ترجمات عبرية

هآرتس: نصف مليون غزّي قد يموتون في هذه السنة

هآرتس 2024-01-09، بقلم: عودة بشارات: نصف مليون غزّي قد يموتون في هذه السنة

في البداية، يجب علي التوضيح: بالنسبة للعنوان أعلاه أنا لا أنوي التوجه إلى ضمائر القراء كي يعملوا أي شيء يتعلق بالنصف مليون غزي الذين يتوقع أن يموتوا. وأنا لا أنوي أيضا تهدئة القلوب أو ذرف الدموع. أنا لا أريد الشفقة مثل المتسولين، أو الذين يطرقون باب الأغنياء، من اجل الذين ماتوا أو الذين سيموتون. للأسف، المحيط هنا غريب ومنغلق.

أنا لا أريد من أي شخص أن يغضب. فأنا على ثقة، حسب تجربتي الصعبة، بأن أي دعوة، باستثناء التعاطف على الأغلب، سيتم الرد عليها بالنداءات الغاضبة والهجمات المضادة، سواء بقول، «هم جلبوا ذلك لأنفسهم» أو «لا توجد لدي أي مشاعر تجاههم»، أو بردود أسوأ. هذه القسوة في النفوس تسيطر على كثيرين هنا. أي كلمة تعاطف مع الآخر تعتبر خيانة يجب على المسؤولين عن الأخلاق إسكاتها أو حذفها. فلماذا اطلب تضييع الوقت والجهد على المكان الخطأ؟. إذا كان هناك من يندب سوء مصيره ويبكي لأن حظه كان سيئا لأنه يعيش في محيط شرق أوسطي متوحش وليس في محيط اسكندنافي في رفاهية، سأضطر إلى أن الفت انتباهه إلى أنه هو الذي اختار هذا الواقع لنفسه. وبتعبير أكثر دقة يمكن القول، إنه من المفروض أن نبكي على مصيرنا. لماذا اختار الله اليهود كي يقوموا باحتلالنا؟ لماذا لم يقم باختيار الاسكندنافيين كي يتم احتلالهم. على الأقل هؤلاء لا يدعون باسم «ارث الأجداد» و»قبور الأبرار» و»تخليص الأرض».

عودة إلى العنوان. لماذا أكتب إذا لم تكن عندي طموحات كبيرة؟. هكذا، الحديث هنا يدور عن عادة إنسانية قديمة وهي عدم كبت الألم، بل يجب الصراخ مثلما غنت المطربة اللبنانية فيروز: «يا صوتي يلي طاير خبرهم علي صاير بلكي بيوعى الضمير». إذا كان الأمر هكذا فاليكم النبأ الصادم. رئيسة قسم الصحة العامة في جامعة أدنبرة، البروفيسورة ديبي سردهار، التي تتابع ما يحدث في غزة، حذرت في مقال نشرته في «الغارديان» البريطانية بأنه إذا لم تحدث انعطافة دراماتيكية في غزة فإن تقريبا ربع السكان هناك، نصف مليون شخص، يتوقع أن يموتوا في هذه السنة، بالأساس لأسباب صحية، لأن المنظومة الصحية في القطاع انهارت. نصف مليون شخص متوفى في المستقبل في غزة، مقارنة نسبية مع عدد سكان دول أخرى، هو مثل 2.5 مليون إسرائيلي و75 مليون أميركي. أي أن الـ 22 ألف شخص الذين قتلوا في عمليات القصف الأولى هم، عفوا على التعبير، مبلغ تافه مقارنة بما ينتظرنا. هم مقدمة للكارثة التي بدأنا نشعر بها بشأن القطاع. لا يجب الانتظار كثيرا، لأنه في هذه الأثناء نحن نشاهد نتائج الدمار في القطاع، الذي يشبه جهنم أكثر مما يشبه أي مكان على الكرة الأرضية. والروح اليهودية الهائمة التي تصل إلى مكان بعيد في العالم من اجل مساعدة الشعوب التي تتعرض للكوارث الطبيعية، تختار الآن الاستراحة عندما على بعد مرمى حجر منها تحدث كارثة إنسانية من اكبر الكوارث التي عرفها العالم في القرن الحالي.

رغم ذلك هناك حتى من كل هذا الحصاد المبارك لا يكفيه. شخصية رفيعة اسمها عميحاي إلياهو، لا يستبعد إلقاء القنبلة النووية لتدمير غزة، مرة والى الأبد. وتسفي يحزقيلي، محلل الشؤون العربية «يكتفي» بتصفية 100 ألف فلسطيني، لكنه لا ينسى التحفظ والتأكيد على أن هذه هي البداية، الضربة الأولى فقط، التتمة آتية بالطبع. بحساب بسيط، إذا كان الـ 22 ألف قتيل الأوائل مع كل هذا الدمار الذي يحيط بهم، يمكن أن يصل عددهم في النهاية إلى نصف مليون قتيل حسب طموح يحزقيلي. غزة سيتم محوها نهائيا. لن تتم رؤيتها أو سماعها. سيكون صمت فوق هذه الهاوية. وغزة النابضة بالحياة ستكون أرضا للموتى.

 

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى