هآرتس: نتنياهو جعلنا اشخاص بدون مستقبل
هآرتس 9/8/2024، رفيت هيخت: نتنياهو جعلنا اشخاص بدون مستقبل
في الايام الاخيرة نحن نشاهد وابل من التقارير والرسائل التي تأتي من الادارة الامريكية، سواء بشكل مباشر بواسطة المتحدث بلسان البيت الابيض جون كيربي، أو نتيجة احاطات صحفية كما انعكست في مقال ديفيد ايغناشيوس الذي نشر في “واشنطن بوست” يوم الثلاثاء. حسب هذه التقارير فان صفقة تشمل اعادة المخطوفين مقابل وقف الحرب اصبحت قريبة جدا.
يغرينا تصديق هذه التقارير، وحتى ارفاقها بالمزيد من الدلائل الصغيرة مثل التغير في لهجة اعضاء طاقم المفاوضات، الذين تراجعوا بدرجة معينة عن اظهار خيبة الأمل ردا على سلوك بنيامين نتنياهو، كماوجدت هذه الامور تعبيرها في تسريب اقوال رئيس طاقم المفاوضات نيتسان الون وفي مناسبات اخرى. عندما تضاف هذه الاقوال الى الاحاطات الثابتة لقيادة الليكود في الاشهر الاخيرة، التي تقول بأن رئيس الحكومة معني بالصفقة، وحتى أنه يشعر في الرغبة بالاحتفال.
لكن في هذا المكان لم تعد توجد احتفالات لأنه يوجد واقع يروي قصة مختلفة. موجة التفاؤل الامريكية يمكن قراءتها كمحاولة لتشكيل الواقع بالاقوال والتصريحات أكثر مما هي بالعكس. وحتى محاولة يائسة لتحريك عملية في المكان الذي فيه الولايات المتحدة لم تنجح في فرض اراردتها، أي وقف التدهور شبه المتعمد لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الى حرب شاملة.
يحتمل أن يتوجه نتنياهو نحو الصفقة في مرحلة معينة، يبدو أنه في اللحظة التي سيشعر فيها بأن الامر يخدم مصلحته وفرصة بقاءه. ولكن تجربة الماضي تعلمنا بأن الغموض المضلل الذي يظهر كنوع من مرحلة مؤقتة في الطريق الى مكان معين، ليس الوسيلة للوصول الى نتيجة افضل، بل هدف نهائي، هدف بحد ذاته. هذا الغموض يبقي للوهلة الاولى “جميع الخيارات مفتوحة” الى حين نضوج القرار أو فرصة افضل. ولكن عمليا، هو يعكس الامتناع الدائم عن اتخاذ قرار يشكل بحد ذاته خيانة للمهمة الاساسية لكل زعيم، بصورة تجعل الوضع يصبح اسوأ بشكل دائم، كما تعلمنا ونتعلم على جلودنا.
سياسة الغموض والتشويش لا تعتبر فقط فشل قيادي يضر بشكل عام، بل ايضا طريقة لسيطرة الديكتاتورية، التي تقشر طبقة الأمان الاولى للشخص، معرفة الشروط الاساسية للمكان الذي يعيش فيه، لذلك فان هذا يحوله من مواطن لديه قدرة على الاختيار الى احد الرعايا عديم التأثير على مصيره، الذي يضطر الى تبذير كل موارده على البقاء في وحدات زمنية قصيرة.
هذا هو نمط الحياة الذي يميز مواطني الدول الفقيرة، التي لا يوجد فيها حكم أو ديمقراطية، منها دول المنطقة المحيطة باسرائيل، أو الدول الاعضاء في محور روسيا وايران العنيف. ليس فقط حياة الناس تصبح رخيصة بشكل فضائحي، بل ايضا أمنه وكرامته ورفاهه واختياره.
النموذج الذي اتبعه نتنياهو تجاه محيطه القريب، الشركاء السياسيين والوزراء واعضاء الكنيست والموظفين والمستشارين، نجح بالفعل في تطبيقه على كل مواطن في اسرائيل. وهاكم: نحن ناس بدون مستقبل أو قدرة على تخطيط هذا المستقبل. هذا الوضع يتم عرضه من قبل رئيس الحكومة كضرورة لا مناص منها في حالة الحرب من اجل وجود اسرائيل. ولكن اكثر من أي شيء آخر، نفس هذا الوضع هو من انتاجه هو نفسه، سواء بسبب ادارة الحرب منذ 7 تشرين الاول أو بسبب ما سبقها.
يصعب التصديق بأن هذه الامور خفية عن عيون الادارة الامريكية، التي لها خبرة في اسلوب نتنياهو. آمل أن أكون مخطئا. ولكن يبدو أنه لا يوجد أي تغيير في الواقع أو أي اختراقة مهمة سنشاهدها هنا، بل محاولة لتغيير طريقة التعامل مع نتنياهو قبل القيام بخطوة دراماتيكية مثل التوقف عن دعم اسرائيل.