هآرتس: نتنياهو يبحث عن الانتقام من غالنت، ساعر تم استدعاءه لانقاذ حكومة الفشل والمذبحة
هآرتس 17/9/2024، يوسي فيرتر: نتنياهو يبحث عن الانتقام من غالنت، ساعر تم استدعاءه لانقاذ حكومة الفشل والمذبحة
مسموح لرئيس حكومة أن يقيل وزير دفاع لا يثق به، والثقة بينهما هي اقل من الصفر، واتهمه بأنه عميل امريكي مزدوج حتى في فترة الحرب. لو أن غولدا مئير قامت باقالة موشيه ديان في اليوم الثالث لحرب يوم الغفران عندما انهار امام ناظريها وتحدث عن دمار الهيكل الثالث، لما كان أحد سيشكك في ضرورة هذه الخطوة. ايضا لما كان أحد سينسب لها دوافع غريبة وشخصية، بل دوافع موضوعية تماما.
هذه ليست الحالة التي امامنا. الى جانب العلاقات الشخصية المتكدرة بين نتنياهو وغالنت (التي كان يمكن اصلاحها لو أن رئيس الحكومة رغب في ذلك)، فان ذريعة اقالة غالنت هي شخصية (الانتقام واغلاق الحساب على الليلة في آذار 2023 وبعدها)، وسياسية (قانون الاعفاء من التجنيد)، ونفسية (الاستطلاعات التي في معظمها غالنت يتفوق على نتنياهو في ثقة ودعم الجمهور، الامر الذي يصيب الزوجين نتنياهو بالجنون). بالطبع الاستقلالية في التفكير ورفض غالنت للعمل كسكرتير عسكري ثاني لنتنياهو، لم تضف له أي نقاط في قيصاريا.
هكذا وصلنا الى مفترق طرق، الذي فيه عشية ما ظهر كتدهور الى حرب في لبنان والتي يمكن أن تتطور الى حرب اقليمية، فان نقاشات الكابنت السياسي – الامني تم تأجيلها مرة تلو الاخرى لأن رئيس الحكومة يتردد في القيام بهذه الخطوة الحاسمة – اقالة (مرة اخرى) غالنت وتعيين جدعون ساعر مكانه. ساعر وصل الى مفترق الطرق الاكثر اهانة بالنسبة لسياسي في اسرائيل، الذي ينتظر فيه رفع فيتو سارة نتنياهو على تعيينه. حسب التقارير فان سارة نتنياهو تعارض استبدال وزير مستقل لوزير آخر مستقل. وكي لا يكون هناك أي شك فانه اذا تم تعيين ساعر فهو لا ينوي التصرف وكأنه محكوم لنتنياهو. هكذا فان الانفجار الاول بينه وبين رئيس الحكومة سيحدث قبل أن تنتهي صلاحية علبة الحليب التي توجد لنا في الثلاجة، أي في صناديق الاقتراع. اذا في هذه الاثناء كانت العلاقة بينهما توصف بأنها افضل من العلاقة السائدة بين غالنت ونتنياهو فان هذا فقط بسبب أنهما لا يعملان معا. اذا عملا معا سيتخاصمان.
إن ذهاب غالنت ودخول ساعر يذعر هيئة المخطوفين التي تمثل غالبية العائلات. فهي تعتبر غالنت الممثل الوحيد لها في هذه الهيئة. وهو الوحيد الذي يتحدث عن “القيم” وروح الجيش الاسرائيلي الذي لا يتخلى عن المصابين والاسرى ليموتوا. في هذه القضية فان ساعر اكثر صقورية منه. نتنياهو تم اقتباسه أمس وهو يقول بأن توسيع الحكومة سيساعد في صفقة المخطوفين. التفسير هو أنه اذا توسع الائتلاف من 64 مقعد الى 67 – 68 مقعد وتم التوصل الى صفقة، حتى لو انسحب بن غفير وحزبه، فان الحكومة لن تسقط (لأنه اذا ساعر والوزير زئيف الكين صوتا ضد فهما بالتأكيد لن يقوما بالانسحاب).
حتى الآن لم يتم التوقيع على الاتفاق. نتنياهو قام بوقفه ونحن لا نعرف لماذا. دائما يوجد لديه دافع خفي ما، ربما سارة، وربما أن البيت الابيض والبنتاغون ارسلوا رسائل. غالنت هو رجلهم، وعشية الاشتعال الواسع فانهم يخشون من امكانية اختفائه. ساعر في الانتظار. في وسائل الاعلام يحتفلون بأقواله القاسية في السنوات الاخيرة ضد نتنياهو وضد ما اصبح عليه الليكود.
ادعاء ساعر هو أنه منذ 7 تشرين الاول لا يوجد مكان للاقالات الشخصية. في الحقيقة هو وغانتس وايزنكوت انضموا للحكومة في 11 تشرين الاول، وبعد ذلك استقالوا، كل واحد على حدة. هو يريد النفوذ، وفي وزارة الدفاع سيكون له ذلك. الامر يبدو وكأن أحد اعضاء المعارضة في البرلمان الروسي تم تعيينه في منصب وزير الدفاع في حكومة فلادمير بوتين لأنه “توجد حرب”. والسؤال هو من الذي يدير الدولة.
حلف مع الشيطان
ساعر ينضم، هذا اذا انضم، الى زعيم فاسد وخطير وبدون كوابح وساخر، “يفضل مصالحه الشخصية على مصالح الدولة” (كما كتب هو نفسه عنه عشية اقالة وزير الدفاع). هذا الوصف لساعر لم يختف، بل تعاظم ايضا. ما بدأ في فترة الانقلاب النظامي عندما اراد نتنياهو وياريف لفين تحطيم اسس الديمقراطية، ازداد بأضعاف منذ المذبحة واندلاع الحرب. سلوك نتنياهو هو سلوك كارثي. العامل السياسي والشخصي دائما يتغلب دائما لديه على العامل الوطني – الامني. بالمناسبة، الانقلاب تجدد، ولفين وسمحا روتمان من وراء ذلك. ساعر بصفته عضو في الحكومة سيكون ملزم بدعم قوانين الانقلاب التي وقف في السابق ضدها واحسن في تبرير موقفه منها. كيف يمكنه تأييدها الآن؟.
ساعر تجول حتى الآن مع سمعة الشخص الذي يحترم كلمته. هو عرف كيفية رفض اقتراحات نتنياهو المغرية، بما في ذلك التناوب على منصب رئيس الحكومة، وبالطبع وزارة الدفاع والخارجية. هو رفض لأنه عرف أن العارض لن يفي بعرضه، سيخادع ويتحايل كما فعل مع بني غانتس. ساعر كان من اكبر الدافعين في حكومة التغيير الى اجازة “قانون المتهم” مع كل اشكاليته، لأنه بالنسبة له فان وقف نتنياهو كان مصلحة عليا. هو يعتبره زعيم غير مشروع وغير مؤهل، يدير منظومة تحريض وتشويه ضد خصومه السياسيين (هاكم: “ماكنة السم”). أين اختفى كل ذلك الآن؟ حقيبة الدفاع هي مجرد اغراء، لكن ماذا بخصوص المباديء والنزاهة؟ الانضمام لبيبي يعني عقد حلف مع الشيطان، ومع يعقد هذا الحلف فهو يبيع روحه للشيطان.
بعد استقالة ساعر من الحكومة طرح الموافقة على اجراء الانتخابات في بداية 2025. الآن هو سيمكن حكومة الفشل والمذبحة ورئيسها، الذي يتهرب من المسؤولية ويلقي التهمة على كل العالم، من استكمال ولايتها حتى تشرين الاول 2026. هذا يثير الغضب ولا يمكن استيعابه. “يجب اسقاط هذه الحكومة وليس انقاذها”، قال اكثر من مرة وفي مناسبات مختلفة، الآن هو الذي ينقذها، هو بوليصة التأمين والسترة الواقية للحكومة الاكثر فظاعة في تاريخ اسرائيل، التي على رأسها ليس فقط الانقلاب الذي اضعف الدولة واستدعى المذبحة، بل كل ما نشاهده يوميا: الشرطة السياسية، مهاجمة المستشارة القانونية للحكومة ونوابها والتحريض المسموم ضد الخصوم.
ماذا يملك السياسي عدا عن سمعته الجيدة؟ حتى لو كان تحت نسبة الحسم (“أنا مبعوث الجمهور بدون جمهور”، قال بني بيغن ذات مرة عندما اعتزل الحياة السياسية). حتى الآن نحن ننتظر من ساعر الحفاظ على القيم. ليس فقط بسبب اقواله في السابق، بل بالاساس بسبب ما نشاهده الآن.