ترجمات عبرية

هآرتس: نتنياهو يخاف من الدولة الناشئة، الآن يريد اقتصاد ترانزيت

هآرتس 20/5/2024، داني غوتفين: نتنياهو يخاف من الدولة الناشئة، الآن يريد اقتصاد ترانزيت

العملية في رفح كشفت عمق المواجهة بين نتنياهو والولايات المتحدة ومصر ودولة الامارات، التي حتى وقت متأخر كان يمكن أن تكون شريكة له في العملية التي ستؤدي من اتفاقات ابراهيم الى الصفقة مع السعودية. جذور المواجهة ظهرت في رفض نتنياهو مناقشة ترتيبات “اليوم التالي” في قطاع غزة، حسب طلب الرئيس الامريكي جو بايدن، ورفض الاعتراف بحل الدولتين حسب طلب السعودية، الذي منع الدفع قدما بالصفقة. المنطق الذي يوجه نتنياهو في ادارة الحرب في قطاع غزة يرتبط بمنطق الانقلاب النظامي. كجزء من الانقلاب فان نتنياهو يلائم طابع الاقتصاد في اسرائيل مع تغيير النظام، من ديمقراطي الى قطاعي. وطبقا لذلك فانه يسعى الى استبدال شركات الهايتيك، التي ستجد صعوبة في العمل في ظل النظام الجديد، بتجارة الترانزيت: جباية رسوم عبور من مسارات التجارة والطاقة من الهند التي ستذهب الى اوروبا عبر اسرائيل، وستغذي الصناعات التي تستخدم الكثير من العمال في مناطق التجارة الحرة. من الهايتيك ستبقى فقط اجزاء ستندمج في صناعة السلاح، التي نشاطاتها ستتم حمايته عن طريق تقليص الديمقراطية. هكذا فان نتنياهو سيتحرر من الاعتماد الاقتصادي على الدول الناشئة، التي تقود الاحتجاج ضد حكمه. 

اقتصاد الترانزيت مرتبط بشكل متناقض مع تحقيق حلم بايدن في ممر تجاري يتكون من سكة الحديد والشوارع وانابيب النفط والغاز، يربط الهند باوروبا عبر الامارات والسعودية والاردن واسرائيل. هذا الممر يمكن أن يقلص اعتماد اوروبا على الغاز من روسيا، ويساعد في النضال التجاري للولايات المتحدة ضد الصين، وخلق تحالف عسكري ضد ايران. هذا الممر اطلق في 9/9/2023 في مؤتمر “جي 20” في الهند، وهجوم حماس هدف الى افشال الصفقة السعودية كمركب حيوي في هذا المشروع.

تأييد بايدن لاسرائيل في المراحل الاولى للحرب استهدف المس بحماس للتمكين من الدفع قدما بحل الدولتين، الذي اعتبر لبنة حيوية في ضمان استقرار الممر التجاري. بعد انهيار سوريا ولبنان اصبحت الشواطيء في اسرائيل معبر حيوي في الطريق الى اوروبا؛ استمرار النزاع مع الفلسطينيين يعرض للخطر ضمان انتقال البضائع والغاز، كما تعلمنا الحرب الحالية.

المواجهة المتزايدة مع بايدن تكشف التناقض في سياسة نتنياهو. الانقلاب النظامي الذي استهدف الدفع قدما بـ “خطة الحسم” للمستوطنين في الضفة الغربية يتعلق بتغيير البنية الاقتصادية، من الهايتيك الى الترانزيت. ولكن معارضة نتنياهو لحل الدولتين تفشل الصفقة السعودية، وادارة الحرب كاستمرار لخطة الحسم في غزة تفشل اقامة هذا الممر التجاري. وكمخرج من هذا التناقض فان نتنياهو تبنى استراتيجية “الدول المارقة” – الدول الاعضاء في محور الغرب، ولكنها تعمل ضد المصالح الحيوية لاعضائه في ضمان الطابع غير الديمقراطي في الانظمة فيها أو قمع الاقليات. كل ذلك على فرض أنه في توازن المصالح الغرب سيرى التعاون مع الدول المارقة كعملية مفيدة اكثر من النضال ضدها.

هكذا فان قطر تعمل كمركز عسكري امريكي، لكن الحاكم فيها هو شريك كبير لايران ووكلائها. رجب طيب اردوغان يريد تحسين علاقاته مع الاتحاد الاوروبي، مع التهديد بالسيطرة على اللاجئين من آسيا. فيكتور اوربان واردوغان قاما باعاقة انضمام السويد وفنلندا للناتو، كطريقة لتحسين مكانتهما في الاتحاد. وشبيها بذلك فان نتنياهو يفترض أن اعتماد الغرب على اسرائيل كحلقة ضرورية في الممر التجاري يمكنه من استغلال طلبات بايدن واوروبا في غزة وفي الضفة الغربية. 

هؤلاء الحكام المارقون ينشئون محور سياسي آخر، الذي الى جانب اعتماده على محور امريكا – اوروبا يخدم ايضا مصالح محور روسيا – ايران. نتنياهو هو مثال على طبيعة هذا السلوك. فدعمه لحماس دفع قدما بمصالح قطر وايران. ورفضه مناقشة “اليوم التالي” يطيل مدة الحرب في غزة ويحولها الى جبهة جنوبية للحرب في اوكرانيا ويخدم فلادمير بوتين. 

رغم الخطاب المناهض للقنبلة الايرانية، إلا أن انسحاب دونالد ترامب، الذي هو ايضا جزء من المتمردين، من الاتفاق النووي مع ايران وتوسيع العقوبات ضدها بتشجيع من نتنياهو، كل ذلك يدفع ايران الى مكانة دولة حافة نووية. 

الضغط من قبل المستوطنين يصعب على نتنياهو الاستمرار في العمل كجزء من محور الدول المارقة. العقوبات الامريكية والاوروبية التي بدأت بالمستوطنين وانزلقت الى التزيد بالسلاح، تدل على أن سلوك اسرائيل يدفعها بالتدريج من مكانة الدولة المارقة الى مكانة الدولة المجذومة. نتنياهو يحاول التمسك بالمروق في حين أن المستوطنين يسعون الى الجذام. ويبدو أن يدهم هي العليا. 

نجاح سياسة المروق ستؤدي الى أنه ليس فقط اسرائيل ستكف عن أن تكون دولة ناشئة، بل هي ستفقد مكانتها كجزء من الممر التجاري. وكل ما سيبقى في يدها في حينه هو القدرة على تعويق اقامته، كما يفعل الحوثيون مثلا. المستوطنون عرضوا في السابق روايتهم لمنطق عمليات الحوثيين، في الهجمات التي نظموها على قوافل المساعدات الانسانية من الاردن الى غزة في احد تشعبات الممر التجاري المستقبلي. تبني استراتيجية الحوثيين سيزيد جذام اسرائيل وسيؤدي بالتدريج الى تغيير منظومة تحالفاتها. اسرائيل سيتم نبذها من محور امريكا – اوروبا، وكعدوة له فهي ستنضم بالفعل الى محور روسيا – ايران. وهكذا سيتم استكمال الانقلاب النظامي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى