هآرتس: نتنياهو حاول خلق معادلة، إما المخطوفين او الامن، هذه الكذبة يجب تفكيكها
هآرتس 2/9/2024، نوعا لنداو: نتنياهو حاول خلق معادلة، إما المخطوفين او الامن، هذه الكذبة يجب تفكيكها
التصميم الجديد لرئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، على وجود اسرائيل في محور فيلادلفيا بثمن التخلي عن المخطوفين في غزة الذين ما زالوا على قيد الحياة، هو مناورة وحشية بشكل خاص حتى بالنسبة لشخص مقطوع عن الواقع وهزلي ويعيش على كوكب آخر. لأن السيطرة العسكرية لاسرائيل في محور فيلادلفيا، كما اوضح أمس بصراحة وزير الدفاع يوآف غالنت، وكما اوضح ايضا رئيس الاركان هرتسي هليفي للوزراء، ليست على الاطلاق ضرورة امنية. الحديث يدور عن ضرورة سياسية. فنتنياهو يريد خلق معادلة وعي صادمة لقاعدته السياسية، بحسبها الاحتمالية الوحيدة التي توجد على الاجندة الآن هي إما صفقة لتحرير المخطوفين أو الأمن الشخصي للمواطنين. أي أن صفقة تحرير المخطوفين ستضر كما يبدو بالأمن، لذلك هو يتخذ هذا القرار الصعب لمصلحة الكل المتخيل.
هذه المعادلة هي كذبة، وهذا ليس فقط لأن رؤساء جهاز الامن والجيش يوضحون ذلك مرة تلو الاخرى، أو لأنه يوجد اكثر من اجابة صحيحة واحدة للوضع المعقد الحالي، بل لأنه يجب علينا التذكر بأن الشخص الذي يقوم ببناء كل حياته السياسية على شعار “السيد أمن” سوق لعشرات السنين وبثبات بارع نموذج سياسي – امني أدى في الحقيقة الى نتيجة معاكسة كليا. نتنياهو لم يفعل أي شيء قبل وبعد 7 اكتوبر من اجل الدفع قدما بالامن الشخصي لمواطني اسرائيل. وكدليل على ذلك نحن نطلب من مؤيديه بأن يسألوا انفسهم ويردوا على انفسهم بهدوء بشكل نزيه: هل تشعرون الآن أنكم اكثر أمنا؟.
خلال سنوات حكمه اخطأ نتنياهو في الاحتفاظ بالوضع الراهن، أي كنس كل مشكلة تحت السجاد المشتعل. فقد اضعف بشكل متعمد السلطة الفلسطينية حتى عندما اظهرت الاستعداد لأن تكون شريكة كاملة مع اسرائيل في التنسيق الامني. وعمل على تقوية حماس من خلال نظرية “فرق تسد” واعتقد أنه يمكن الاحتفاظ بغزة كحظيرة انسانية ثائرة اذا فقط تم صب بين الحين والآخر بضعة دولارات فيها. وقام بتعميق الاحتلال بدون افق سياسي وتسبب في الغاء الاتفاق النووي الذي بقي بدون بديل. ووعد مرة تلو الاخرى برؤيته الحميمة لدولة اسرائيل “ادارة الصراع” و”سنعيش على حد السيف”. الوعد الاخير بالتأكيد قام بتنفيذه. نتنياهو ليس السيد أمن أبدا، بل هو السيد ركود وفوضى.
عمليا، صفقة لتحرير المخطوفين وانهاء الحرب هي جزء من الخيار الوحيد الذي سيضمن ايضا الامن القابل للحياة على المدى البعيد. لأنه في نهاية المطاف المحاربة الى الأبد هي ليست الحل وبحق. بعد عشرة اشهر على القتال اصبح واضحا بأنه لا يوجد شيء اسمه “النصر المطلق” أو “تصفية العدو”، وأنه لا يمكن السيطرة عسكريا على شعب آخر الى الأبد، وأنه لا يمكن اقناع المجتمع الدولي بهذا النهج. محور فيلادلفيا هو خدعة شعبوية من مدرسة “النصر المطلق”. في عالم الكبار الحقيقة هي أنه غير مهم كم كانت على حق كل حرب في بدايتها، والرد العسكري بالتأكيد كان مبرر بعد كارثة اكتوبر. في نهاية المطاف كل نزاع ينتهي باتفاق، بالضبط مثلما كل جولة قتال في غزة انتهت حتى الآن باتفاق لوقف اطلاق النار، الذي اخفته حكومات نتنياهو عن الجمهور. بدلا من الاعتراف بذلك والعمل على اتفاق موسع وطويل في الحوار مع الجهات البراغماتية فان نتنياهو اختار أن يضع في كل مرة لاصق خفيف ويعزز بالذات العسكريين.
صحيح أنه دائما سيكون هناك متطرفون لن يرضيهم الاتفاق. الذين يريدون فلسطين كاملة، والذين يريدون اسرائيل كاملة. ولكن يمكن بلورة تفاهم مع الاغلبية الساحقة من الاشخاص العقلانيين ومواصلة الدفاع عن انفسنا من اقلية متطرفة، صغيرة ومعزولة على المستوى المحلي والدولي. لذلك، صفقة تحرير المخطوفين وانهاء الحرب هي الخطوة الاولى للدفع قدما بالأمن، في حين أن التخلي عنهم لصالح الاستيطان الأبدي في غزة هو الذي يضر بالامن. اسرائيل لا يمكنها اخفاء مليوني فلسطيني. المعادلة الحقيقية هي إما دائرة دموية لانهائية أو اتفاق مستقبلي.
التمسك بالصفقة هو التمسك بدولة تحب الحياة وتلتزم بمواطنيها وبمستقبل أكثر أمنا، بدلا من دولة تريد أن تعيش الى الأبد على حد السيف وتعظم الموت.