هآرتس: هجمات اليمين يمكن أن تؤدي الى حرب متعددة الساحات

هآرتس 21/7/2024، عاموس هرئيل: هجمات اليمين يمكن أن تؤدي الى حرب متعددة الساحات
بعد مرور تسعة واشهر ونصف فان الحرب انتقلت في نهاية الاسبوع الى مرحلة جديدة، يبدو أنها اكثر خطورة. المسيرة التي اطلقها الحوثيون من اليمن في يوم الجمعة اصابت تل ابيب وقتلت اسرائيلي. بعد يوم هاجمت 20 طائرة لسلاح الجو مدينة الميناء اليمنية الحديدة وتسببت هناك بأضرار كبيرة في مخازن السلاح، ومحطة توليد الطاقة ومنشآت لتكرير النفط. هذه هي المرة الاولى التي تهاجم فيها اسرائيل اليمن بعد تركت حتى الآن للولايات المتحدة والتحالف الدولي برئاستها الرد على هجمات الحوثيين السابقة.
نجاح الهجوم على بعد 1700 كم تقريبا عن اسرائيل، يرسل رسالة الى المنطقة، لا سيما لايران، التي تمول وتسلح الحوثيين بشأن قدرة الهجوم بعيدة المدى لسلاح الجو. في نفس الوقت يتوقع أن يؤدي الآن الى محاولة للرد من قبل الحوثيين على اهداف اسرائيلية. بشكل معين يبدو أن تبادل اللكمات ايضا يخفي خطر اندلاع حرب متعددة الساحات وبقوة اكبر.
إن اطلاق المسيرة من اليمن أول أمس كان مفاجئا. لم يكن أي انذار استخباري مسبق ويبدو أن استعداد الدفاعات كان محدود. هنا حدث خطأ بشري شديد في منظومة الدفاع الجوية الاسرائيلية. فرغم أنه تمت مشاهدة المسيرة وهي تتحرك نحو الشرق خلال بضع دقائق فوق البحر المتوسط باتجاه تل ابيب إلا أنه لم يتم تشخيصها كهدف يقتضي اعتراضه. الانفجار وقع قرب مبنى السفارة الامريكية، وقد قتل مواطني، يفغيني فيردر (50 سنة) واصيب ثمانية مواطنين. في ظل غياب تشخيص الهدف كهدف معاد، لم يتم ايضا تشغيل صفارات الانذار.
في سلاح الجو ما زال يجري تحقيق في ظروف هذا الخلل. الحوثيون الذين تحملوا المسؤولية عن الهجوم استخدموا مسيرة وزن المواد المتفجرة فيها تم تقليصها من اجل السماح بوصولها الى أبعد مدى. مسار الاختراق غريب نسبيا، ويبدو أن المسيرة اجتازت الاجواء المصرية. في الظهيرة عقد رئيس الحكومة ووزير الدفاع عدة مشاورات امنية، في نهايتها تمت المصادقة على العملية في الكابنت السياسي – الامني في جلسة استثنائية شارك فيها وزراء متدينون ايضا.
العملية الاسرائيلية تم تنسيقها مسبقا مع الادارة الامريكية. وقد سبقت الهجوم الكثيف استعدادات في سلاح الجو، الذي استعد لاحتمالية أن يضطر الى مهاجمة اليمين منذ بدأ الحوثيون باطلاق المسيرات والصواريخ البالستية على اسرائيل في بداية الحرب. حتى الآن تم اطلاق 220 هدف، كثير منها تم اعتراضه على يد القوات الامريكية في البحر الاحمر، وبعضها على يد الطائرات الحربية ومنظومات دفاع جوي اسرائيلية في منطقة خليج ايلات. في البيانات الاسرائيلية جاء أن قصف الحديدة هو رد على كل الهجمات من اليمن، أي أنه ليس فقط على حقيقة أنه تم اطلاق مسيرة نحو تل ابيب وأدت الى اصابة قاتلة.
في هجوم اسرائيل شاركت اكثر من 20 طائرة قتالية من نوع “اف 35″ و”اف15” وطائرات تجسس وطائرات للتزويد بالوقود. الامريكيون واعضاء التحالف هاجموا اليمن حتى الآن عشرات المرات ردا على هجمات الحوثيين على اسرائيل وعلى الملاحة البحرية في البحر الاحمر والمحيط الهندي. مع ذلك، امتنعوا عن مهاجمة ميناء الحديدة لأنه تمر فيه معظم المساعدات الانسانية لهذه الدولة الفقيرة التي تضررت بشكل كبير في الحرب الاهلية. في اسرائيل تقرر مع ذلك ضرب الميناء بذريعة أنه من خلاله يتم نقل معظم ارساليات السلاح الايرانية. اضافة الى ذلك اعتبرت منشآت النفط اهداف للحوثيين، التي توفر جزء كبير من مدخولات النظام.
في اسرائيل يتوقعون أن يرد الحوثيون على هجوم الحديدة، في محاولة لاطلاق الصواريخ والمسيرات نحو جنوب البلاد وربما مرة اخرى نحو منطقة غوش دان. التهديد المتزايد من الجنوب يحتاج الى المزيد من التغيير والتحسين لمنظومات اعتراض المسيرات. حتى الآن هذا يبدو نقطة ضعف لسلاح الجو في الحرب، وربما أن الفجوة تتعلق بشكل خاص باطلاق المسيرات ذات المدى القصير والمتوسط من حدود لبنان نحو منطقة الجليل. في جهاز الامن يدركون أن احتمالية ردع الحوثيين عن القيام بهجمات اخرى ليست عالية.
في السنوات الاخيرة ادار الحوثيون حرب اهلية ضد حكومة اليمن وهاجموا بين حين وآخر اهداف في السعودية وفي دولة الامارات على خلفية دعمها للحكومة. هاتان الدولتان عملتا على التوصل الى وقف لاطلاق النار بعد هجمات الحوثيين المنهجية بمساعدة ايران على منشآت النفط فيهما. يطرح ايضا سؤال كيف سيؤثر اطلاق المسيرة من اليمن على تل ابيب على حزب الله، الذي حتى الآن امتنع عن الاطلاق على مركز البلاد، لأنه يعتبر ذلك خط احمر يمكن أن يؤدي باسرائيل الى مهاجمة بيروت. الحوثيون تجرأوا في المكان الذي كان فيه رئيس حزب الله، حسن نصر الله، حذر حتى الآن.
الجبهة الامريكية
الهجوم الاسرائيلي الاستثنائي في اليمن يحدث على خلفية سلسلة احداث دراماتيكية في الشرق الاوسط. رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، سيسافر اليوم الى الولايات المتحدة لالقاء خطاب في الكونغرس والالتقاء مع الرئيس الامريكي، في حالة أن الاخير تمكن من التعافي من الكورونا. نتنياهو يخطط لأن يلتقي ايضا مع المرشح الجمهوري للرئاسة، دونالد ترامب. زيارة نتنياهو ستجري في الوقت الذي فيه اهتمام الرئيس وحاشيته موجه الى مكان آخر: جو بايدن يتعرض للضغط المتزايد من قبل اعضاء حزبه كي ينسحب من سباق الرئاسة، ازاء تدهور وضعه الصحي والذهني.
مصادر امنية اسرائيلية قالت إنه نضجت الظروف من اجل التوصل الى الصفقة بين اسرائيل وحماس والتي ستشمل وقف اطلاق النار واطلاق سراح المخطوفين الاسرائيليين مقابل اطلاق سراح سجناء فلسطينيين. ولكن من غير الواضح الى أي درجة ستستمر امريكا في التركيز على استخدام الضغط على نتنياهو من اجل عقد الصفقة على خلفية الازمة في اوساط الديمقراطيين من جهة والتصعيد الجديد في الشرق الاوسط من جهة اخرى.
متحدثون اسرائيليون أكدوا على دور ايران في تمويل وتسليح الحوثيين. تبادل اللكمات بين اسرائيل والحوثيين يجري حيث يزداد في الخلفية القلق في الغرب وفي اسرائيل من المعلومات الاستخبارية حول تقدم المشروع النووي الايراني. وزير الخارجية الامريكي قال أول أمس إن وقت اندفاع ايران، الفترة التي تحتاجها من اجل انتاج كمية كافية من اليورانيوم المخصب بمستوى مرتفع والذي يمكن استخدامه لانتاج قنبلة نووية واحدة، هي الآن كما يبدو “اسبوع أو اسبوعين”. هذا هو التقدير المقلق اكثر، الذي قالته امريكا حتى الآن، رغم أن ايران تحتاج الى أن تدفع قدما فيما بعد ببرنامج سلاحها (ملاءمة القنبلة مع رأس نووي متفجر على صاروخ بالستي) من اجل الوصول الى السلاح النووي.
العناوين من اليمن ابعدت عن الاهتمام الجماهيري تطور دراماتيكي آخر في نهاية الاسبوع، وهو الفتوى التي نشرتها محكمة العدل الدولية في لاهاي، التي نصت على أن المستوطنات في الضفة الغربية مخالفة للقانون الدولي، وأنه يجب على اسرائيل انهاء نظام الاحتلال. في غضون ذلك نشر موقع “اكسيوس” بأن الادارة الامريكية تفحص فرض عقوبات شخصية ضد الوزيرين بتسلئيل سموتريتش وايتمار بن غفير. هنا لدينا احد الاحداث المتطرفة الاخرى التي تميز الحرب الحالية: اثنان من اعضاء الطاقم الذي تم تفويضه بالمصادقة على الهجوم في اليمن، وربما في المستقبل على عمليات اكثر دراماتيكية، يوجدان على مرمى هدف الادارة الامريكية بسبب اسهامهما في ضعضعة الوضع الامني في الضفة الغربية.