ترجمات عبرية

هآرتس: نتنياهو لا يكترث في مواجهة الخطر على أمن اسرائيل

هآرتس 26-7-2023، بقلم عاموس هرئيل: نتنياهو لا يكترث في مواجهة الخطر على أمن اسرائيل

انتظرت حركات الاحتجاج خطوة حاسمة للطيارين في الاحتياط. ظهر ائتلاف نتنياهو طوال الفترة الأخيرة منغلقاً إزاء تحذير الوزراء من خطر المس بالاقتصاد وتنديد العالم. وكان مصمماً على مواصلة قوانين الانقلاب النظامي. في مثل هذه الظروف، كثير ممن يعارضون الانقلاب علقوا الآمال على وقف التطوع الذي سيعلن عنه مئات من رجال طواقم سلاح الجو. لقد اعتقدوا أنه لا خيار أمام رئيس الحكومة عدا التراجع أمام هذا الخطر والواضح والفوري على أمن الدولة، وإزاء الإضرار المؤكد بالكفاءة العملياتية لسلاح الجو.

لكن نتنياهو لم يتراجع أول أمس، وأجازت الكنيست قانون إلغاء ذريعة المعقولية بالقراءتين الثانية والثالثة. أطلق الاحتجاج الذخيرة الأساسية التي بحوزته، لكن الحكومة، رغم التوبيخ المؤكد، لم ترمش. يبدو أن تدمير الجيش من الداخل لا يقلقها. النضال بعيد عن نهايته، وقوائم المعارضة والجمهور الديمقراطي – الليبرالي الواسع، الذي استيقظ وتجند للمعركة، ستضطر للبحث عن وسائل أخرى.

 أكثرت وسائل الإعلام من بث وتوضيح صورة رسمية تم بثها من قاعة الكنيست: وزير الدفاع يوآف غالانت يتوسل لزميله على طاولة الحكومة، وزير العدل ياريف لفين، من أجل المصادقة على التحفظ على قانون يمكّن من استمرار التفاوض على التسوية. لفين يرفض بشدة، ونتنياهو يراقب اليوم بوجه رمادي ويظهر فجأة أنه أصبح كبير السن ومتعباً أكثر من عمره (73 سنة).

الصورة المكملة لهذا المشهد حدثت بعيداً عن العدسات. فبعد أربعة أيام على التوسل، وافق رئيس الحكومة على التحدث مع رئيس الأركان، لكن هذا اللقاء، بشكل متعمد، كان بعد استكمال عملية التصويت. هليفي وضع أمام محدثه تقريراً خطيراً جداً عن حجم إلغاء التطوع في الجيش وعن تداعياته المحتملة على تماسك الوحدات وعلى كفاءتها العملياتية. هذه البيانات ستزداد في الفترة القريبة القادمة. تعترف هيئة الأركان العامة الآن بأن حدث تآكل أولي في الكفاءة العملياتية، بالأساس في سلاح الجو.

أمس، كان يجب على وحدات خاصة أن تعيد تنظيم مهمات التصنيف ونشاطات تشكلها بسبب مغادرة رجال احتياط. يعرف الجيش الإسرائيلي أنها ظاهرة قد تنزلق أيضاً، على الأغلب بهدوء، إلى صفوف الجيش الدائم وحتى إلى الذين في الخدمة الإلزامية.

هؤلاء الضباط لن يوقعوا على أي عرائض علنية ترسل لرئيس الأركان، لكنهم سيخلعون الزي العسكري، واحداً تلو الآخر وبدون أن يرى أحد ذلك. نتنياهو، كما يبدو، غير مكترث بهذه التطورات في الجيش الإسرائيلي. أصبح واضحاً الآن من سيفضل إذ خُير بين علاجها وبين إنقاذ ائتلافه.

يراهن رئيس الحكومة على أنه إذا لم يحدث شيء أمني فظيع كما حدث في ذروة وباء كورونا عندما سمح بخرق القانون لشركائه الحريديم، في الوقت الذي أبقى فيه سائر المواطنين في إغلاقات طويلة، فسوف يختار حينئذ سحق المستوى المهني. اشتدت الإهانة أكثر عندما اختار وزير الدفاع، في خطوة يائسة، إرسال ممثلي الجيش من أجل الالتقاء مع وزراء الكابنيت، على أمل أن عرض الوضع بكامل خطورته سيقنعهم على الموافقة على صيغة حل وسط ما في اللحظة الأخيرة.

اضطر جنرالان في الخدمة إلى الانتظار بخجل في أروقة الكنيست عندما رفض بعض الوزراء مقابلتهما، إلى أن قام أحد الوزراء ورئيس الأركان بقطع هذه المسرحية وسمحا لهما بالذهاب في طريقهما.

بذور الخلاف التي نثرها نتنياهو ورجاله بشكل جذري أصبحت واضحة جداً. سلاح الجو ينزف، والتوتر بين طواقم سلاح الجو في الاحتياط والتقنيين بات واضحاً، إلى درجة عداء فظ في بعض الأسراب، وتوسل هليفي لرئيس الحكومة لوقف التحريض المنفلت لمعسكره ضد رجال الاحتياط. لا شك أن نتنياهو قد تأثر جداً.

السكرتير العام لـ”حزب الله”، حسن نصر الله، يشاهد كل هذه الأمور مع ابتسامة واسعة. وهو صاحب نظرية “خيط العنكبوت”. بعد مرور 23 سنة على خطاب ألقاه في قيادة جيش لبنان الجنوبي المتروكة في بنت جبيل عشية انسحاب الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان، يمكن لنصر الله أن يقول لنفسه بأنه كان على حق: المجتمع الإسرائيلي تفكك، وهو حتى غير مطلوب منه تحريك أي ساكن من أجل المساعدة على ذلك.

لكن الزعيم الشيعي يجد صعوبة في ضبط النفس. أعمال الاستفزاز التي ينفذها رجاله على طول الحدود بين إسرائيل ولبنان تزداد. أمس، نشر فيلم ظهر فيه رجال “حزب الله” وهم يحملون المعدات ويرتدون الزي الرسمي على بعد متر من الجدار قرب “موشاف دوفيف”. يبدو أنه لا توجد لحسن نصر الله أي مصلحة في بدء حرب الآن، لكنه بالتأكيد يستمتع بشد أعصاب إسرائيل. في المقابل، هناك جمهور آخذ في الازدياد في البلاد سيجد صعوبة في تصديق طهارة اعتبارات الحكومة في حالة حدوث تدهور.

كل ما تم التحذير من حدوثه بدأ بعد يوم على المصادقة على القانون الأول من قوانين الانقلاب النظامي: الدولار يرتفع بسرعة، والبورصة تهبط، وشركات التصنيف الائتماني تنشر تحذيرات خطيرة حول الوضع الاقتصادي. في الوقت نفسه، تعبر الولايات المتحدة وبريطانيا عن قلق مهذب من هذا التشريع. زيارة نتنياهو للبيت الأبيض تقف أمام علامة استفهام مرة أخرى. في هذه الأثناء، يأمل رئيس الحكومة بحدث لقاء مع جو بايدن على هامش جلسة الجمعية العمومية في أيلول القادم كي لا يتم دفعه إلى صف الزعماء المجذومين الذين لا يريد الرئيس الأمريكي الظهور معهم. ربما الأمر الذي يقلق أكثر من أي شيء هو العنف في الشوارع. منذ أسبوع وأكثر يظهر ارتفاع واضح في أعمال عنف الشرطة ضد المتظاهرين، بالأساس عندما يتم إغلاق شوارع. ليست هناك جهة رسمية مهانة أكثر من شرطة إسرائيل.

المفتش العام للشرطة في الطريق إلى الخارج، سلسلة القيادة مشوشة كلياً، رجال الشرطة منهكون وغاضبون، أصبح التوتر بينهم وبين المتظاهرين بارزاً، ومن الواضح أيضاً تأثير الخدمة النظامية لكثيرين منهم، من خريجي وحدات حرس الحدود في “المناطق” [الضفة الغربية]. أما جهاز القضاء فلا يريد التصادم مع الشرطة، وباستثناء حالة موت أو إصابة بالغة، لا سمح الله، يصعب رؤية محكمة الآن تدين شرطياً بسبب استخدامه للقوة الزائدة في تفريق مظاهرة. فوق كل ذلك، يحلق المسؤول عن الأمن القومي كشيطان محرض.

بعد المصادقة على القانون، يسود في الاحتجاج تشويش ما. اليوم التالي جاء، ومن غير الواضح ما الذي يمكن أن يفعل فيه. كان في الاحتجاج الديمقراطي من اعتقدوا، مثل حاخامات المستوطنين في “غوش قطيف”، بأن هذا لن يحدث. ولكن أصبح معروفاً الآن أن ائتلاف الدمار مصمم على مواصلة التشريع، وأن أي حديث عن موت الإصلاح أو أن نتنياهو سيمرر نسبة محدودة منه فقط، بات من قبيل سحابة دخان.

الجمهور الليبرالي متعب، لكن محور لفين – سموتريتش – روتمان ما زال معنياً بتمرير المزيد من القوانين، والحريديم يطالبون بنصيبهم. أمس، بصورة أثارت مفاجأة معينة داخل الائتلاف، قدمت قائمة “يهدوت هتوراة” اقتراح مشروع أساس: تعلم التوراة، خطوة أولى في تحسين شروط طلاب المدارس الدينية قبل تقديم قانون إعفاء الحريديم من التجند للجيش، المنوي تقديمه في الدورة الشتوية للكنيست. سارع الليكود إلى النفي، لكن من يصدق وعود نتنياهو؟ خطوة الحريديم صبت الزيت على عجلات الاحتجاج بالضبط في اللحظة التي كانت بالنسبة لهم كئيبة ولم تعد لديهم طاقة. يصعب التقدير الآن إذا كان يمكن وقف قانون الإعفاء من الخدمة العسكرية بعد الفشل الذريع في قضية ذريعة المعقولية. ما أصبح معروفاً هو أن استمرار خطوات الائتلاف ستواصل تمزيق المجتمع الإسرائيلي والجيش الإسرائيلي إلى أشلاء.

في المقابل، يقف الشباب الذين سيطروا أول أمس بجموعهم على المظاهرة في شارع كابلان في تل أبيب وقادوا الإغلاقات في شارع أيالون. محظور الاستخفاف بروحهم القتالية حتى إزاء عنف الشرطة القاسي. ويمكن التقدير بأن الشباب من بينهم، الذين يتعرضون الآن للضرب من قبل رجال الشرطة، سيفكرون مرتين قبل التجند لخدمة الدولة في “المناطق” [الضفة الغربية] بعد شهر أو بعد سنة.

الإسرائيليون الذين يعملون على كسب الرزق استيقظوا صباح أمس على يوم آخر عادي، أضرار إلغاء ذريعة المعقولية لن نشعر بها على الفور؛ لأنه لن تكون نقطة زمنية معينة تنتقل فيها إسرائيل من وضع الديمقراطية إلى وضع الديكتاتورية. هذه الأمور لا تحدث بين عشية وضحاها. ولكن حقيقة أن السماء لم تسقط علينا، لا تعني عدم وجود خطر تصدع قاتل يهدد المجتمع الإسرائيلي من تحت الأرض، تصدع يتوسع باستمرار.

مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى