هآرتس: نتنياهو لم يعد مؤهلا للامساك بالدفة

هآرتس 1/4/2025، عاموس هرئيل: نتنياهو لم يعد مؤهلا للامساك بالدفة
المرة الأخيرة التي سجل فيها نشاط كهذا في مكتب رئيس الحكومة في الصباح الباكر يبدو أنها كانت في صباح 7 تشرين الأول في الساعة 6:29 دقيقة عندما اطلقت حماس آلاف الصواريخ نحو إسرائيل، ونتنياهو استيقظ على صوت صافرات الإنذار هو وكل مواطني الدولة. أمس في الساعة 6:53 دقيقة انحرف مكتب نتنياهو عن عادته ونشر بيان حول قرار تعيين مرشح مفاجيء، قائد سلاح البحرية السابق ايلي شربيط في منصب رئيس الشباك.
نتنياهو استغل الثغرة التي ابقتها له المحكمة العليا في قرارها والسماح له بمقابلة مرشحين لرئاسة الشباك. وقد سارع الى الدفع قدما بالتعيين رغم الامر المؤقت الذي صدر ضد قرار الحكومة بإقالة رئيس الجهاز الحالي رونين بار. هذا حدث رغم تضارب المصالح الواضح الذي يوجد فيه رئيس الحكومة – حقيقة أنه يعمل من اجل استبدال بار بسرعة في الوقت الذي يجري فيه الأخير تحقيق مع رجال مكتب نتنياهو في القضية القطرية.
حتى الظهيرة كان ترشيح شربيط تلاشى، الذي عرضه مكتبه في الصباح كحقيقة منتهية. الجنرال احتياط استمتع بمكانته الجديدة خمس – ست ساعات قبل أن يتم الكشف للعالم عن القضية التي اعاقت تعيينه. فقد تبين أنه في بداية الاحتجاج ضد الانقلاب النظامي في آذار 2023 تمت مشاهدته في مظاهرة في شارع كابلان. رئيس الحكومة في الحقيقة عرف ذلك كما يبدو حتى من فترة المقابلات، لكن أبناء عائلة نتنياهو لم يتم ابلاغهم بذلك. لقد ثارت عاصفة في الليكود وفي العائلة، والمراسلون المقربون تمت احاطتهم بأنه ظهرت مشكلة. وعندما ظهر المبرر وكأنه لا أساس له ومحرج، حتى بمفاهيم العصر السخيف الحالي تم تسويق مبرر بديل وكاذب وهو أن رئيس الشباك الذي تم تعيينه نشر قبل بضعة اشهر مقال هاجم فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بسبب سياسته المناخية. التعيين كما قيل، لم يكن ليجتاز ترامب.
هذا الادعاء وجد التعزيز في اقوال السناتور المقرب من نتنياهو ليندزي غراهام، الذي قال إن تعيين شربيط يمكن أن يخلق توتر لا حاجة اليه بين إسرائيل والرئيس الأمريكي، وأن الامر يتعلق بخطوة “أكثر مما هي إشكالية”. ولكن هذه قصة مضحكة كيف لا يعرضوها – أيضا التفكير بأن ترامب يهتم بمسألة من الذي سيكون رئيس الجهاز السري القادم في إسرائيل وما الذي كتبه في السابق، وأيضا إمكانية أن نتنياهو يفكر بأن يسأل الرئيس الأمريكي عن رأيه في موضوع إسرائيلي داخلي.
على أي حال، يبدو أن شربيط تم القاءه تحت إطارات الحافلة، سيمر يومين – ثلاثة أيام وسيجد صعوبة في تذكر اسمه، لأنه في نهاية المطاف توجد لديه مشكلات أخرى، وقبل ذلك تم طرح علامات استفهام حول هذا التعيين. ليس أن شربيط ليست له أي تجربة في هذا الموضوع، في صفوف هذا الجهاز، الذي خطط رئيس الحكومة لأن يقوم بتعيينه كرئيس له، الخلفية الاستخبارية له محدودة وهو لا يتحدث اللغة العربية. صحيح أن رئيس الحكومة السابق اسحق شمير قال ذات مرة بأن “العرب هم نفس العرب والبحر هو نفس البحر”، لكن مشكوك فيه أنه كان يقصد ذلك. قرار اسقاط قائد سابق لسلاح الجو من اجل اصلاح جهاز الشباك المتضرر نجح ذات مرة مع عامي ايالون بعد قتل اسحق رابين. يصعب تخيل نجاح مشابه الآن في الظروف الحالية.
في المقابل، ربما شربيط احبه البيبيون بصفته قائد سلاح البحرية عندما قلل بشكل علني من قضية السفينة التي يتم التحقيق فيها مع حاشية نتنياهو. معارفه، بما في ذلك رؤساء الأركان السابقين والسياسيين المشكوك فيهم في الوقت الحالي بني غانتس وايزنكوت، مدحوا استقامته ومؤهلاته. ولكن القضية تتعلق بمن قام بالتعيين وليس بمن تم تعيينه. ببساطة، محظور على نتنياهو أن يكون له أي موطيء قدم في تعيينات الشباك، في الوقت الذي تجري فيه حرب علنية ضد رونين بار، وحلقة التحقيق في القضية القطرية تضيق حول الأشخاص في محيطه.
غير مؤهل
في الظهيرة تمت إضافة عامل آخر، حاسم، الى الدراما المتطورة. الشرطة اعتقلت للتحقيق اثنين من مستشاري رئيس الحكومة، ايلي فيلدشتاين ويونتان اوريخ. وبعد ذلك نشرت أسماء شهود آخرين واشخاص يتم التحقيق معهم، على رأسهم (مفاجأة) نتنياهو نفسه. في هذه الاثناء كشاهد فقط. بشكل غير معقول فان الشخص الذي قال إنه يمكنه مواصلة إدارة الدولة التي تحدق بها التحديات والعواصف، في الوقت الذي يواجه فيه لائحة اتهام في ثلاث قضايا، مطلوب منه قطع شهادته في المحكمة المركزية في تل ابيب كي يواصل من هناك الطريق الى مكتبه للشهادة في القضية الغضة أكثر.
وسائل الاعلام، التي من كثرة التركيز على الأشجار التي في معظمها تصمم على عدم رؤية الغابة، قامت أيضا بتطبيع هذه الهستيريا، بالضبط مثلما فعلت في السابق مع التنبؤ حول هوية رئيس الجهاز الجديد وتدخل العائلة في التعيينات، ومع العلاقة بين معاناة رئيس الحكومة، السياسية والجنائية، واتخاذ القرارات في الحرب.
الفترة الزمنية القصيرة بين الإعلان عن تعيين شربيط وبين الاعتقالات والتحقيقات أدت الى التقدير بأن نتنياهو بطريقة معينة عرف مسبقا ما هو متوقع، وأراد التبكير في السيطرة على الرواية التي تم تسويقها للجمهور من خلال اطلاق بالون اختبار لحرف الانتباه. في وضع الشرطة البائس، التي تخضع مرة أخرى لايتمار بن غفير، حتى هذا السيناريو لا يمكن أن يعتبر سيناريو غير محتمل. اليوم، رغم الحرب، نتنياهو ينوي الذهاب هو وزوجته والحاشية الى قضاء نهاية الأسبوع في هنغاريا. ربما هناك سيسمع من المهنيين الحقيقيين أفكار جديدة حول كيفية محاربة “الدولة العميقة” الفظيعة، التي تحاصره من كل الجهات.
أحيانا لا يضير قول الحقيقة على بساطتها: نتنياهو وضع نفسه والدولة أيضا في وضع صعب، وهو غير مؤهل للامساك بالدفة. مكتبه بصعوبة يعمل، والشخص الرئيسي اوريخ، المستشار الذي يعتمد عليه نتنياهو كثيرا في الأشهر الأخيرة، ويبدو أنه الذي يعرف كيفية دفن معظم الاسرار، معتقل من اجل التحقيق معه. اوريخ ليس فيلدشتاين. مكانه في سلسلة الغذاء والوصول الى المعلومات الحساسة اعلى بدرجة كبيرة. حتى الآن لم يجرب اعتقال طويل كما حدث مع فيلدشتاين أو مستشارين سابقين لنتنياهو، من بينهم نير حيفتس.
التفكير بما يوافق اوريخ على قوله من اجل النجاة من لائحة الاتهام في القضية القطرية يمر بالتأكيد في ذهن كل المتورطين. يتوقع أن يكون نقاش قانوني طويل في مسألة وزن الأدلة وبنود المخالفات نفسها، لكن يجب عدم تجاهل ما تم التحقيق فيه. عمليا، الشرطة والشباك يفحصان احتمالية أن اشخاص رفيعين في مكتب رئيس الحكومة حصلوا على أموال من قطر، سواء مقابل خدمة قاموا بها من اجلها أو (هذا ربما اكثر خطورة) كوسيلة تمويل بديلة لنتنياهو. في السطر الأخير يثور على الأقل الشك بأن قطر ساعدت في تمويل، في نفس الوقت، جهاز الإرهاب لحماس وأيضا ماكنة السم لنتنياهو. ليس من الغريب أن المكتب ينشر بيانات هستيرية اكثر فاكثر ضد بار والمستشارة القانونية للحكومة غالي بهراف ميارا.
هذه القضية البائسة والمتطرفة آخذة في التوسع في الوقت الذي فيه 59 مخطوف ما زالوا محتجزين في الانفاق في قطاع غزة، وهناك خوف متزايد على سلامة الاحياء بينهم، أقل من النصف. في الخلفية الجيش الإسرائيلي يستمر في الاستعداد لعملية برية واسعة في القطاع، ويستعد أيضا لسيناريو مهاجمة المنشآت النووية في ايران. وجميع القرارات في هذه القضايا الحاسمة توجد في يد شخص واحد. في هذه الاثناء بعد المصادقة على الميزانية واستقرار الحكومة فان نتنياهو يعتبر لاعب سياسي قوي تقريبا، وفي نفس الوقت هو أيضا يوجد في حالة هرب دائمة امام سلطات القانون.