ترجمات عبرية

هآرتس: نحن الضحايا القادمون لليمين المسيحاني

هآرتس 19/5/2024، ديمتري شومسكي: نحن الضحايا القادمون لليمين المسيحاني

أحد الاتهامات السائدة على لسان اليمين ضد اليسار هي أن اليسار يميل الى الاعتماد على خطاب مجرد ومقطوع عن الواقع حول حقوق الانسان المجردة والعالمية، وهو الخطاب الذي يأتي على حساب حب اسرائيل – مشاعر قومية صحية وطبيعية موجهة لابناء الشعب الملموس الذي نعيش في داخله نحن وامثالنا. الآن، حيث جاء وقت الاختبار الوجودي، الانساني واليهودي على حد سواء، فان من يقودون النضال غير المتسامح على حياة يهود حقيقيين وملموسين – المخطوفين الذين يموتون في أسر حماس والذين في معظمهم هم يهود – هم بالتحديد اليساريين الكوزمو بوليتانيين وعالميين، أي الاسرائيليون الذين يشغلون الوسط واليسار السياسيين، والذين يتم اعتبارهم في اليمين بأنهم بعيدون عن حب اسرائيل.

في المقابل، المتحمسون لاهمال المخطوفين وتركهم لمصيرهم، وحتى من يخشون ويخافون بشكل علني من فكرة التحرير من الاسر والانقاذ من الموت ليهود من لحم ودم مقابل التنازل عن الهدف الغامض، “النصر المطلق”، هم الاسرائيليون اليمينيون وحكومتهم – “القوميون الذين مجد حب اسرائيل في حناجرهم”.

يجب عدم الاستغراب من ذلك. فاليهود في نهاية المطاف هم ايضا بشر. في اوساط اعضاء الوسط، اليسار وبقايا اليمين الليبرالي، الذين مفاهيم التنور والانسانية مثل كرامة الانسان وحريته وقيمة الحياة والمساواة للانسان بكونه انسان، ليست فارغة بالنسبة لهم – التفكير بالتخلي عن الانسان وتركه ليموت يثير الاشمئزاز العميق.

هذا الاشمئزاز يصبح عميقا اكثر باضعاف كلما كان الحديث يدور عن التخلي عن ابناء شعبك، لأن القومية والوطنية هي عالم صغير، ملموس وحميمي، للانسانية المجردة والعالمية. 

هكذا، نحن نشاهد الآن في اوساط الدوائر الانسانية – الليبرالية في اسرائيل، العلمانية والمتدينة على حد سواء، نشاهد ظاهرة مدهشة وهامة ليس لها مثيل لعلاقة اصيلة وطبيعية بين العالمي والقومي، وبين الانساني واليهودي، مع الدحض الواضح والحازم للتقاطب الكاذب بين حب اسرائيل وحب الانسان، الذي يسعى خطاب اليمين القومي الى انتاجه باستمرار. 

مقابل هذا الربط الذي نشاهده في اليسار وفي الوسط، بين حب اسرائيل وحب الانسان، فان اليمين في اسرائيل المهيمن الآن، الوطني الكهاني والبيبي على حد سواء، هو نتاج يكره الانسان. كراهية الانسان لديه تجد تعبيرها في المقام الاول في نظرته للشعب الفلسطيني. ولكن لا يوجد وهم اكثر سذاجة من الاعتقاد بأن كراهية الانسان المتقدة هذه ستبقى ككراهية للآخر، وأنها لن توجه نحو الداخل.

صحيح، هي توجد في اوساطنا بالفعل، لأن لامبالاة اليمين القاتلة بمصير المخطوفين لا يمكن تفسيرها بالكامل دون الأخذ في الحسبان الآلية المتطورة لكراهية الانسان على طريقة بتسلئيل سموتريتش وايتمار بن غفير، وهي الكراهية التي تشبه كراهية الانسان لدى حماس.

الاكثر خطورة من ذلك هو أنه في حين أن اليمين الحكومي، لا سيما اليمين المسيحاني، الذي يكره الانسان أو على الاقل الذي لا يبالي بحياة الانسان الملموس بشكل عام وحياة اليهودي بشكل خاص، هو بلا شك اليمين الذي يحب الهه. اله اليمين هذا هو بالفعل اله وثني في جوهره – اله الحجارة والتلال، الذي يطلب قرابين من البشر ويقبلها بسخاء.

بدون الاهتمام بمركزية الروح الدينية الوثنية التي تقتضي الاستعداد المبدئي لتقديم القرابين من البشر لاله البلاد، على حجارتها وتلالها، فانه لا يمكننا فهم بشكل صحيح الحماسة والعذوبة التي اتسمت بها الكلمات المتعالية للوزيرة اوريت ستروك عندما صرخت في بداية الشهر في مقابلة مع “صوت الجيش” بأن “اهداف الحرب (ارضاء اله الحجارة والتلال) محظور رميها في القمامة من اجل 22 – 33 شخص”. (من المدهش أنها لم تتجرأ على القول باعتبارها عالمية “من اجل 22 – 33 يهودي”).

في حين أن احتجاج عائلات المخطوفين ومن يؤيدونه، يريد الدفع قدما بالعملية الحيوية التي تنقذ الحياة التي تتمثل بالربط بين حياة الانسان وحب اسرائيل، فان حكومة اليمين المناهضة للانسانية تترجم وتستخدم بشكل ثابت ومخيف كراهيتها الانسان الى كراهية اسرائيل الفعلية، على خلفية رؤية دينية وثنية توفر المبرر الديني للتخلي عن والتضحية بأشخاص يهود. ولأن الامر يتعلق بتصور ديني متعصب، ليس فقط بتكتيك هدفه البقاء سياسيا لبنيامين نتنياهو وحكومته، يجب الادراك بأن الشعار الذي يسمع من المحتجين، “نحن القادمون في الدور” (التخلي عنهم والتضحية بهم بعد المخطوفين) لا يعتبر مبالغة لفظية، بل هو يشير الى خطر واضح وحقيقي لهذه الحكومة على مواطني الدولة.

نحن وبحق القادمين في الدور، الى مذبح القرابين من البشر لاله اوريت ستروك. والطريقة الوحيدة لوقف هذا الخطر هو خروج المواطنين في اسرائيل الى الشوارع بهدف اسقاط حكومة هذه القرابين البشرية. مطلوب وعلى الفور احتجاج شعبي للجمهور غير عنيف، عصيان مدني، انساني ويهودي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى