو اعترض جزء لا بأس به من الجمهور على هذا التوجه، فإن هناك أجزاء كبيرة انتحرت أمام قوة الهيمنة. لذا، فإن هدف نتنياهو في قطاع غزة يخضع لرغبة بن غفير: الاحتلال والإدارة المدنية التي تتصادم مع الفلسطينيين، ثم توطين اليهود وطرد العرب. هذه هي الخطة، وتُنفذ بالفعل حتى لو لم يعترف رئيس الحكومة بذلك علناً. في الأصل، سياسته جلبت عليه مذكرة اعتقال دولية كمجرم حرب، إضافة إلى أنه متهم بمخالفات جنائية في إسرائيل.

 حاولت إسرائيل الديمقراطية مواجهة التوجهات الفاشية والعنصرية والدينية والاستقوائية التي جلبها عليها مئير كهانا. وهذه التوجهات تندمج بمشروع المستوطنات التي أقيم معظمها بصورة غير قانونية على حساب سكان يحكمهم شعب آخر. برعاية المستوطنات ومن أجل المستوطنين، ترتكب دولة إسرائيل الجرائم ضد الفلسطينيين وتخرق حقوقهم. وسياستها هناك القائمة على التفوق اليهودي وبرعاية العنف وعدم الخضوع للقانون، هي سياسة غير ديمقراطية، ويتم تطبيقها بالخضوع لسيادة المستوطنين. التصادم بين إسرائيل الديمقراطية وإسرائيل الكهانية يحدث أيضاً في قطاع غزة. وكبش الفداء هم المخطوفون وأبناؤنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى