ترجمات عبرية

هآرتس: هذه الحكومة لا تمثّلني ولم أعد أنتمي لهذا الجيش

هآرتس 2023-02-11، بقلم: الرائد (احتياط أ): هذه الحكومة لا تمثّلني ولم أعد أنتمي لهذا الجيش

في القريب، سيكون عمري خمسين سنة. طوال حياتي آمنت بقيمة الخدمة العسكرية، ورأيت فيها حقا كبيرا وليس فقط واجبا مدنيا مفهوما ضمنا. في شبابي، تنازلت عن الدراسة في المسار الأكاديمي من أجل التجند للجيش مع أصدقائي. صممت على الخدمة في وحدة قتالية رغم أن وضعي الصحي لم يناسب ذلك. خدمت جنديا وضابطا في دورية لوائية، وأرسلت لمهمات خطيرة في قطاع غزة وفي المنطقة الأمنية في جنوب لبنان قبل إخلائها. أيضا بعد التسرح كان من المهم لي مواصلة الخدمة العسكرية. ولم يخطر ببالي التهرب من الاحتياط كما يفعل ذلك كثيرون.

تطوعتُ للخدمة في وحدة خاصة، وبعد أن كبرت انتقلت إلى وحدة في الجبهة الداخلية. في الوقت الذي وصل فيه أصدقائي إلى سن الإعفاء، وأنهوا الخدمة، ذهبتُ إلى دورة لقادة فصائل في الاحتياط، وتوليت قيادة فصيل احتياط. طلبتُ مواصلة الخدمة حتى بعد أن وصلت إلى سن الإعفاء. في موجتي “كورونا” الأوليين وعندما تم توجيه سكان الدولة للمكوث في البيوت، قمت بنقل جنود من كل الأنواع والطوائف في الأماكن التي اعتبرت في حينه الأكثر خطراً.

خدمتُ في ظل حكومات يسار، وسط، ويمين، حتى عندما كنت أعارض تماما مواقفها. قبلت “حكم الناخب”، وفهمت بأن هذه هي قواعد اللعب في الدولة الديمقراطية. هذا لم يعد قائماً. الحكومة الحالية، التي انضم فيها مجرمون ومتطرفون قوميون مسيحانيون لبعضهم، تحت رئيس حكومة متهم بمخالفات جنائية، هي خطيرة وسيئة بالنسبة لي، ولا توجد أي ثقة لي بها. خطة “الإصلاح القضائي” التي تدفعها قدما ليست سوى محاولة لانقلاب نظامي، وتغيير وجه إسرائيل كدولة ديمقراطية. لا أعتقد أن النية هي الإصلاح، هم عملاء للفوضى. بعضهم يفعلون كل ما في استطاعتهم لإشعال المنطقة، وإشعال موجة عنف ربما ستحرف الانتباه عن خطواتهم. أسمع مقولة “الشعب قال كلمته”.

لقد ترددت هل يجب عليّ أن احترم في هذه المرة رأي الأغلبية، وأن أقبل سيادة الحكومة التي انتخبت بأغلبية ديمقراطية. من الواضح لي أنني في هذه المرة لن استطيع، وذلك لثلاثة أسباب. أولاً، الحكومة الحالية لم تنتخب بشكل ديمقراطي، بل بانقلاب عنيف بكل معنى الكلمة. منذ الوقت الذي أدت فيه الحكومة السابقة اليمين، “حكومة التغيير”، اختارت أحزاب المعارضة في حينه تحطيم الأدوات وعدم احترام مبادئ الطريقة. قطعت خطابات رؤساء حكومة التغيير مرة تلو الأخرى بصراخ مخيف في الكنيست (أتذكر بشكل خاص الصراخ المشين في حفل أداء الحكومة لليمين أمام أبناء العائلات المذهولين). قطع أعضاء المعارضة النقاشات في الكنيست، وامتنعوا عن تشكيل اللجان التي كانت من صلاحيتهم، وكان هناك من واصل تسمية رئيس المعارضة في حينه بـ”رئيس الحكومة”، ولاحق مجرمون محرضون أعضاء في الائتلاف وهددوهم، بالأساس الأعضاء في القطاع الصهيوني – الديني، إلى أن انكسر هؤلاء وانسحبوا، وعلى رأسهم كانت رئيسة الائتلاف، عيديت سلمان.

في الوقت ذاته، واصلت “الأبواق” وزعران لوحة المفاتيح التحريض الوحشي – العنيف ضد رؤساء الائتلاف، وضد جهاز القضاء والقانون. أكاذيب فظة، وتشهير حقيقي، نشرت في كل الأرجاء، “هذا لوطي”، “بينيت غير يهودي”، “مليارات تحول للإخوان المسلمين”، “منطقة إسرائيلية بيعت لـ(حزب الله)” وما شابه. رؤساء الحكومة السابقة المحرجون ووزراؤهم حاولوا مواجهة هذه الظواهر القبيحة بأدوات الحكم العادية. ولكنهم بالطبع فشلوا. لا يدور الحديث عن تبادل ديمقراطي للسلطة، بل عن انقلاب عنيف في النظام.

ثانيا، في الانتخابات الأخيرة، لم يتغلب موقف شرعي على موقف آخر، كما قلنا، فقد خلق الائتلاف الحالي ربطا مقلقا وخطيرا بين رئيس الحكومة، الذي يمثل للمحاكمة بسبب مخالفات جنائية ويفعل كل ما في استطاعته كي يشوه ويمس جهاز القضاء الذي يقوم بمحاكمته وبين جهات حريدية وحريدية وطنية؛ هؤلاء في الأصل لا يعترفون بتفوق القيم الديمقراطية على القيم اليهودية، ويطمحون بدولة شريعة دينية، فيها تحل التوراة محل سلطة القانون والقضاء. هذه الدوافع غير شرعية في نظري. الأول، جنائي. والثاني، مسيحاني وغير ديمقراطي في أساسه.

في نهاية المطاف، والاهم من كل ذلك، لا أؤمن بأن هذه هي “كلمة الشعب” أو حتى كلمة معظمه. أنا على قناعة بأن معظم من صوتوا لـ”الليكود” وأيضا الكثيرين من مصوتي الأحزاب الدينية غير معنيين بالعيش في دولة توجد فيها هيئة حكم واحدة قادرة على كل شيء، دون أي توازنات وكوابح. وإذا لم أكن مخطئا فإن رغبة الأغلبية هي في الواقع سحق الأقليات التي تعيش معها وإلغاؤها – أنا غير مستعد لخدمتها. وغير مستعد لأن اكون أداة في الأيدي المخربة لوزرائها.

لذلك، طلبتُ وبحزن كبير وقف خدمتي على الفور. وإذا كان لهذا أي معنى فكنت سأطلب أيضا إعادة رتبتي. يجب علي التوضيح بأنني لا أنتمي إلى أي حزب أو أي حركة. أنا أمتثل فقط لضميري. أنا لا أطلب من الآخرين أن يتصرفوا مثلي. كل وطريقته. أطلب من إخوتي وأصدقائي، قادتي وجنودي، يمينيين ويساريين، علمانيين ومتدينين، أبناء الطوائف والقطاعات: اخرجوا إلى الشوارع وأسمعوا صوتكم. قوموا بكل خطوة احتجاج قانونية قبل أن يصبح الوقت متأخرا جدا. لا أكشف اسمي بالكامل لأنني أخاف. أخاف من زعران لوحة المفاتيح، من أن يلاحقوا عائلتي وأولادي. أخاف من أن اكون مسجلاً ومشاراً إليه من قبل سلطة مستبدة، وأن أُصنف إلى الأبد خائناً وعدواً للشعب. أخاف من أن الوضع هنا ظلامي وعنيف ومخيف. هذه ليست الدولة التي عرفتها، هذه ليست حكومتي، وهذا لم يعد جيشي.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى