ترجمات عبرية

هآرتس: مناورة الحكومة فشلت، وقرار المحكمة العليا عزز التزام الشاباك تجاه الجمهور

هآرتس 22/5/2025، مردخاي كرمنتسرمناورة الحكومة فشلت، وقرار المحكمة العليا عزز التزام الشاباك تجاه الجمهور

المناورة التي قامت بها الحكومة من اجل منع القرار ضد اقالة رئيس الشاباك، لم تنجح. على الأقل من ناحية قضاة الأغلبية، الرئيس اسحق عميت والقاضية دفنه براك – ايرز. اعلان رونين بار عن انهاء ولايته في 15 حزيران، وقرار الحكومة الغاء اقالته، لم يكن بحاجة الى خطوة فعلية للمحكمة. ولكن الطابع المبدئي الواضح للموضوع واهميته الكبيرة، والخوف من احداث مشابهة في المستقبل، بررت الحاجة الى المحكمة في قضية الإقالة.

النتيجة هي اصدار قرار مهم في مجال القضاء الإداري، الذي سيكون المرشد لطلاب القانون ومن يعملون في القضاء، وأيضا تحليل لطبيعة الشاباك والعلاقة بين المستوى الذي يقوم بالتعيين وبين رئيس الجهاز. في كل الحالات التي يوجد فيها موظفو شباك يجب ان يقف امام انظارهم قرار المحكمة بشان واجب اخلاصهم لكل الجمهور في إسرائيل، وليس لحكومة معينة أو رئيس حكومة ما. الجهاز خاضع من ناحية هيكلية للمستوى السياسي، لكن هذا الواجب لا ينتقص من واجبه للعمل بمهنية واستقلالية. بالادوات والصلاحيات التي وضعت في يده، على هذا الجهاز ان يستخدمها فقط لاهداف تتساوق مع الطابع الديمقراطي للدولة. ان استخدام وسائل الشاباك مع المتظاهرين، كما طلب رئيس الحكومة، ومطالبة رئيس الحكومة بالخضوع له وليس للمحكمة، لا تتساوق معا. لذلك، يجب على رئيس الشاباك ان يرفض هذه الطلبات. برفضه هو يقوم بواجبه، ومن هنا فان اقالته مخالفة لسلطة القانون وطابع الدولة الديمقراطي. في المقابل، رئيس حكومة يقوض هذه الأسس غير جدير بالمنصب الذي يتولاه. 

ان سلوك الحكومة في العملية التي أدت الى اقالة رئيس الشاباك وادعاءاتها امام المحكمة، هي بمثابة كتابة كلمة “نوح” وفيها سبعة أخطاء على الأقل. إخفاقات الحكومة التي تلغي اقالة رئيس الشاباك هي أربعة إخفاقات. الأول هو امتناع الحكومة عن التوجه الى اللجنة الاستشارية لتعيين الشخصيات الرفيعة كما تقتضي قرارات الحكومة. الحكومة عملت على تعزيز هذه الخطوة من خلال تجاوز اللجنة عن طريق التقرير بأن قرار الإقالة يلغي أي قرار سابق لها. واعتبرت المحكمة وبحق هذا القرار بمثابة عملية انقلاب جرت بشكل عشوائي ولا تستحق النظر فيه. 

الإخفاق الثاني هو غياب البنية التحتية الوقائعية للاقالة، التي كان يجب أن تكون موضوعة امام الحكومة، ولكن لم يتم وضعها. والاخفاق الثالث هو غياب جلسة الاستماع، وبهذا لم يوضع امام رئيس الشاباك أساس الادعاءات ضده ولم يمنح الفترة لاعداد دفاعه. الإخفاق الرابع هو العمل في حالة تضارب مصالح، في اعقاب قيادة هذه العملية من قبل رئيس الحكومة في الوقت الذي فيه المساعدون المقربون جدا منه متورطين في قضايا امنية. أصلا أي قرار قضائي بخصوص سلوك مكتبه، خاصة اثناء الحرب، يؤثر على سلوك ومكانة رئيس الحكومة. أيضا رئيس الحكومة ادخل نفسه الى الموضوع وربط نفسه بقوة في هذه التحقيقات ونتائجها، عندما صرح بان مساعديه يتم التحقيق معهم بدون ذنب، وان التحقيقات هي سياسية وحملة صيد سياسية موجهة ضده.

من المهم الإشارة الى ان المستشارة القانونية للحكومة حرصت على الوقوف للحفاظ على القانون كما تقتضي وظيفتها. وحذرت رئيس الحكومة من العيوب التي أدت الى الغاء الإقالة في نهاية الامر. لو ان الحكومة استمعت لنصيحة المستشارة القانونية للحكومة، التي هي ملزمة حسب القانون، لما كانت خجلت. ولكن رئيس الحكومة والحكومة تعودوا على الاستخفاف بالاستشارة القانونية (أحيانا من خلال الاعتماد على النصائح المشكوك فيها لسكرتير الحكومة)، وحتى انهم اظهروا الوقاحة عندما عبروا عن عدم الثقة بالمستشارة القانونية للحكومة لأنها تؤدي دورها بشكل سليم. يمكن الافتراض ان الخطوات ضد المستشارة القانوني ستؤتي اكلها بثمار غير ناضجة على شكل اقالة رئيس الشاباك، التي سيتم الغاءها من قبل المحكمة.

في المحكمة، تفاجأت الحكومة بوجود محاكمة إدارية، ولكنها نفت وجود ذلك. بالنسبة للحكومة فان المكان الذي يعطيها فيه القانون السلطة فان ذلك يعني انها مخولة بفعل ما تريد، أي التصرف بشكل تعسفي وتمييزي بناء على اعتبارات غريبة وغير صحيحة. الحكومة تزعم بانها تمثل الشعب، لكنها تتملص من واجباتها الأساسية تجاهه، التصرف بشكل نزيه ومعقول، استنادا فقط الى اعتبارات موضوعية ووفقا لقواعد العدالة الطبيعية (التي الحق في جلسة استماع واحد منها).

خلافا للقانون ادعت الحكومة بأن الشاباك لا يعتبر حارس عتبة. دوره في الحفاظ على أنظمة النظام الديمقراطي والخوف من إساءة استخدام صلاحياته الواسعة، تحوله بشكل واضح الى حارس عتبة. وادعت الحكومة أيضا بان قرار اقالة رونين بار يشرعن مشكلة تضارب المصالح لرئيس الحكومة. هنا أيضا اضطرت المحكمة الى الاستناد الى مبدأ أساسي يقضي بمنع أي شخص يتاثر بتضارب المصالح من المشاركة في الإجراءات. 

مشعل النار

حتى نائب الرئيس، نوعام سولبرغ، لم ينجح في الامتناع عن انتقاد العملية التي قررت الحكومة فيها اقالة رونين بار. وكتب بان “هذا امر يثير، حتى لو كان ظاهريا، صعوبة كبيرة”. من اجل التوازن المقدس القى سولبرغ توبيخ أيضا نحو بار، لان سلوكه في عملية الإقالة غير خال من الصعوبات. هذا تطرق مشوه وظالم. بار جدير بالثناء بسبب وقوفه الى جانب الدولة وضد محاولة تحويل الشاباك الى خادم لرئيس الحكومة، وأنه لا يستحق التوبيخ.

القاضي سولبرغ قرر الامتناع عن مناقشة قرار الإقالة بسبب التوتر العام الكبير وتاثيره الضار على العلاقات بين السلطات. من هنا قرر بأنه “علينا واجب حقيقي لفعل كل ما في استطاعتنا لخفض اللهب”. سولبرغ كتب ايضا ان “تعليمات قانون الشاباك والقواعد الأساسية للقضاء الإداري واضحة ومعروفة”. ولكن افتراضه غريب جدا. فبعد ان اثبتت الحكومة بالدلائل والعجائب الجهل بهذه القواعد أو تملصها منها، فما هو أساس هذا الادعاء؟. في العلاقة بين من يشعل الحريق ومن يعملون على اطفائه، يضع سولبرغ نفسه في منتصف الطريق، أو بالأحرى الى جانب مشعل الحريق الذي من المفروض أن يخرج بسلام من الامر. هكذا، انتهك القاضي واجبه تجاه الجمهور، المتمثل في حماية سيادة القانون والديمقراطية ضد من يدمرونها. 

سيكون من الأفضل للحكومة طلب من بار تمديد فترة ولايته حتى ينهي جهاز الامن معالجته لمساعدي رئيس الحكومة. وطالما أن هذه المعالجة مستمرة فان رئيس الحكومة لديه مصالح شخصية غير شرعية في احباط التحقيقات بسبب تورطه الشخصي، كما تم التوضيح سابقا. بمعنى آخر فان رئيس الحكومة لديه تضارب مصالح فيما يتعلق بتعيين رئيس جديد للشباك بعد ان ارتبط بشكل وثيق بهذه التحقيقات ونتائجها. فقط من سيتعهد بالعمل على تعزيز المصالح الشخصية لرئيس الحكومة، هو الذي سيتم تعيينه في هذا المنصب. ومثل هذا الرئيس لجهاز الشاباك يمكن أن يكون خطر جدي على الدولة. وعندما نفعل ذلك فنحن ما زلنا نخدش السطح فقط. فرئيس الحكومة الذي يطلب الولاء من رئيس الشاباك وليس من المحكمة، مثلما قال بار، وهو لم ينكر ذلك، فهو غير مؤهل لشغل منصب رئيس الوزراء في دولة قانون.

 

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى