هآرتس – هدف 67 مقابل 48 تحقق في حرب 73 ..!!
هآرتس – بقلم دان شيفتن – 15/10/2021
” هكذا اخرجت اسرائيل مصر من المعادلة الاستراتيجية للصراع العربي – الاسرائيلي. صمود السلام مع مصر يسمح باستبدال النزاع بين اسرائيل والعرب بتحالف بين اسرائيل والدول العربية ضد ايران وتركيا. في الاتفاق مع مصر تنازلت اسرائيل عن انجازها الجغرافي في حرب الايام الستة مقابل انجاز استراتيجي وهو شرعنة مصرية لانجازاتها في حرب الاستقلال”.
في النقاشات حول حرب يوم الغفران وتداعياتها ينقص منظور اهميته حاسمة، يربط الحرب بسياق تاريخي اوسع . هذا المنظور يمكنا ايضا من العودة الى اختبار الانتصار، الذي تحول الى اكثر تعقيدا في العصر الجديد، الذي فيه الحروب لم تعد تنتهي في غرفة القيادة المحصنة في برلين أو على متن سفينة حربية في خليج طوكيو. اسرائيل واجهت في منتصف الخمسينيات التحدي الاخطر على وجودها منذ حرب الاستقلال. وبعد ربع قرن على تلك الحرب أنهت هذا الفصل في تاريخها بانتصار حاسم، مع تحقيق 100 في المئة من الهدف الاستراتيجي الاقليمي الحاسم في تاريخها. من المهم بالطبع مناقشة الحروب المختلفة، كل واحدة على حدة، والقيام بوضع اجمالات مؤقتة مهمة في اعقابها، والتهنئة بهذه الانجازات في وقتها وتعلم دروس الاخفاقات المحددة، لكن في التحليل النهائي كل هذه الامور ثانوية بالنسبة للانجاز التاريخي، ومن الجدير فحصها من هذا المنظور ايضا.
التهديد الوجودي الذي حلق فوق المشروع الصهيوني منذ بدايته هو تجنيد موارد كل الدول العربية حتى قبل أن تحصل على السيادة الكاملة، في صراع منسق ومندمج يستهدف منع اقامة الدولة اليهودية. وعندما قامت وجه لتقزيمها وحتى القضاء عليها. في حرب الاستقلال نجح بن غوريون، بدعم القيادة الصهيونية (الذي جزء منه اعطي فيما بعد)، في تقويض التضامن العربي من خلال شراكة استراتيجية مع الملك عبد الله، ملك شرق الاردن.
بن غوريون فهم أن دولة يهودية مع اغلبية عربية لن تكون قابلة للحياة، وفي هذا السياق رأى في تقسيم البلاد هدف صهيوني. فقد علم أن الفلسطينيين بقيادة مفتي القدس، الحاج امين الحسيني، غير شركاء في التقسيم الحميد. هكذا نشأ تطابق في المصالح بين اسرائيل والملك عبد الله الذي سعى الى بناء على انقاض الحركة القومية الفلسطينية المملكة الاردنية في الضفتين. من خلال هذه الشراكة تجنب الاردن استخدام جيشه المحمول والمدرب كقبضة ساحقة ضد مراكز ثقل اسرائيل، وركز على السيطرة على المناطق التي تحولت بعد ذلك الى “الضفة الغربية” للمملكة.
باستثناء صراع مرير على السيطرة على الطريق من الساحل الى القدس، تصرفت اسرائيل والاردن مع بعضهما كحليفتان في الصراع ضد الفلسطينيين والمصريين. بدون هذه الشراكة كان من المشكوك فيه أن تستطيع اسرائيل البقاء وتجاوز المراحل الاولى للحرب. وبالتأكيد لم تكن لتنجح في تركيز القوة المطلوبة من اجل هزيمة مصر في المراحل الاولى واخراجها من الحرب باتفاق منفصل وتمكينها من الانتصار في النهاية.
منذ العام 1949 كان هدف اسرائيل على المستوى الاستراتيجي هو مأسسة النتائج السياسية والديمغرافية والجغرافية لحرب الاستقلال: موافقة العرب على وجودها، منع عودة اللاجئين الفلسطينيين وتأمين شرعية لشمل المناطق الموجودة بين حدود التقسيم والخط الاخضر. الكابوس الاكبر بقي على حاله: تجنيد جميع الموارد الضخمة للعرب، السياسية والعسكرية والاقتصادية، في الصراع ضدها. هذا ثار مرة اخرى وبقوة اكبر مع تراكم الطاقات الكبيرة التي جسدتها كاريزما قيادة الرئيس المصري جمال عبد الناصر.
جميع حروب اسرائيل منذ منتصف الخمسينيات، عملية “كودش”، حرب الايام الستة، حرب الاستنزاف وحرب يوم الغفران والصراعات السياسية الاساسية التي تركزت في تأمين هذا الهدف الاستراتيجي. الاداة الرئيسية والاختبار الحاسم لنجاحها، الذي هو اهم من كل الآخرين معا، كان أن تفرض على مصر الانسحاب باتفاق منفرد من الصراع النشط ضد اسرائيل. مصر حاسمة لكونها الدولة العربية الاقوى والاكثر استقرارا والوحيدة القادرة على أن تجند بقيادتها جميع الموارد العربية. منذ أن تحررت اسرائيل من تهديد مصر فهي تستطيع أن توجه جميع مواردها ضد اعدائها المقسمين والاكثر ضعفا، لردعهم عن مواجهة شاملة أو ضربهم اذا اختاروا محاربتها.
الى جانب مواردها وافضليتها الطبيعية، كانت مصر حاسمة بسبب زعامة ناصر القوية. في تاريخ العرب في العصر الحديث نجح ناصر فقط في أن يثير العرب من المحيط الاطلسي وحتى الخليج الفارسي. فقد تمكن ليس فقط من تجنيد دعم الشارع السياسي والنخب في كل هذا الفضاء وتشجيع الثورات التي جلبت امثاله ومن يتبنون رؤيته الى الحكم، بل حتى فرض على اسوأ اعدائه الخضوع له خوفا من غضب الشارع وقوته.
من خلال الدعم الجارف الذي جنده في المنطقة حقق ناصر لنفسه في الساحة الدولية مكانة بارزة عززت قيادته الاقليمية. اسرائيل لم تقف في أي يوم امام خطر شديد وملموس مثلما في عهد صعود ناصر. هذا وضع “تحرير فلسطين” كاختبار ايديولوجي وسياسي اعلى لآمال العرب، ايضا في الوقت الذي خاف فيه ناصر في المجال العسكري ولم يبلور خطة عملية محددة بالوقت والاسلوب لمواجهة كاملة. تفجر غير متوقع لهذا الكابوس كان يشبه سيف ديمقليص معلق فوق اسرائيل. هذا الاطار كان عليها تقويضه.
المحاولة الاولى كانت في عملية كودش في 1956. صفقة التشيك التي أمنت لمصر كمية غير مسبوقة من السلاح الحديث الى جانب دعم سوفييتي واستعداد الولايات المتحدة للتخلي عن اسرائيل بدون دعم امريكي موازي، أدت الى حرب وقائية بمشاركة بريطانيا وفرنسا، استهدفت كسر واهانة ناصر. الفشل الذريع لهذا الهدف بسبب قصر نظر الرئيس الامريكي في حينه، آيزنهاور، رافقه، كما تبين فيما بعدد، انجاز موازي خلق واقع مركب. فمن جهة، السياسة الامريكية الخاطئة رفعت ناصر الى الاعلى وساهمت في تقويض، وحتى اسقاط، انظمة تؤيد الغرب وتعزيز قوة الراديكاليين وتعميق سيطرة الاتحاد السوفييتي في المنطقة. ومن جهة اخرى، الحرب وزيادة قوة اسرائيل المتواصلة اثبتت لناصر تصميم وقدرة اسرائيل وقوة صمودها. وردعته عن القيام بمواجهة كاملة وحولته في الستينيات الى عامل كابح امام الجهات المتطرفة في القيادة السورية.
كل ذلك، مع التغيير الايجابي من ناحية اسرائيل في السياسة الامريكية في عهد الرئيس لندن جونسون، منح اسرائيل عشر سنوات بدون حرب، تم فيها تشكيل التكتل البشري لسكانها الى شعب عامل، ووضعت الاسس لنجاتها من حدود “العالم الثالث”. عملية مأسسة انجازات اسرائيل في 1949 اجتازت بعد اقل من عقدين المرحلة الصعبة الاولى بفضل امتناع العرب عن شن الحرب. المسدس الذي تم حشوه عند صعود القيادة القومية العربية لناصر في المعركة الاولى لم يطلق طوال كل المعركة الثانية (1957 – 1967)، وعندما اطلق في المعركة الثالثة (1967) بدأت بصورة متناقضة العملية التي وضع عليها عتلة الأمان (تجنب المواجهة الكاملة). في نهاية هذه العملية (التوقيع على اتفاق سلام في 1979) تم لحم العتلة في وضع مغلق، على الاقل لعدة اجيال.
حرب الايام الستة فاجأت حتى من وضع الالية التي تسببت بها. بعد سنوات من الضبط المسؤول والمخيب للآمال فقد ناصر الرقابة على جهاز زيادة حماسة الجماهير الذي غذى طموح تطلعهم للعظمة والقوة بقيادته، وجر كل المنطقة الى الحرب. نتائجها غزت عميقا رسالته المسيحانية، لكن في نفس المرحلة لم تقوض أسسه بعد. سياسته ليست هي التي كانت على الاجندة، بل بشارته التي اقترنت بأمل العرب في اعادة ترميم امنهم الذاتي وثقتهم بأنهم يستطيعون احتلال المكان الرائد والمحترم الجدير بهم حسب رأيهم في الساحة الدولية. ناصر وعدهم بالتعويض عن اهانتهم العسكرية بتجنيد ثقلهم السياسي من اجل منع اسرائيل عن تحويل انجازاتها الجغرافية في تأسيس شرعية للدولة اليهودية.
من المهم ادراك ثمار الصراع بين اسرائيل واعدائها في المرحلة ما بعد 1967. على المستوى الاستراتيجي كان هدف اسرائيل أن تفرض على مصر تسوية منفصلة، التي اساسها “1967 مقابل 1948”: تنازل عن الانجاز الجغرافي في حرب الايام الستة في شبه جزيرة سيناء مقابل شرعنة مصرية لانجازات اسرائيل في حرب الاستقلال. في هذا السياق مصر كان يمكنها أن تخرج من دائرة الحرب مع اسرائيل وأن تقيم على اراضيها السيادية شروط نزع سلاح تصعب انضمام مفاجيء لحرب كهذه، دون صلة بالطلبات والخطوات للدول العربية الاخرى والفلسطينيين. مصر كان يمكنها اظهار التضامن مع مطالبهم وأن تدين اسرائيل بشدة على رفضها، لكن بدون الانضمام بصورة جوهرية الى نضالهم.
منذ انتهاء الحرب في 1967 فهمت مصر أن اسرائيل تعرض هذا الاطار. وقد رفضته لمعرفتها أن التسليم سيورث هزيمة مهينة لحركة ناصر القومية والآمال التي علقت عليها. ناصر واتباعه فهموا أن معنى الموافقة هو أن العجز العربي يشمل ليس فقط المجال العسكري، بل سيبقى ساري المفعول حتى بعد تعبئة جميع مواردهم من اجل هذا النضال. هذا يعني أن مصر انسحبت من قيادة النضال وأنه لا يوجد بديل لقيادتها.
من اجل هذا الاطار حاربت مصر اسرائيل في العقد التالي للعام 1967، في الساحة السياسية وفي حرب الاستنزاف وفي حرب يوم الغفران وفي اختبار المناعة القومية في منتصف السبعينيات. النضال السياسي تركز على تصميم اسرائيل على أن تفرض على مصر صفقة “خذ وأعط” قبل تسوية “1967 مقابل 1948”. في المقابل، كانت هناك مطالبة مصرية بأن يضغط الامريكيون على اسرائيل على صيغة “1957” للتنازل عن انجازاتها الجغرافية بدون أي مقابل سياسي حقيقي.
حرب الاستنزاف هدفت بالاساس الى أن تفرض على الولايات المتحدة استخدام ضغط كهذا في ظل التهديد بمواجهة بين الدول العظمى. وقد انتهت في هذا السياق بفشل كامل وتكلفة غير محتملة لمصر. حرب يوم الغفران، التي كانت المعركة الاخيرة في “حرب السنوات السبعة 0 1967 – 1973″، كانت نتيجة معقدة. فمن جهة، موقف التفاوض لاسرائيل تضرر بشكل كبير، حتى لو كان بشكل مؤقت؛ ومن جهة اخرى، قبل الحرب، خلالها وفي اعقاب المواجهة مع نتائجها خلقت شروط لاتفاق السلام الذي وقع مع مصر في 1979 وجسد بالكامل الهدف الاسرائيلي على المستوى الاستراتيجي الشامل، “1967 مقابل 1948″، واخراج مصر من المعادلة الاستراتيجية للصراع العربي – الاسرائيلي.
قبل الحرب تخلى الرئيس المصري انور السادات عن عامل رئيسي في استراتيجية ناصر. فقد ادرك أن مصر والعرب بشكل عام لا يمكنهم الوقوف لفترة طويلة في موقف يستفز الولايات المتحدة ويجعلها مثلما في 1967 تعمل فعليا على خدمة اعدائها الاقليميين والدوليين، هو كان ما زال يأمل أن يفرض على اسرائيل، بواسطة الضغط الامريكي، الانسحاب على الاقل من سيناء بدون مقابل حقيقي، لكنه فهم أنه من اجل فعل ذلك مطلوب منه أن يغير بصورة بارزة موقف مصر في المواجهة العالمية. استراتيجيته اللامعة في الحرب جندت في الواقع ضغوط كبيرة على الولايات المتحدة، لكنه عرف كيف يدمج هذا التهديد مع اغراء تغيير التوجه الذي تصعب مقاومته.
في الحرب نفسها فرض السادات على قيادته العسكرية أن تدخل في تخطيطها الافتراض بأن اسرائيل لديها تفوق استراتيجي حاسم، حتى في مخطط حرب صعبة، وأن هذا التفوق لا يمكن كسره إلا لفترة قصيرة وفي قطاع ارضي ضيق. صحيح أنه لا يكفي الانجاز العسكري المحدود هذا من اجل ابعاد اسرائيل عن سيناء (بالتأكيد عدم تعريض وجودها للخطر)، لكنه غير معد لذلك أبدا. بالتالي، الانجاز أمن ما كان مطلوب للسادات وهو أن يهز اسرائيل والولايات المتحدة عميقا، في موازاة التهديد الاقتصادي لازمة الطاقة وخطر المواجهة مع الاتحاد السوفييتي، وأن يفرض عليها من خلال موقف تفاوضي جيد لمصر مناقشة، بجدية وبسرعة، انسحاب اسرائيل من شبه جزيرة سيناء.
الامر الذي قيد بشكل دراماتيكي تجسيد ثمار النجاح الباهر للسادات في الحرب على المستوى السياسي هو اكتشافان حول تفوق اسرائيل الاستراتيجي، انجازاتها العسكرية الحاسمة في مراحل الحرب الاخيرة وقدرتها على الصمود التي اظهرتها في السنوات الاربعة الصعبة بعدها. الكشف الاول معروف وتمت مناقشته بالتفصيل. الثاني لم يحصل على الاهتمام الذي يستحقه. رغم انتصارها العسكري، اسرائيل فقدت أمنها الذاتي وخرجت من الحرب متضررة وخائبة الأمل من ادائها. وضعها الاقتصادي ومكانتها الدولية تضررت، قدرة ردعها ومساومتها تآكلت، اعتمادها على الولايات المتحدة زاد، وثقة الجمهور بقيادتها تآكلة. رغم كل ذلك، نجحت حكومة غولدا مئير وحكومة اسحق رابين في الاستيقاظ والفرض على السادات الاعتراف بالتدريج، حتى في حالة الركود النسبي في اسرائيل وتحسن موقفه التفاوضي، لا فائدة من استمرار محاولة اجبارها على الانسحاب من سيناء بضغط امريكي دون مقابل سياسي.
الامر الذي سرع الحسم الثوري للسادات كان صدفيا: وهم الرئيس الامريكي جيمي كارتر فيما يتعلق بالسلام الاقليمي الذي يعتمد على حسن نوايا سوريا وم.ت.ف والاتحاد السوفييتي، الذي كان يمكن أن يبطل انجازات السادات على الساحة السياسية وفي ساحة المعركة ويدفع مصر الى ضائقة وجودية. عرض السادات المجيء الى الكنيست التهم اوراق الرئيس الامريكي وجنده للخطوة المصرية. ولكن ما تسبب في الانقلاب، الى جانب اسهام كارتر لهذا الزخم، هو اعتراف السادات بقدرة اسرائيل المتعبة في الصمود لوقت طويل امام ضغوط قاسية، سياسية وعسكرية واقتصادية ومعنوية، من اجل الحفاظ على مطالبتها بصفقة “1967 مقابل 1948″، مقابل الحاجة الملحة لمصر للتخلص من استمرار المواجهة التي كانت وما زالت فوق قدرات الدولة الفقيرة على النيل.
اتفاق السلام من العام 1979 اعطى لاسرائيل 100 في المئة، ليس اقل من ذلك، من الهدف الوطني على المستوى الاستراتيجي الشامل: اتفاق سلام منفصل صمد اكثر من اربعين سنة. ووضع نهاية ليس فقط للحرب مع مصر، بل ايضا نهاية لامكانية اندلاع حرب شاملة. عمليات الجيش الاسرائيلي الواسعة نسبيا والتي تسمى احيانا “حرب”، هي أمر مختلف كليا من ناحية تهديد اسرائيل وخطورتها الدولية.
الاتفاق المنفرد مع مصر تخلى عمليا عن الفلسطينيين ومنع ايضا سوريا من شن حرب وتجاوز احتلال عاصمة عربية (بيروت) وتدمير مفاعلات نووية في العراق وفي سوريا وهجمات جوية في دول عربية (من العراق وحتى السودان) وسحق الفلسطينيين في الانتفاضة الثانية. في اعقاب نجاح وصمود الاتفاق، بما في ذلك شراكة مصرية – اسرائيلية في النضال ضد الارهاب في شبه جزيرة سيناء، تحققت الشروط الضرورية التي تمكن في السنوات الاخيرة من استبدال النزاع بين اسرائيل والعرب بتحالف فعلي بين اسرائيل ومعظم الدول العربية ضد ايران وتركيا والاخوان المسلمين. في الواقع الجديد، الولايات المتحدة لم يعد مطلوب منها الاختيار بين اسرائيل وبين العرب. لأنهم في معظمهم يوجدون في نفس الطرف.
هكذا يبدو الانتصار من منظور “حرب السبع سنوات” (1967 – 1973) أو “حرب الربع قرن” (منذ صعود ناصر للحكم وحتى حرب يوم الغفران)، بعد أن صمد اتفاق السلام لفترة طويلة في اختبارات قوية. نحو 50 سنة بعد الحرب الاخيرة فان اسرائيل هي الدولة الاقليمية العظمى، الاقوى والمزدهرة، وسوريا محطمة ومصر في طريق مسدود من ناحية قدرتها على مواجهة تحديات القرن الواحد والعشرين، وهي تدرك جيدا علاقات القوة مع اسرائيل.
في لقاء لعسكريين من اجل احياء ذكرى مرور 45 سنة على حرب يوم الغفران (2018)، اشاد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ببطولات الجنود المصريين بمجرد استعدادهم للمواجهة مع القوة المتفوقة للجيش الاسرائيلي: “الفجوات الكبيرة في القوة لم تردع المصريين أو جيشهم. هذا كان مثل شخص يقود سيارة سيات وشخص يقود مرسيدس. الحقيقة الواضحة كانت أن المرسيدس ستفوز. من يخطر بباله أن ينافس المرسيدس بسيارة سيات، عدا عن الابطال الحقيقيين. نتائج الحرب تعتبر معجزة… الجيش المصري نجح في فعل ذلك في السابق وسينجح في فعل ذلك مرة اخرى”، قال السيسي. الرسالة واضحة وهي أن اسرائيل لها تفوق بنيوي.