ترجمات عبرية

هآرتس: نتنياهو ركز في واشنطن على حملته لترميم صورته لكنه فتح جبهة مع هاريس

هآرتس 28/7/2024، يونتان ليس: نتنياهو ركز في واشنطن على حملته لترميم صورته لكنه فتح جبهة مع هاريس

يونتان ليس
يونتان ليس

من السهل التخمين بأن رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، كان سيغادر في مساء السبت الولايات المتحدة برضى. الستة ايام من زيارته، وهي الزيارة الاولى له منذ 7 تشرين الاول، حققت كل الاهداف منها. فقد زار البيت الابيض الذي لم تتم دعوته اليه منذ ولايته الحالية؛ حصل على التصفيق اثناء القاء خطابه في الكونغرس رغم الانتقاد الشديد لادارة الحرب في غزة؛ استئناف علاقته مع المرشح الجمهوري للرئاسة دونالد ترامب. اثناء ذلك هو قام بتدشين طائرة “جناح صهيون” التي اصبحت الرمز لترفه وتبذيره، التي شراءها وتجهيزها عمل عليه طوال سنين.

مع ذلك، في الاجزاء العلنية للزيارة نتنياهو لم يقدم أي اجابات على عدد من المواضيع الرئيسية. فقد وجد صعوبة في اقناع ابناء عائلات المخطوفين الذين رافقوه في الرحلة بأنه مصمم على عقد الصفقة واطلاق سراح اعزاءهم، ولم يطرح علنا هدف ملموس لانهاء الحرب، ولم يكشف للجمهور عن خطة عملية لاعادة اعمار القطاع في اليوم التالي لانسحاب الجيش الاسرائيلي منه. اضافة الى ذلك في ذروة الحملة الانتخابية الصاخبة في الولايات المتحدة لم تخف نائبة الرئيس كمالا هاريس انتقادها لسلوكه، ويمكن التقدير بأن الاختلاف في آراء الاثنين ستؤثر على العلاقة بين الدولتين اذا استبدلت هاريس بايدن كرئيسة للولايات المتحدة بعد الانتخابات.

الدفع قدما بصفقة التبادل احتل مكان رئيسي في زيارة نتنياهو. بعض ابناء عائلات المخطوفين الامريكيين انضموا للقائه مع الرئيس بايدن في البيت الابيض. وعائلات اخرى وقفت للتظاهر ضده اثناء القاء خطابه في الكونغرس. مصدر تحدث مع رئيس الحكومة في واشنطن وجد صعوبة في التقدير اذا كان ينوي الدفع قدما بصفقة التبادل أو أنه سيفشلها. “نتنياهو مستعد لفعل الكثير من اجل استئناف المفاوضات. ولكنه ايضا مستعد لفعل اقل من ذلك بكثير من اجل اظهار المرونة بصورة تمكن من اطلاق سراح المخطوفين”، قال. “نتنياهو على قناعة بأنه يعرف كيفية اجراء المفاوضات بصورة افضل من أي شخص آخر، لكنه نسي أنه يجب أن تكون نتائج للمفاوضات. هو يصمم على مواضيع يمكن أن تؤدي الى افشال المفاوضات بدل اظهار المرونة والتوصل الى اطلاق سراح المخطوفين الموجودين في خطر على حياتهم”.

في كل الحالات، بعد أن قام بتأجيل سفر الوفد الاسرائيلي برئاسة رئيس الموساد الى قطر في بداية الاسبوع الماضي بسبب سفره الى واشنطن، نتنياهو قال أمس بأنه سيتم استئناف المحادثات في الاسبوع القادم في روما. في المستوى السياسي قالوا عشية سفره بأن اللقاء مع بايدن سيكون “لقاء حاسم” في الطريق الى الاتفاق. مصدر سياسي اوضح بأن نتنياهو يعمل على خلق جبهة موحدة بين الادارة الامريكية وطاقم المفاوضات الاسرائيلي لمنع توجيه انتقاد امريكي علني ضده حول الصفقة، من اجل اعطاء اشارة لحماس بأن الولايات المتحدة تدعم بشكل كامل اسرائيل. رغم أن بايدن لم يهاجم نتنياهو علنا حول هذه القضية في هذا الاسبوع، إلا أن تصريح هاريس الذي دعا الى تحسين الوضع الانساني في قطاع غزة وانهاء الحرب، اعتبر في حاشية نتنياهو ضربة كبيرة للجبهة الموحدة التي اراد خلقها مع الادارة.

سواء كان هذا هو بداية حملة انتخابية أو محاولة فعلية لتحسين صورته في اوساط الجمهور، فان خطاب نتنياهو في الكونغرس استهدف في المقام الاول الأذن الاسرائيلية. نتنياهو اراد الاستناد الى قدرته البلاغية لتجنيد الدعم في اسرائيل وفي المجتمع الدولي لرواية “النصر المطلق”. المراقب كان يمكن أن يعتقد بأن الامر يتعلق برئيس حكومة شعبوي، وليس زعيم فشل في مهمته لضمان سلامة وأمن مواطنيه. في استطلاع اجراه الاستوديو 6 في الاسبوع الماضي 30 في المئة من الجمهور في اسرائيل اعتقدوا بأنه مناسب للمنصب، 54 في المئة اعتقدوا أنه كان يجب أن يبقى في البلاد وأن لا يسافر الى الخارج.

في الخطاب الذي القاه نتنياهو طرح ابعاد الكارثة في 7 تشرين الاول، وتحدث عن ابطال المعركة الذين كانوا في القاعة. ولكنه في الخطاب لم يقدم التزام علني بابداء المرونة في المفاوضات من اجل اعادة المخطوفين، وكرس بضع كلمات فقط لسكان الشمال الذين تم اخلاءهم من بيوتهم، ولم يلتزم باعادة اعمار الغلاف، ولم يتحدث عن أي خطة شاملة لانهاء الحرب. وطرح ايضا رؤية غامضة لمستقبل القطاع، وقام بتحدي طلب الادارة الامريكية لزيادة ادخال المساعدات الى القطاع، وشن هجوم شديد على محكمة الجنايات الدولية في لاهاي وشكك في دوافع جزء من المتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين في الولايات المتحدة. نتنياهو رفض الادعاء بالتجويع المتعمد، وصمم على أن اسرائيل “سمحت” بادخال كميات كافية من الغذاء.

نتنياهو وصل الى واشنطن في اسبوع دراماتيكي جدا من ناحية سياسية. فاعلان بايدن عن انسحابه وخطابه الذي وجهه للامة وشرح فيه قراره قلل اهتمام الجمهور بزيارة نتنياهو. الرئيس الامريكي اعلن في السابق بأنه ينوي الامساك بزمام الامور حتى كانون الثاني القادم. بالنسبة لنتنياهو بايدن هو “صاحب البيت”، ويجب عليه العمل معه في نصف السنة القادم في كل الامور المرتبطة بالحرب، ومن بينها قضية التزويد بالسلاح المختلف عليها بين الدولتين. 

نتنياهو نجح في أن يدس نفسه في هذا الاسبوع في البيت الابيض للمرة الاولى منذ بداية ولايته الحالية في كانون الاول 2022. الرئيس جو بايدن الذي لم يخف الاشمئزاز من نتنياهو، رفض دعوته الى البيت الابيض حتى الآن. فقط في اعقاب الحرب ودعوة نتنياهو الى الكونغرس وافق بايدن رفع المقاطعة عنه. الاثنان تطرقا في اللقاء الى عدة مواضيع اساسية، منها استمرار الحرب في القطاع والوضع على الحدود في الشمال والتطبيع مع السعودية والتعاون ضد ايران. ولكن مضمون اللقاء لم يتسرب حتى الآن. ومن غير الواضح اذا تم تحقيق أي تقدم في المحادثات بين الطرفين.

اللقاء الاكثر اشكالية كان مع نائبة الرئيس هاريس. فهي لم تحضر خطاب نتنياهو في الكونغرس بسبب التزامات مسبقة. في اللقاء بعد يوم اظهرت تجاهه معاملة جيدة وفاجأت الحاشية الاسرائيلية عندما قررت، على الفور بعد اللقاء، اصدار تصريح لوسائل الاعلام دعت فيه الى انهاء الحرب واجراء تحسين دراماتيكي للوضع في قطاع غزة. هاريس لم تقتنع بتفسيرات وبيانات نتنياهو، وطرحت خط علني متشدد خلافا للرئيس جو بايدن. جهات اسرائيلية رفيعة قالت بأنه بسبب الحملة الرئاسية فان هاريس تعمل على تعزيز الجناح التقدمي في الحزب، وتعزيز قوتها في اوساط الجاليات التي تؤيد الفلسطينيين.

على أي حال، نتنياهو استغل تصريح هاريس. مصدر سياسي رفيع قال للمراسلين في حاشية نتنياهو بأنه “يتخوف من أن الاقوال التي قالتها نائبة الرئيس ستبعد عقد الصفقة لأنها ستفسر من قبل حماس وكأن هناك فجوة بين الولايات المتحدة واسرائيل”. المواجهة العلنية بين المرشحة الديمقراطية ونتنياهو خدمت مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب، الذي سارع لمهاجمة خصمته بسبب نظرتها لاسرائيل.

لقاء المصالحة الذي اجراه نتنياهو في يوم الجمعة مع ترامب في مزرعته في ميامي كان بالنسبة له انجاز مهم في الزيارة. العلاقة بينهما تعثرت قبل اربع سنوات بعد أن قام نتنياهو بتهنئة الرئيس جو بايدن على فوزه، حسب ادعاء ترامب. في نيسان الماضي ترامب هاجم نتنياهو وقال في مقابلة مع مجلة “تايم” بأن “رئيس حكومة اسرائيل يتعرض لانتقاد محق بسبب ما حدث في 7 تشرين الاول. هذا حدث في فترة ولايته وأنا اعتقد أن هذا كان له تأثير مهم عليه”. واشار ايضا الى اغتيال امريكا لقائد قوة القدس في حرس الثورة الايراني، قاسم سليماني، في كانون الثاني 2020 كنقطة ازمة مع نتنياهو. “لقد كانت لي تجربة سيئة مع نتنياهو حول اغتيال سليماني. نتنياهو اختفى بالضبط قبل التصفية. وأنا سألته ماذا يمكن أن يكون ذلك؟ هذا شيء لم استطع نسيانه، وقد اوضح لي شيء معين بخصوصه”.

يصعب فهم قرار نتنياهو تدشين طائرة “جناح صهيون” الباهظة بالذات في ذروة الحرب. ويصعب ايضا فهم لماذا صمم على السفر في الوقت الذي تبين فيه أن الطائرة يمكن أن تقلع باشغال جزئي فقط بسبب اجراءات الترخيص الطويلة، وعشرات المسافرين في الحاشية اضطروا الى الذهاب الى واشنطن في رحلات اخرى. باستثناء الزوجين نتنياهو كان على متن الطائرة 74 شخص، اضافة الى افراد الطاقم العشرة. للمقارنة، شركات طيران اسرائيلية اعتادت على حمل 264 مسافر في انواع مشابهة لهذه الطائرة. المراسلون التسعة الذين سافروا في الرحلة الاولى لم يسمح لهم بزيارة الجناح الذي كان يوجد فيه رئيس الحكومة وزوجته، ولم يكن بامكانهم كتابة الانطباعات عن غرفة النوم التي تم اعدادها بشكل جيد، وغرفة الجلوس المتطورة التي تم تركيبها في الطائرة. 

طائرة “جناح صهيون” اصبحت رمز للتبذير والانقطاع وتبذير الاموال العامة. قرار الحكومة شراء الطائرة تم دعمه في حينه بتوصية من لجنة تسلمت رأي مهني بشأن الحاجة الى وسائل حماية مشددة في رحلات رئيس الحكومة، وكذلك حول اهمية منظومة الاتصالات المتنوعة التي يمكن أن تسمح له بادارة احداث مهمة وطنية وهو في الجو. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى