ترجمات عبرية

هآرتس: نتنياهو يفضل إعادة جثث مخطوفين

هآرتس 21/8/2024، عاموس هرئيل: نتنياهو يفضل إعادة جثث مخطوفين

المخطوفون الستة الذين تم تخليص جثثهم وتمت اعادتهم أمس الى اسرائيل في عملية مشتركة للجيش والشباك في خانيونس، كانوا على قيد الحياة على الاقل حتى شهر شباط. ظروف موتهم حتى الآن غير واضحة. يبدو أن بعضهم قتلوا في عمليات قصف الجيش الاسرائيلي في المعارك في القطاع، وربما آخرون قتلوا على يد آسريهم من حماس. المنظمة الارهابية التي اختطفتهم أحياء اثناء قتل اصدقاءهم وابناء عائلاتهم في كيبوتس نير عوز وكيبوتس نيريم، هي التي تتحمل ذنب موتهم. ولكن حماس ليست المسؤولة الوحيدة عن ذلك.

في شهر كانون الثاني 2023 تراجعت حماس في اللحظة الاخيرة عن الاتفاق مع اسرائيل بخصوص اليوم الاخير في صفقة التبادل الاولى. فبدلا من اعادة المزيد من النساء، بينهن فتيات تم اختطافهن في حفلة “نوفا”، كما تعهدت فقد طلبت تغيير الشروط واعادة عدد من المخطوفين كبار السن، الذين جثث بعضهم تمت اعادتها أمس اضافة الى جثث اخرى. القيادة في اسرائيل رفضت ذلك في حينه خوفا من فقدان فرصة اعادة الفتيات. المفاوضات فشلت ومنذ ذلك الحين لم يتم اعادة المزيد من المخطوفات من خلال اتفاق. القرار الذي اتخذ في حينه ما زال مختلف عليه حتى الآن في المستوى السياسي والمستوى الامني. 

لكن هذه لم تكن الفرصة الوحيدة التي تم تفويتها. فمنذ بداية السنة الحالية كانت هناك محاولات كثيرة لدول الوساطة من اجل التوصل الى صفقة. ورفض رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، ساهم في فشل المفاوضات اضافة الى اسهام حماس. على الاقل 14 مخطوف ماتوا في أسر حماس منذ الصفقة السابقة وحتى الآن. ومن غير الغريب أن عائلات المخطوفين لا تظهر الآن أي اعتراف خاص بفضل نتنياهو، بالعكس، الى جانب شكر جهاز الامن فان أبناء عائلات القتلى انتقدوا بشدة رئيس الحكومة. فقد اتهموه بالتخلي عن ابنائهم مرتين، مرة عند اختطافهم في 7 تشرين الاول ومرة ثانية عندما ماتوا في الأسر في الاشهر التي اعقبت عملية الاختطاف.

يبدو أنه في بلدات الغلاف فقدوا نهائيا الصبر على مناورات وألاعيب وتبريرات اعضاء الائتلاف، الذين الكثير منهم نشروا أمس بيانات مشاركة في الحزن في اماكن قضاء اجازاتهم في الخارج. الخط المتشدد ظهر ايضا في البيان الحازم لكيبوتس نيريم الذي اعضاءه رفضوا استخدامهم كزينة قسرية للاحتفال بالذكرى السنوية المخطط لها للمذبحة، الذي تريد قيادته الوزيرة ميري ريغف، وهي من النجوم البارزة في جوقة المستخذين لنتنياهو في السنوات التي أدت الى الكارثة. بعد بضع ساعات علم ابناء الكيبوتس بأنه من بين الجثث الستة التي تمت اعادتها هناك جثتين لاصدقائهم.

دبلوماسية القط الميت

لا توجد أي طريقة لطمس ذلك: اعادة جثث مخطوفين من خلال عملية عسكرية هي النتيجة المفضلة بالنسبة للحكومة. هذه النتيجة لا ترتبط بأي تنازلات، والمخطوفون الاموات لا يمكنهم رواية ما حدث لهم في الأسر وكيف أن الدولة تخلت عنهم منذ المذبحة. لا يوجد لنتنياهو أي مشكلة في تعريض حياة جنود الجيش للخطر، بموافقة من كبار القادة في المنظومة العسكرية من اجل اعادة جثث لدفنها في اسرائيل. في المقابل، يبدو أنه غير مستعد للمخاطرة بوضعه السياسي في صفقة تجبره على اطلاق سراح حشد من السجناء الفلسطينيين والانسحاب بسرعة من معظم المناطق التي يسيطر عليها الجيش في القطاع.

في الفترة الاخيرة تسربت من مقربيه رسائل متناقضة الى وسائل الاعلام، رسالة كل بضع ساعات. كان هناك نشرات اخبار بدأت بضجة كبيرة حول صفقة في القريب، ومراسلون سياسيون تم تقديم احاطات لهم بأن نتنياهو قد وجد طريقة لابقاء في الائتلاف شركائه في اليمين المتطرف رغم نيته التوصل الى الاتفاق. في المقابل، تسربت تفاصيل حول طلبات مستحيلة قدمتها حماس.

هذه القصة انتهت، كما يبدو، بالاقوال التي نشرت بعد اللقاء ظهر أمس مع “منتدى البطولة” و”منتدى الأمل”،  وهي تنظيمات يمينية لعائلات ثكلى وآباء بعض المخطوفين التي شجعها مكتب رئيس الحكومة منذ اليوم الاول للحرب بهدف التشويش على نشاطات الاحتجاج ضد سياسته. نتنياهو صمم في هذا اللقاء عندما قال “نحن لن نتنازل عن السيطرة على محور فيلادلفيا على الحدود مع مصر وعن ممر نيتساريم، وسنعود للقتال في كل الحالات بعد 42 يوم عند انتهاء المرحلة الاولى للصفقة”. هذه الاقوال ظهرت وكأنها عملية تصفية مركزة اخرى متعمدة لجهود دول الوساطة من اجل التوصل الى اتفاق. نتنياهو في الحقيقة يلمح لرئيس حماس يحيى السنوار بأنه “خسارة على الوقت، لن تكون هنا صفقة”.

حماس من ناحيتها لم ترد بشكل رسمي حتى الآن على الاقتراح الامريكي المحدث. ولكنها عارضته بذريعة (ذريعة ليست بدون ثقل) أن الولايات المتحدة اظهرت المرونة لصالح طلبات اسرائيل في المفاوضات. ربما أن السنوار لا يريد التقدم الآن، حيث توجد فرصة لأن تهب ايران وحزب الله بتنفيذ هجوم انتقام ضد اسرائيل، وبذلك يقربون الشرق الاوسط من الحرب الاقليمية، كما أمل عندما خطط للهجوم الارهابي ضد بلدات الغلاف. وزير الخارجية الامريكي، الذي غادر أمس من هنا الى مصر اعطى الخاتم بالقول إن اسرائيل وافقت على اقتراح الوسطاء الجديد. رئيس الحكومة ربح مرتين. فحماس هي التي تفشل الصفقة، وهو معفي من التنازلات بعد تشوش الصفقة.

مصدر رفيع سابق في الادارة الامريكية له عشرات سنوات من التجربة في المفاوضات السياسية في الشرق الاوسط، ذكّر في هذا الاسبوع بما تعود جيمس بيكر، وزير الخارجية السابق في فترة ولاية جورج الأب، على تسميته بـ “دبلوماسية القط الاسود”. احيانا يكون الهدف من المفاوضات، قال بيكر، ليس التوصل الى اتفاق بل الى ازاحة التهمة، القط الميت، الى سطح بيت الخصم. نتنياهو والسنوار يلعبان هذه اللعبة الآن. يبدو أن نتنياهو يفعل ذلك بنجاح أكبر. الجمهور في اسرائيل، الذي حسب جميع الاستطلاعات في اغلبيته الساحقة يؤيد الصفقة، يذرف الدموع مع عائلات المخطوفين، لكن في معظمه لا يتجند للنضال من اجل انقادهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى