هآرتس: نتنياهو مصمم على توسيع الحملة البرية في غزة، وفقط ترامب يمكنه منع المصيبة

هآرتس 15/9/2025، عاموس هرئيل: نتنياهو مصمم على توسيع الحملة البرية في غزة، وفقط ترامب يمكنه منع المصيبة
اسرائيل تقف امام توسيع كبير للعملية البرية في مدينة غزة. ورغم معارضة جارفة لرؤساء جهاز الامن، وعلى رأسهم رئيس الاركان ايال زمير، فقد حث بنيامين نتنياهو على تسريع العملية واحتلال مناطق اخرى في غزة في الفترة القريبة القادمة. نتنياهو والائتلاف اليميني – المسيحاني الذي شكله حوله يمكن أن يجرا الدولة الى كارثة اخرى، ستكون مقرونة بتورط سياسي وامني الذي في هذه المرة ستجد صعوبة في الخروج منه. الشخص الوحيد الذي ما زال يمكنه وقف التدهور هو الرئيس الامريكي. في هذه الاثناء ترامب يظهر فقط اهتمام محدود بما يحدث، ولا يتخذ خطوات يمكن ان تنقذ اسرائيل من الورطة التي وضعت نفسها فيها. لم يبق الكثير من الوقت للاصلاح.
هذه هي المرة الثالثة على التوالي التي يصمم فيها رئيس الحكومة على العمل ضد الرأي المهني لرئيس جهاز الامن ايال زمير ورئيس الموساد دافيد برنياع، وبدرجة اقل القائم باعمال رئيس الشباك ش. (نتنياهو جدد في الاسبوع الماضي جهوده لتعيين دافيد زيني كرئيس دائم للجهاز). القيادة العليا الامنية ايدت في النقاشات في نهاية شهر آب العودة الى مسار صفقة التبادل، بدلا من توسيع القتال. معظم القادة الكبار عارضوا ايضا توقيت الهجوم الاستثنائي في قطر في الاسبوع الماضي، الذي فشلت فيه اسرائيل في محاولة تصفية قادة كبار في حماس الخارج، الذين اجتمعوا لمناقشة المفاوضات حول المخطوفين. في حين انه في شهر آذار الماضي قرر نتنياهو تفجير صفقة التبادل التي تم التوقيع عليها في كانون الثاني قبل اداء ترامب لليمين كرئيس، واستئناف القتال بدلا من اجراء المفاوضات حول المرحلة الثانية في الصفقة.
في نهاية الاسبوع الماضي عقد اجتماع تشاوري لرؤساء القوائم التي تشكل الائتلاف من اجل مناقشة خطط مواصلة العملية في غزة. هذا منتدى مقلص اكثر من الكابنت الامني، وهو الجسم المخول باتخاذ القرارات الدراماتيكية بشان مواصلة القتال، ويشارك فيه بحكم المنصب ايضا عدد من الوزراء الذين لا يترأسون قوائم. في هذه الجلسة، مثلما في جلسات سابقة، ظهر التحالف الوثيق بين رئيس الحكومة وشركاءه في اليمين المتطرف، الوزير ايتمار بن غفير (قوة يهودية)، الوزير بتسلئيل سموتريتش (الصهيونية الدينية)، وزير الدفاع يسرائيل كاتس يكرر رسائل نتنياهو، لكن رأيه ليس له وزن كبير.
آريه درعي (شاس) لم يشارك في الجلسة. الوزير الوحيد في هذا المنتدى الذي يحذر بشكل دائم في الفترة الاخيرة من تداعيات توسيع الحرب هو وزير الخارجية جدعون ساعر، الذي يحذر من العزلة الدولية الواضحة التي توجد فيها اسرائيل، ومن الاخطار بسبب تفاقم الازمة الانسانية في القطاع، ازاء محاولة اسرائيل دفع حوالي مليون غزي في غزة ومحيطها نحو الجنوب، الى مخيمات اللاجئين في وسط القطاع ومنطقة المواصي. حسب التقديرات في الجيش فانه حتى الآن هرب فقط ربع سكان مدينة غزة. الظروف في مناطق اللجوء في الجنوب تصبح صعبة اكثر فاكثر ازاء الاكتظاظ وغياب حلول انسانية بالحد الادنى.
الى جانب ساعر، زمير يعبر عن الصوت البارز ضد توسيع العملية. يبدو ان رئيس الاركان يحركه الخوف من اللحظة التي ستدخل فيها القوات الى مناطق اخرى، في عمق المناطق المأهولة، وسيكون من الصعب وقف العملية بسرعة وسينجرون الى الداخل، الى مواجهات مع خلايا عصابات نشرتها حماس وتختبيء تحت الارض في الانفاق وتحت انقاض المباني. القصد هو ان يتم ادخال الى غزة عشرات آلاف الجنود، معظمهم من الوحدات النظامية. رئيس الاركان يقترح العودة الى مسار الصفقة الذي سيمكن على الاقل من تحرير عشرة مخطوفين احياء ونصف الجثث، هذا في المرحلة الاولى. وهي ايضا ستترك شهرين لاجراء مفاوضات اخرى على امل استكمال الصفقة وانهاء الحرب. حتى لو فشلت المفاوضات بعد ذلك، قال زمير للوزراء، فانه يمكننا استئناف القتال.
لا يوجد ضمانة لأمن المخطوفين
الجيش لا يمكنه ضمان أمن العشرين مخطوف الاحياء (من بين الـ 47 المحتجزين لدى حماس) الذين عدد كبير منهم يوجد كما يبدو في المنطقة التي اعلنت اسرائيل أنها ستنوي السيطرة عليها، في مدينة غزة ومحيطها. حماس لمحت مؤخرا بانها نقلت بشكل متعمد مخطوفين احياء الى هذه المنطقة. الى جانب الخوف من المس بالمخطوفين بالخطأ في عمليات القصف، لا توجد معلومات كافية عن مكان وجودهم الدقيق، يظهر قلق آخر وهو انه لا يمكن استبعاد امكانية ان حماس مع الظهر الى الحائط، اذا دخل الجيش الاسرائيلي وبحق الى داخل غزة، ستقرر اعدام المخطوفين.
قيادة حماس التي بقيت في غزة هي قاتلة بما فيه الكفاية كي تقرر مثل هذه الخطوة المتطرفة. خلافا للانطباع الذي حاول مكتب رئيس الحكومة خلقه في الاسبوع الماضي فان المس المحدد، اذا فشلت العملية، بقيادة حماس الخارج لم يكن ليؤثر للافضل كما يبدو على تقدم المفاوضات نحو الصفقة. طوال المفاوضات من بداية السنة الحالية فان قيادة الداخل التي تختبيء في الانفاق تعبر عن المؤشر المتشدد في حماس وتقود خط يقلل من الموافقة على تقديم تنازلات.
ازاء هذه الاخطار تدهش اللامبالاة المطلقة التي يظهرها معظم وزراء الحكومة. بتشجيع من نتنياهو تم تخصيص جزء من جلسة الحكومة امس للتحريض ضد المستشارة القانونية للحكومة وحيونة وزراء تجاه العنف الذي يوجه اليهم في حملة الاحتجاج. هذا التباكي حول يوم سبت لم يصب فيه الا مصور صحفي مخضرم تعرض للضرب من قبل الشرطة ليس صدفيا. هو استمرارية لمحاولة اغتيال المؤثر الامريكي اليميني تشارلي كيرك وربطها بالمبالغة في خطر اليسار الكامن في اسرائيل. من المؤسف قول ذلك، لكن يبدو ان حياة المخطوفين والجنود لا تهم معظم الوزراء مقارنة مع شؤونهم الخاصة. فلديهم امور ملحة اكثر للاهتمام بها مثل المشاركة في مناسبات لاعضاء مركز الحزب. في نهاية المطاف هناك سنة انتخابات قريبة.
نتائج الهجوم
الهجوم في قطر ادى الى توحيد الصفوف في العالم العربي، على الاقل ظاهريا، اظهار الدعم في اوساط جيرانها ازاء ما وصفوه كعمل عدواني وخرق للسيادة من قبل اسرائيل.
في جهاز الامن في اسرائيل يقلقون من تاثير القصف على قدرة الاستعانة بقطر في مهمة الوساطة في المفاوضات مع حماس. وهناك من يشككون بان نتنياهو اراد تحقيق من هذا الهجوم هدفين. الاول، تشويش مرة اخرى على الامكانية الضئيلة بقدر الامكان، التقدم في المحادثات. والثاني، ابعاد نفسه علنا عن قطر ازاء الاكتشافات الكثيرة بشان العلاقات الاقتصادية التي اقامها ثلاثة من مستشاريه مع هذه الامارة في الخليج.
وزير الخارجية الامريكي ماركو روبيو الذي وصل امس الى اسرائيل تناقش مع نتنياهو حول تصريحات اسرائيل حول نيتها ضم مناطق في الضفة الغربية ردا على العملية المخطط لها لدول غربية للاعتراف بالدولة الفلسطينية. دولة الامارات هددت اسرائيل في السابق بازمة خطيرة ستعرض للخطر اتفاقات ابراهيم اذا اتخذت مثل هذه الخطوة. هذا التعقيد السياسي يحدث في موازاة المقامرة العسكرية التي من شانها ان تعرض للخطر حياة الكثير من الاشخاص: اضافة الى المخطوفين، ايضا جنود الجيش الاسرائيلي وفلسطينيين كثيرين يوجدون في خطر متزايد. المفتاح الوحيد للخروج من هذه الورطة يوجد كما يبدو لدى الرئيس الامريكي ترامب. ربما هذه هي الفرصة الاخيرة: لقد حان الوقت لامساكه من ياقته.