ترجمات عبرية

هآرتس: هجوم استباقي ضد ايران، الآن!

هآرتس 5/11/2024، يوسي بن آريهجوم استباقي ضد ايران، الآن!


في الفترة الاخيرة تسمع من طهران تهديدات “ساخنة”، أنها سترد بشكل دراماتيكي على هجوم اسرائيل الاخير. على سبيل المثال، قائد حرس الثورة، الجنرال حسين سلامي، قال إن “ردنا سيكون أمر لا يمكن تخيله”؛ وفي “طهران تايمز” نشرت بأن “رد ايران سيكون اصعب مما كان في السابق”. عملية “الوعد الصادق 2” ستكون متواضعة مقابل القادم. 

بالاجمال، في لعبة تبادل اللكمات بين اسرائيل وايران، الآن هو دورهم، وهكذا، بعد فترة راحة قصيرة حصلنا عليها في الايام العشرة الاخيرة يجب علينا الاعداد واعادة تزويد من جديد الملاجيء والغرف الآمنة. ولكن السؤال هو هل هذا يجب أن يستمر؟. في الرد على هذه المعضلة يجب توضيح عدة مسائل. الاولى هي أن هجوم اسرائيل ضد حزب الله في الشهر الماضي غير بشكل اساسي علاقات القوة بين القدس وطهران: المنظمة الارهابية الشيعية في لبنان التي قامت ايران برعايتها، و”الوكيل” الاكثر اهمية لها امامنا، تضررت بشكل كبير، ويبدو أنها توقفت عن أن تكون الورقة الاكثر اهمية في يد خامنئي لردع اسرائيل. 

اذا كان يمكن لطهران في السابق أن تفترض بأن التهديد باستخدام حزب الله سيمنع هجوم اسرائيل على منشآتها النووية فان الوضع الآن ليس هكذا. حتى لو استمر حزب الله، للاسف، في قصف منطقة الشمال كل يوم فانه لا يمكنه شل دولة اسرائيل، ناهيك عن أن يشكل تهديد على وجودها. في الخلفية يجب الذكر بأن هناك ورقة اخرى سقطت، من رزمة حلقة الخنق التي قامت طهران ببنائها حول اسرائيل، أي حماس.

المسألة الثانية هي أنه من جميع التقارير في البلاد والخارج حول هجوم اسرائيل، والتحليلات حولها، من الواضح أن سلاح الجو الاسرائيلي اصاب بشكل كبير قدرات الدفاع الجوية لاجهزة الامن الايرانية، ووضع أمام السلطات واقع مؤلم: دولتهم مخترقة جدا (اذا لم يكن تماما) امام نشاطات هجومية في حالة قرر الجيش الاسرائيلي اتخاذها عندما سيقرر ذلك. هذا الواقع الصعب بالنسبة لطهران بالتأكيد يفسر خيبة أملهم وغضبهم، لكن من اجل التغيير فانه يوجد فيه الكثير من التفاؤل بالنسبة للطرف الاسرائيلي: تعزيز الردع، المزيد من المرونة في اتخاذ القرارات في القدس فيما يتعلق بالقيام بعمليات هجومية اخرى، وبالطبع تحديد طابع هذه العمليات. 

المسألة الثالثة تتعلق فيما تعنيه نتائج الهجوم الصاروخي الايراني في 1 تشرين الاول الماضي. في المقال الذي نشره المحلل العسكري ديكر افيلت في مدونته في 27/10 تحت عنوان “نفاتيم سترايك” (دقة الهضم)، كتب: هجوم الصواريخ الاخير لايران في قاعدة سلاح الجو في نفاتيم أدت الى اضرار محدودة فقط، لأن مستوى الدقة هو 800 – 900 متر (مع امكانية كامنة في التحسين تصل في الحد الاقصى الى 500 متر فقط). وحسب قوله فان هذا الرقم، البعيد جدا عن مستوى دقة هجوم الجيش الاسرائيلي الاخير، يمكنه في الواقع أن يلحق دمار وقتل كثير، لكنه لا يمكن من المس بصورة تعرض قوة الجيش الاسرائيلي للخطر الوجودي (التقليدية وغير التقليدية)، إلا في حالة ازدياد بشكل جوهري كمية الصواريخ التي سيتم اطلاقها على كل هدف. وهكذا، حسب اقوال افيلت فانه بسبب أن طهران ستكون حذرة في استخدام ما لديها في الهجوم الذي سيؤدي الى قتل واسع في اسرائيل، التي لا تريد أن ترتفع في سلم التصعيد الى مستوى استخدام السلاح النووي، فان المعنى هو أن الاستنزاف المتبادل سيستمر لفترة طويلة في الاطار الحالي. 

هل في رقصة الاستنزاف الثنائية البطيئة هذه نحن نريد أن نكون عالقية لفترة طويلة؟ الجواب واضح، لا. هذا ما قاله ايضا العميد يوفال غاز، من قسم التخطيط في هيئة الاركان (عاموس هرئيل، “هآرتس”، 1/11)، “محظور علينا الوصول الى حرب متواصلة من التآكل امام ايران… الاستنزاف سيكون اشكالي ايضا بالنسبة للاقتصاد والامن”.

عندما “نربط” هذه الامور معا فان هناك مكان لاختراقة فكرية بخصوص طريقة العمل المطلوبة بالنسبة لاسرائيل: في اعقاب الهجوم الصاروخي في 1 تشرين الاول في الواقع اوصيت بالامتناع عن أي رد، والحفاظ على مبدأ “ضبط النفس قوة”، (“هآرتس”، 5/10). ولكن كما هو متوقع فان هذا ليس ما حدث. في الوقت الحالي الواقع تغير كليا وهو يقدم لنا حسب رأيي مبادرة لهجوم اسرائيلي استباقي ضد ايران، الآن، وقبل هجوم ايران “المؤكد” في القريب. هذا لا يجب أن يكون “فقط هجوم وقائي استباقي” لاحباط استعدادات ايران للعملية القريبة المخطط لها من قبلها، بل هجوم يشمل كل الاهداف التي يجب مهاجمتها والقضاء عليها، اذا لم يكن منع بشكل كامل تهديد ايران، في معظمه، لوجود اسرائيل في السنوات القادمة، وايضا من اجل اثارة تفكير في طهران، هل لا يوجد مكان لاجراء تغيير جوهري في استراتيجية النظر الى اسرائيل. إن لم يكن احتضانها فعلى الاقل احترامها؟.

الهجوم الاستباقي هو بالطبع رهان غير بسيط. الى جانب الامكانية الكامنة في الحصول على مكافأة كبيرة ومتعددة المجالات، توجد ايضا مخاطرة، مثل تأخير آخر في القدرة على ترتيب اعادة المخطوفين من غزة. واذا نجحت فان المكسب سيحاول رئيس الحكومة جنيه لنفسه. ولكنه يفعل ذلك دائما في كل الاحوال. وهو ايضا لا يحتاج الى مواجهة استباقية مع الايرانيين كذريعة لرفض التسوية مع حماس، لأنه يوجد لديه عدد كبير من الاسباب الاخرى.

مركز الناطور للدراسات والأبحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى