هآرتس: نتنياهو ينثر من خلال افعاله بان المخطوفين سينتظرون الى ان يتم وقف محاكمته

هآرتس 30/6/2025، عاموس هرئيل: نتنياهو ينثر من خلال افعاله بان المخطوفين سينتظرون الى ان يتم وقف محاكمته
رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يحاول تجنيد الرئيس الامريكي لابتزاز بالتهديد جهاز القضاء في اسرائيل، والتوصل الى الغاء الاجراءات الجنائية ضده، بدون ادانة وبدون أي اعتراف بالتهمة. هذا هو الاستنتاج المطلوب من التصريحات الاخيرة للرئيس الامريكي. بنيامين نتنياهو ودونالد ترامب يريان انفسهما شركاء في نجاح الهجوم في ايران وعلى المنشآت النووية. الآن، حيث يريد ترامب استخدام هذا الانجاز في ايران لصالح انهاء الحرب في غزة، واعادة المخطوفين والتطبيع بين اسرائيل والسعودية (ربما الاكثر اهمية جائزة نوبل للسلام)، فانه يوجد لنتنياهو طلب صغير آخر وهو “ساعدني على التخلص من المحاكمة”.
ترامب استجاب لذلك من خلال التصريحات الاكثر عنفا. فجر أمس كتب “فظيع ما يفعلونه لبيبي نتنياهو. هو بطل حرب عمل بشكل رائع عندما عمل مع الولايات المتحدة للتخلص من التهديد النووي الخطير في ايران. الآن هو في خضم مفاوضات حول الصفقة مع حماس التي ستعيد المخطوفين. كيف يمكنهم فرض عليه الجلوس في قاعة المحكمة طوال اليوم على لا شيء، سيجار ودمية باغز باني. هذه حملة صيد ساحرات، وهي تشبه كثيرا ما اجبروني على أن أمر به”. الرئيس الامريكي حتى هدد بوقف المساعدات الامنية لاسرائيل اذا استمر “هذا الجنون”، حسب رأيه. التفكير في أن رئيس الحكومة الاسرائيلية قد غرس فكرة خطيرة جدا في رأس الرئيس هو أمر يثير القشعريرة.
اذا كان لدى أحد شك في ان الرسائل تمت صياغتها بتنسيق كامل مع نتنياهو، فقد جاءت تغريدة شكر رسمية منه لترامب بعد بضع ساعات. توجد هنا سخرية في أبهى صورها. واضح هنا ان ترامب لا يردد طلب حماس بحل مشكلات رئيس الحكومة في اطار صفقة. بكلمات اخرى، يتبين مجددا أن تصميم نتنياهو على البقاء السياسي، كجزء من مساعيه التفاوضية في محاكمته، عمل على تاخير انهاء الحرب في غزة.
امس اثناء زيارته للشباك في قيادة المنطقة الجنوبية قال نتنياهو “لقد سنحت فرص كثيرة الآن في اعقاب النصر”. بشكل استثنائي وصف الهدف الاول للحرب، “قبل أي شيء آخر انقاذ المخطوفين”. خلال فترة طويلة اعتاد نتنياهو على طرح هزيمة حماس باعتبارها الهدف الاكثر اهمية. ورغم أنه بالفعل لا توجد أي صلة منطقية بين صفقة اعادة المخطوفين ومحاكمة ننتنياهو، وتصعب جدا رؤية المستشارة القانونية للحكومة تتراجع امام الضغط وتعقد اتفاق بدون ان تطالب بتنازل معين من قبل نتنياهو، فان رئيس الحكومة يصمم. بالنسبة له هو المخطوف الـ 51، الاكثر اهمية منهم جميعا. المخطوفون الحقيقيون – 20 مدني وجندي الذين ما زالوا على قيد الحياة ومحتجزين لدى حماس، 30 جثة – سيضطرون الى الانتظار الى حين توفير حل للمشكلة الاكثر الحاحا، وقف محاكمة نتنياهو. هذه الجهود تجري بعد فترة قصيرة على البدء في التحقيق المضاد، الذي يظهر بوضوح انه يضغطه ويحرجه.
امس طلب نتنياهو وحصل على جلسة طارئة في المحكمة، في طلبه تاجيل تقديم شهادته لاسبوعين بسبب التطورات الامنية. نتنياهو مرة اخرى جند رئيس “أمان” ورئيس الموساد، اللذان طلب منهما اقناع في الغرف المغلقة القضاة بالحاجة الملحة لذلك. القضاة استجابوا جزئيا وأجلوا تقديم الشهادة لاسبوع، وقرروا انهم سيعودون لمناقشة الطلب في الاسبوع القادم. خلفية التاجيل هي كما يبدو احتمالية التقدم في صفقة المخطوفين وربما اجراء مفاوضات مع السعودية. ربما المبررات شرعية، لكن هناك مشكلة عندما يجر نتنياهو اجهزة الاستخبارات المهمة في اسرائيل الى داخل مستنقع الوحل لشؤونه الخاصة، بعد ان دخل في مواجهة مع الشباك عندما حاول الحصول بواسطته على اعفاء من مواصلة محاكمته بسبب الصعوبة في تامين حمايته. يجب التذكير بان كل ذلك يحدث في الوقت الذي فيه كل الاجهزة وفرت المبرر الاستخباري لشن الحرب ضد ايران، وهي العملية غير النقية ايضا من اعتبارات رئيس الحكومة الشخصية.
حتى لو كانت خطوة نتنياهو الجديدة بواسطة ترامب ستفشل فهو سيحاول ترسيخ الشعور بالظلم في اوساط مؤيديه حول “الدولة العميقة”، التي كما يبدو تنكل به. بخصوص ادعاء ان الليكود لا يمكنه التوقع من نتنياهو ادارة دولة في مثل هذا الوضع المعقد، في الوقت الذي يزعجه فيه ويلاحقه ما يصفونه بمخالفات قانونية تافهة، فان هذا بالضبط هو العبء الذي قال رئيس الحكومة بأنه يمكنه تحمله عندما طلب خصومه منه تقديم استقالته بعد تقديم لائحة الاتهامات ضده.
لن يكون بالامكان لوم عائلات المخطوفين اذا انضمت الآن في محاولة يائسة لتحرير اعزائها لدعوة ترامب ونتنياهو. ولكن هذا الحدث يمثل نقطة ضعف اخرى في الحرب. في الاسبوع الماضي، تحت انذار نهائي من ترامب، طلب نتنياهو في اللحظة الاخيرة عودة الطائرات القتالية التي انطلقت لهجوم واسع النطاق (زائد) في طهران. وهو الان يحث الرئيس الامريكي على التدخل بشكل مباشر في الاجراءات القانونية الداخلية هنا. في الفترة الاخيرة يبدو ان اسرائيل تعيد بناء مكانة رادعة لنفسها في الشرق الاوسط. وفي نفس الوقت رئيس الوزراء يرهن سيادة البلاد لاحتياجاته الخاصة. الشعور بالغطرسة الذي ازداد لديه بعد الحرب في ايران، التي يصف نتائجها ايضا بصورة حاسمة جدا، يدفع الان نحو تحركات غير مسؤولة ضد النظام القضائي.