هآرتس: من يحتاج الى قانون عندما يكون بالإمكان أن تكون ملكا
هآرتس 15/11/2024، رفيت هيخت: من يحتاج الى قانون عندما يكون بالإمكان أن تكون ملكا
القاسم المشترك بين القضايا الآنية التي تحيق بمكتب رئيس الحكومة، التي تشمل الاشتباه بممارسات إجرامية بهدف “تعديل” محاضر جلسات أو نقل معلومات يمكن أن تخدم رئيس الحكومة، هو محاولة للسيطرة على رواية 7 أكتوبر، بهدف ترسيخ الدعم لرواية نتنياهو، والأكثر أهمية من ذلك هو التأكد من أنه لن يكون أي خوف، ولو صغير، من كشف عورته.
هذا المثال يؤكد على منحى التغيير في محيط رئيس الحكومة، وانتقاله الكامل من ثقافة موظفي الدولة الخاضعين لمنظومة قوانين خارجية الى اشخاص هدفهم الحصري هو حماية الزعيم الأعلى وحكمه، إضافة الى النضال ضد السلطات التي يمكن أن تقف في طريقه.
عمليا، مؤهلات الوظيفة الأكثر أهمية هي الإخلاص لعائلة نتنياهو. كلما كان الموظف مستعد للمخاطرة اكثر في نشاطات تهدف الى حماية صورة الزعيم، هكذا ترتفع مكانته، ويعتبر جندي مقدر ومهم في الحرب لتحطيم سلطات القانون (التي هي الثأر من السلطات بسبب ما فعلته بعائلة نتنياهو، لكن أيضا محاولة تخويفهم). على هذا المنحى الثابت، الذي تصاعد منذ ملفات نتنياهو، تدل سلسلة الأشخاص الذين تركوا: المدراء العامون السابقون ايل غباي وهرئيل لوكر وايلي غرونر أو يوآف هوروفيتس، رئيس طاقم نتنياهو في 2016. التاركون كانوا اشخاص مخلصين لرئيس الحكومة، لكن اكثر من ذلك للإجراءات والقوانين، وحتى أنهم قاموا بالدفاع عن نتنياهو من التورط الزائد. الحاليون يدخلون الى ويخرجون من غرف التحقيق.
الائتلاف يتكون من أعداء مختلفين للديمقراطية: تيار الاستيطان الذي يطمح الى الابرتهايد أو الترانسفير، الحريديون الذين يعارضون فكرة الدولة الديمقراطية وسلطة مؤسساتها. على هؤلاء يتفوق تيار بيبي، الذي هو الحجر الأساس في الحكومة والذي يهدف الى الحفاظ على وزيادة قوة الحاكم، إضافة الى ازالة المعايير الحكومية التي تميز الديمقراطية. هذا تغيير حكومي يحدث في وقت حكم نتنياهو بدون الحاجة الى قانون أو الى الإصلاح.
حسب الصياغة الديمقراطية فان حكم نتنياهو ينزلق منذ سنوات نحو الديكتاتورية، مع عناصر عصابات المافيا، والتسبب بالشلل أو السيطرة على التوازنات والكوابح، وعلى رأسها منظومة انفاذ القانون. في الصياغة البيبية فان النشاطات ضد السلطات ورسلها هي نشاطات مشروعة لسلطة ملكية تدافع عن نفسها امام الذين يعملون على الحاق الأذى بها. هؤلاء المؤيدون لا يرون أن نتنياهو هو ديكتاتور، رغم أنهم لا ينفون قدرته الزائدة، الامر الذي يجعلهم معجبين اكثر به، ويعتبرونه ملك يجسد ويخزن في جسده كل قوتهم وقدراتهم. شخص سيقوم بحمايتهم في البداية ومن ثم تعزيز مصالحهم، لذلك فان النضال ضده يتم تفسيره على أنه نضال ضد الأب، في الواقع ضدهم هم الذين يوجدون تحت رحمته.
عندما يكون هذا الموضوع في خطر حقيقي نتيجة المواجهة الحتمية مع الواقع كما حدث في 7 أكتوبر فانه يمكن ملاحظة صدع فيه، كما حدث في منطقة الليكود في الأسابيع الأولى للمذبحة. ولكن بعد فترة قصيرة تمت تغطيته من خلال استعادة سريعة لتشغيل النظام. اشخاص مثل عيناف تسنغاوكر، التي كانت ذات مرة من انصار البيبية والآن هي عدوة لها، هم حالة شاذة، فيها الواقع لا يسمح باستعادة النظام، وبالتالي، هو ملزم بتأسيس هويتنا من جديد.
ليس فقط في إسرائيل نشاهد التوق الى ملك كبير لا حدود له، بل هذا الامر تتم مشاهدته أيضا في عدة أماكن في ارجاء العالم، وعلى رأسها الولايات المتحدة، التي الأغلبية الساحقة فيها انتخبت بوعي مرشح وعده الرئيسي هو تحطيم منظومة الضوابط والتوازنات الفيدرالية والدفع قدما بحكم مستبد. جمهور كبير في اليمين الإنساني يطمح الى العودة الى بنية حكومية سابقة، ونقل من الفرد القوة التي تم الحصول عليها في الصراعات الدموية الى شخص مستبد ومنفلت العقال، وفي أحيان كثيرة شخص يتميز بخصائص متطاولة والميل لاختراق القوانين والمعايير المتفق عليها. لا يوجد عزاء في أن هذه المشكلة توجد لدى كثيرين.
مركز الناطور للدراسات والأبحاث Facebook