ترجمات عبرية

هآرتس: نتنياهو تدفعه شهوة الانتقام بسبب الإهانة التي تعرض لها من حماس

هآرتس 30/5/2025، اسحق بريك: نتنياهو تدفعه شهوة الانتقام بسبب الإهانة التي تعرض لها من حماس

شخصية نيرون القيصر المميزة دائما ارتبطت بقصة حريق روما الكبير في العام 64م. ولا توجد إجابة قاطعة على سؤال اذا كان نيرون هو المسؤول عن اشعال الحريق. ولكن المؤكد هو أن الحريق تسبب في تدمير أجزاء كبيرة في روما ولقي كثيرون حتفهم فيه. 

نيرون كان قيصر مختلف عليه، إضافة الى موضوع الحريق. فمن جهة، هو دفع قدما بالفنون والتسلية، واقام العاب للتفاخر، وكانت له شعبية في أوساط عامة الناس. من جهة أخرى، حكمه اتسم بالقسوة والتبذير والريبة، الامر الذي أدى الى اعدام خصومه المحتملين، بما في ذلك من أبناء عائلته. وفي نهاية المطاف فقد دعم مجلس الشيوخ والجيش، وانتحر في العام 68م من اجل الهرب من الاسر. سواء احرق نيرون روما أم لا، فان قصة الحريق أصبحت جزء لا يتجزأ من الأسطورة التي تحيط بشخصيته كرمز للحكم الوحشي وعديم الرحمة.

خلافا لعلامات الاستفهام حول أفعال نيرون، الذي حكم روما قبل الفي سنة، لا توجد لنا أي حاجة للمؤرخين كي يبلغونا عن أفعال بنيامين نتنياهو. فنحن نرى باعيننا كيف يقوم باحراق الدولة ويدمر بشكل كامل المعايير والقيم والقوانين والديمقراطية واي مجال من مجالات الحياة وطابع الدولة في نظر العالم.

كان يوجد في التاريخ زعماء قاموا بتدمير دولهم، واحيانا دول أخرى – نتنياهو يحتل مكان محترم في هذه القائمة. فهو يفعل ذلك بتفوق، عندما تقوم طائفة من المتملقين الذين لا يوجد لهم عمود فقري بالسجود له بدون خجل، ويواصلون الجملة المعروفة (بالمعنى المشوش وليس الأصلي)، “من يدمرونك ومن يخربونك يخرجون منك”.

ما الذي جعل نتنياهو والمستوى السياسي والمستوى الأمني، المسؤولين عن الفشل الاقسى في تاريخ الدولة، وعن الإدارة الفاشلة للحرب التي لم تحقق أي هدف من أهدافها، يواصلون الحرب التي لن تتحقق فيها الأهداف التي تم وضعها. المستوى السياسي والمستوى الأمني يتصرفان كمسعورين، وكأنهم فقدوا القدرة على الحكم وتدفعهم الرغبة في الانتقام من الإهانة الشخصية التي الحقتها بهم حماس في 7 أكتوبر. خلال سنوات وثق نتنياهو بحماس. هو شجع على نقل أموال كثيرة في الحقائب الى هذه المنظمة. وهكذا مكنها من إقامة مئات الكيلومترات من الانفاق تحت الأرض، التي تملأ قطاع غزة على طوله وعرضه. حسب تقارير في وسائل الاعلام فان يوسي كوهين رئيس الموساد السابق، وهرتسي هليفي الذي كان في حينه قائد المنطقة الجنوبية، تم ارسالهما للالتقاء مع جهات قطرية. هدف اللقاء الذي كان بتوجيه من نتنياهو هو اقناع قطر بالاستمرار في نقل الأموال الى قطاع غزة، التي بعضها وصل الى ايدي حماس. 

ان نقل هذه الأموال الذي تمت المصادقة عليه من قبل حكومة إسرائيل، استهدف كما يبدو منع الانهيار الانساني في القطاع والحفاظ على الاستقرار الأمني. مع ذلك، حسب تقارير في وسائل الاعلام الإسرائيلية فان نتنياهو تم تحذيره عدة مرات من جهات امنية، بما في ذلك الشباك، بان أموال قطر توجهها حماس الى اهداف عسكرية، بما في ذلك حفر الانفاق.

بسبب الأموال الضخمة التي حولها نتنياهو لحماس، فانه بعد 7 أكتوبر شعر بأن حماس قامت بخيانته واهانته تماما. عندها سيطرت عليه الرغبة في الانتقام واسعادة كرامته المفقودة. وهو لن يتراجع عن محاولة “تدمير حماس بشكل مطلق” حتى لو تم تدمير دولة إسرائيل.

هذا الشخص فقد التفكير العقلاني، وانحرف كليا عن السكة. حتى فرصة الانضمام للرئيس الأمريكي دونالد ترامب الى الدفع قدما بالعلاقات مع السعودية ودول أخرى في المنطقة رفضها بسبب الرغبة في الانتقام من حماس، وكي يبقى في منصب رئيس الحكومة. هو مستعد لفعل ذلك على حساب أمن الدولة. لم يعد لديه الآن ما يخسره، لذلك لا يوجد من يمكن التحدث معه. وقد ساهم في هذا الوضع أيضا المستوى السياسي والمستوى الأمني بصورة متغطرسة وأنا مضخمة واهمال اجرامي، وبعدم اعداد الجيش للحرب وتجاهل كل التحذيرات.

نتنياهو وشركاؤه في المستوى السياسي والمستوى الأمني هم المسؤولون بشكل مباشر عن موت آلاف المدنيين والجنود، واصابة عشرات الآلاف (كثيرون منهم بإصابة بالغة، جسديا ونفسيا)، وعن اختطاف مئات الأشخاص الذي يعضهم ماتوا في الانفاق وبعضهم ما زال محتجز في اسر حماس، وعن تهجير آلاف المواطنين من مستوطنات الجنوب والشمال، وعن تدمير مستوطناتهم واحراق تقريبا 200 ألف دونم من الاحراش الطبيعية والغابات والحقول، وعن الاضرار باقتصاد إسرائيل وعلاقاتها مع دول صديقة، وعن تقويض المجتمع ومناعته القومية، وعن تدمير الصحة والتعليم، وتدمير الجيش.

في كل أيام حكمه كرئيس للحكومة انشغل نتنياهو فقط بالنووي الإيراني، ولم يهمه على الاطلاق الجيش البري. هو سمح لخمسة رؤساء اركان بتقليص الجيش البري الى درجة أننا بقينا بدون جيش يمكنه الدفاع عن حدود الدولة والانتصار في الحرب، حتى لو في ساحة واحدة. في دولة سليمة كان نتنياهو سيعاقب على اهماله الاجرامي. ولكن رغم كل ما فعله بشعب إسرائيل، إلا انه لا يسمح حتى بتشكيل لجنة تحقيق رسمية، كي لا يسمع صوتنا علنا. هو لن يتحمل المسؤولية عن أي شيء، وحتى أنه قال بأن ضميره نقي، واستخف بالمحكمة العليا عندما اعلن عن تعيين دافيد زيني في منصب رئيس الشباك. الآن، رغم كل ما قيل أعلاه، فان نتنياهو والكابنت ووزير الدفاع يسرائيل كاتس ورئيس الأركان ايال زمير، جميعهم قرروا مواصلة الحرب، الامر الذي سيؤدي الى موت المخطوفين الذين بقوا على قيد الحياة، والى خسائر وجراح بالغة لجنود كثيرين آخرين، والى فصل مطلق لإسرائيل عن العالم، والى تعميق الانهيار الاقتصادي والمناعة الوطنية، ومنع إعادة بناء الجيش إزاء تعاظم التهديد الوجودي لإسرائيل. باختصار، استمرار الحرب سيؤدي الى دمار تام للدولة، وكل ذلك كما قلنا من اجل الحفاظ على بقاء الحكومة التي يترأسها نتنياهو ومن اجل الانتقام من حماس.

تصريحات واجابات نتنياهو في المؤتمر الصحفي الذي عقده في الأسبوع الماضي كانت غريبة. نتنياهو وشركاؤه سيسجلون وصمة عار خالدة في تاريخ الشعب اليهودي. ونحن لن نبعث من جديد إلا اذا استيقظ الشعب من سباته الشتوي وقام بازاحتهم. 

 

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى