هآرتس: نتنياهو يموضع إسرائيل كلاعب خطير حتى تجاه دول تريد أن تساعدها

هآرتس 12/9/2025، ليزا روزوفسكي: نتنياهو يموضع إسرائيل كلاعب خطير حتى تجاه دول تريد أن تساعدها
في مساء يوم الثلاثاء، بعد فترة قصيرة على مهاجمة سلاح الجو في الدوحة، احتفلت السفارة الامريكية في إسرائيل بيوم الاستقلال الأمريكي الذي أقيم في متحف التسامح في القدس، وهو الاحتفال الذي تم تاجيله بسبب الحرب مع ايران. في هذا الحدث تمت استضافة الكثير من الوزراء والضباط الكبار، والزي العسكري الانيق للملحقين العسكريين اختلط بالبدلات السوداء لنشطاء الحريديم. أيضا سياسيون إسرائيليون، بمن فيهم ايتمار بن غفير، شلومو قرعي، ميكي زوهر ورئيس الكنيست امير اوحانا، شاركوا في هذا الحدث.
شخص واحد كان حاضر – غائب وهو رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. هو لم يشاهد في هذا الاحتفال، لكنه قضى وقت طويل في قسم الشخصيات الهامة جدا، مخفي عن جمهور الضيوف الكبير، وارسل اليه فقط خطاب قصير مسجل، خطاب طويل، باللغة العبرية وباللغة الإنجليزية، الذي برر ومدح الهجوم في الدوحة، والذي ارسل لوسائل الاعلام من قبل مكتبه، القاه نتنياهو في جناح الشخصيات الهامة على نغمة التصفيق وبرعاية وحضور المستضيف، السفير الأمريكي مايك هاكبي.
هذا كان قبل بضع دقائق على قيام المتحدثة بلسان البيت الأبيض، كارولينا ليفت، بتوضيح وتصريح هجومي جدا بان هذا الهجوم لم يكن بموافقة الولايات المتحدة. الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، كرر بعد ساعتين هذه الرسالة بشكل دقيق. في اليوم التالي ظهرا، مرة أخرى الى جانب هاكبي، نتنياهو دشن متنزه ترامب على شاطيء بات يم. من هناك قال ان الدول التي ادانت الهجوم “يجب عليها الخجل”، لانها صفقت لقرار أمريكا تصفية أسامة بن لادن في الباكستان، والآن “يجب عليها التصفيق لإسرائيل بسبب تمسكها بهذه المباديء”.
يبدو ان هذا السلوك، الالتصاق بهاكبي كدرع بشري واطلاق رسائل هجومية من مناطق معقمة، يميز وضع نتنياهو جيدا. هو معزول في العالم، منبوذ من قبل الحزب الديمقراطي الأمريكي، والآن هو غريب أيضا بالنسبة لجزء كبير في أوساط الجمهوريين وحركة “ماغا”. أيضا المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف ليس من بين مؤيدي نتنياهو، هذا حسب شهادات فيما يتعلق باقواله في محادثات مغلقة. ترامب نفسه يدرك جيدا ان اسهم إسرائيل انخفضت في الكونغرس وفي أوساط الجمهور الأمريكي. هو يتحدث بتذمر، لكنه ما زال يقف متفرج ويعطي نتنياهو حرية التصرف.
لكن ماذا بشأن بقية العالم؟ بشكل عام الخطوات ضد إسرائيل يتم اتخاذها بحذر بموازاة افعالها. ولكن اذا كان يمكن التحدث عن وضع قابل للتراجع قبل تفاقم المجاعة في غزة، في اعقاب الحصار الكامل للمساعدات الإنسانية في الربيع، وقبل البدء في عملية احتلال مدينة غزة، فان إسرائيل الآن تقف على بعد خطوة من نقطة اللاعودة. يوجد أيضا تاريخ: 22 أيلول، وهو اليوم الذي فيه فرنسا، كندا، استراليا، بريطانيا، بلجيكا وعدد من دول الغرب، يتوقع ان تعلن عن اعترافها بدولة فلسطين.
هاكم فقط عدد من احداث هذا الأسبوع: اسبانيا اعادت سفيرتها من إسرائيل، وبالتالي، علاقات إسرائيل مع دولة أوروبية كبيرة، التي هي هدف سياحي وثقافي مرغوب فيه، بالفعل نزلت، حتى لو يكن اعلان رسمي حول ذلك، الى مستوى متدني. لقد تم حظر رسميا دخول الوزيرين بن غفير وسموتريتش الى دول ميثاق شنغن، الذي معظم دول أوروبا عضوة فيه. في نهاية المطاف رئيسة الممثلية الأوروبية السامية، اورسولا فون ديرلاين، أعلنت بانها تتحمل المسؤولية عن الدفع قدما بفرض عقوبات على إسرائيل.
عقوبات رمزية أولى تم فرضها – وقف تمويل مشاريع تعاون بلدية، التي استهدفت الدفع قدما بإدارة سليمة وناجعة في المدن. المنح التي ستفقدها إسرائيل بسبب ذلك غير كبيرة، لكن سيناريو فيه سيجمد اتفاق التجارة الحرة، الذي معناه الاقتصادي كبير جدا، تحول في هذا الأسبوع من موضوع خيالي الى واقعي.
حسب اقوال دبلوماسيين أوروبيين فان الوضع الآن “ديناميكي”. هم يعرفون جيدا ان إسرائيل ليس فقط من شانها ان “تعاقب” الغرب عن طريق ضم مناطق في الضفة الغربية، بل أيضا يتوقع ان تتخذ خطوات مباشرة ضد الدول التي ستعترف بفلسطين. اذا كان طرد دبلوماسيين من النرويج ومن استراليا، الذين يمثلون دولهم في رام الله، مر بهدوء نسبي، فان الوضع لن يكون هكذا اذا تم اغلاق قنصلية فرنسا وقنصلية بريطانيا في شرق القدس، وهي القنصليات المسؤولة عن العلاقات مع الفلسطينيين، ولكنها أيضا تمثل التاريخ الكولونيالي لهذه الدول. في حالة فرنسا فان القنصلية هي المسؤولة أيضا عن ممتلكات الدولة في القدس، وحماية الطوائف الدينية في المدينة، ومسؤولة عن كنيسة القيامة.
كل ذلك كان صحيح أيضا قبل الهجوم في الدوحة. هذا فقط فاقم الوضع. الرئيس الفرنسي عمانويل ماكرون ورئيس الحكومة البريطانية، كير ستارمر، نددا بالهجوم. المانيا أوضحت بان الهجوم لا يمكن قبوله وعبرت عن تضامنها مع قطر. وزيرة خارجية كندا ذهبت خطوة الى الامام وأعلنت بان بلادها “تفحص علاقاتها مع إسرائيل”، في اعقاب الهجوم. حتى دولة الامارات زادت حدة اللهجة مؤخرا، والان أوضحت بأن أي هجوم على أي دولة من دول الخليج هو مثابة عدوان عليها جميعها. مصر، حسب احد التقارير، مستعدة لتجاوز سياستها وان تقترح على كبار قادة حماس استضافتهم في أراضيها. كل دولة من هذه الدول تعتبر حماس تهديد، مباشر وفوري بالنسبة لمصر، أو غير مباشر بالنسبة لبريطانيا وفرنسا.
لكن ما يعرضه نتنياهو كعملية انتقام مبررة ومطلوبة يعتبر في الغرب، ولدى جيران إسرائيل العرب، تهديد ملموس ليس اقل من ذلك. قبل أسبوعين من وقوفه على منصة القاء الخطابات امام زعماء العالم في نيويورك، نتنياهو عمل على موضعة إسرائيل كلاعبة غير متوقعة وخطيرة – أيضا تجاه من يحاول مساعدتها.