ترجمات عبرية

هآرتس: نشر وثائق حماس مُعد لخدمة رئيس الوزراء، لكنه يثبت ذنبه

هآرتس 14/10/2024، الوف بن: نشر وثائق حماس مُعد لخدمة رئيس الوزراء، لكنه يثبت ذنبه


الوثائق التي اخذتها اسرائيل من مراكز قيادة حماس في غزة تم تسليمها الى الصحف الامريكية الكبيرة في امريكا، “واشنطن بوست” و”نيويورك تايمز”، التي قامت بدورها  بنشرها في نهاية الاسبوع. هذه الوثائق برهنت على طموحات رئيس حماس في غزة، يحيى السنوار، في تدمير اسرائيل بمساعدة حزب الله وايران بعد هجوم مفاجيء ومنسق، وعلى افكار لتدمير ابراج أفيف وعزرئيلي القريبة من مقر وزارة الدفاع في تل ابيب.

إن تسريب وثائق للعدو من اجل التأثير على الرأي العام الدولي ومواقف حكومات اجنبية هو اسلوب معروف من الحرب العالمية الاولى والحرب العالمية الثانية. ماذا يمكن أن تستفيد اسرائيل من نشر وثائق حماس الآن بعد اشهر على أخذها، حتى لو تم الحصول عليها بعمل صحفي مضني لمراسلي الصحف الاجنبية وليس في عملية حرب نفسية اسرائيلية؟، لا سيما عندما تنشر في الصحف الامريكية الليبرالية المقربة من ادارة جو بايدن والتي تنتقد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وليس في الصحف الاسرائيلية أو في قنوات اليمين في الولايات المتحدة. 

بسبب الانتقاد الشديد لنتنياهو، والقتل والدمار الذي يتسبب به الجيش الاسرائيلي في غزة وفي لبنان، فان صحيفة “تايمز” و”بوست” تحظى بثقة كبيرة عندما تتساوق مع رواية اسرائيل. إن تسليم الوثائق لعميت سيغل أو نير دبوري، المقربان من السلطات ومن الجيش، كان سيجلب لهما التشجيع الكبير في الداخل، لكنه لن يؤدي الى أي تأثير في العالم. بنفس المستوى كان الكشف عنها في “فوكس نيوز” و”وول ستريت جورنال”، يبدو كعمل دعاية لاسرائيل وليس كتحقيق صحفي مشروع. مفهوم ايضا أن النشر في الخارج يتم اقتباسه على الفور في جميع القنوات والمواقع والصحف في اسرائيل، ومن هناك يؤثر على جدول الاعمال هنا. 

من قراءة التقارير الصحفية الامريكية يمكن تشخيص عدة رسائل كانت اسرائيل ستسر من نقشها في الوعي الدولي، حتى لو كانت اسرائيل لم تبادر بالضرورة الى كل هذه المنشورات. أولا، ايران عرفت عن خطط السنوار لغزو اسرائيل، حتى لو لم تكن تعرف التوقيت (ايران أيدت بأثر رجعي هجوم حماس، لكنها تنفي شراكتها فيه مسبقا). ثانيا، حماس هي مثل القاعدة، وقد ارادت مثلها تفجير المكاتب على رؤوس من فيها. ثالثا، هدف حرب السنوار هو احتلال وتدمير اسرائيل، وليس فقط بلدات الغلاف والقواعد العسكرية هناك. 

وثائق حماس يمكنها ترسيخ ادعاء نتنياهو بأن اسرائيل لا تحارب حركة تحرير الشعب الفلسطيني المحتل، أو حتى منظمة شبه عسكرية قليلة الموارد والامكانيات، بدون طائرات أو قبة حديدية أو دبابات ومدافع، مثلما هو سائد في اوساط ليبرالية في الغرب. حسب قوله اسرائيل تحارب ضد “محور شر” مخيف تقوده ايران، وهو يهدد بالقضاء على كل الثقافة الغربية، وليس فقط الدولة اليهودية الصغيرة وغير الشعبية. في الحقيقة، في حماس ارادوا استخدام العربات التي تجرها الخيول بالضبط مثل الفلسطينيين القدامى الذين خرجوا من غزة لمحاربة بني اسرائيل، الى أن اصطدموا بشمشون الجبار. بالضبط مثل البرابرة ضد “الثقافة اليهودية – المسيحية”. بهذه الروحية فان الوثائق يمكن أن تبرر ايضا الهجوم على اسرائيل الذي تسبب حتى الآن بقتل وتدمير شديد في قطاع غزة، وبدرجة متصاعدة في لبنان ايضا.

من أرسل الوثائق للنشر يريد اقناع متخذي القرارات والرأي العام في الغرب بأن الجيش الاسرائيلي لا يعمل على معاقبة الفلسطينيين واللبنانيين العزل، بل لانقاذ اسرائيل من التدمير. لذلك، يوجد مبرر لاسلوب قتال اسرائيل: طرد السكان، احتلال المدن والقرى، هدم البيوت وتدمير البنى التحتية، تمهيد الارضية للضم والاستيطان المستقبلي (في هذه المرحلة، كما يبدو، في غزة فقط) من خلال التنازل عن اعادة المخطوفين التي ستكون مرهونة بوقف اطلاق النار والانسحاب.

مثلما هي الحال دائما فان السياسة الخارجية تعتمد على السياسة الداخلية وتقويها. محاضر الجلسات من مقر قيادة السنوار تدل على أنه خطط لمهاجمة اسرائيل حتى في 2022، في فترة حكومة “التغيير”. ولكن هذه العملية تم تأجيلها بسبب جهوده لتجنيد حزب الله وايران الى عملية منسقة. نتنياهو ومؤيدوه بالتأكيد سيرون هنا تبرئة من ادعاء “أنت الرئيس، أنت المذنب”: حماس ارادت تدمير اسرائيل، حتى عندما ترأسها نفتالي بينيت ويئير لبيد، وفقط مماطلة ايران وحزب الله هي التي عملت على تأجيل الكارثة من اجل حدوثها في عهد نتنياهو.

ولكن اذا واصلنا القراءة فسنكتشف أن وثائق السنوار بالذات تثبت مسؤولية رئيس الحكومة وذنبه عن المذبحة في 7 اكتوبر. ويتبين منها أن سياسة نتنياهو بعد عودته الى الحكم هي التي دفعت حماس الى شن الحرب لوحدها، بدون انتظار حسن نصر الله وايران. السنوار لم يهتم بالانقلاب النظامي، أو حتى باحتجاج الطيارين وأخوة السلاح، هو شاهد من مقر قيادته في غزة التواجد اليهودي المتزايد في الحرم والاتصالات من اجل التطبيع مع السعودية، وقرر العمل على وقف هذه العمليات، وقبل استكمال اسرائيل تطوير منظومة الليزر لاعتراض الصواريخ. يتبين أن سياسة نتنياهو تجاه الفلسطينيين وليس تجاه المحكمة العليا كانت المحرك الرئيسي للكارثة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى