هآرتس – مقال – 9/3/2012 الشيطان العراقي
بقلم: حيمي شليف
تأييد الرأي العام الامريكي للهجوم في ايران واسع ولكنه هش لانه لا يحتسب الثمن الذي سيضطر الى دفعه في مثل هذه الحالة كما حصل في العراق وافغانستان .
النجوم والكواكب اصطفت على نحو مثالي في مؤتمر ايباك هذا الاسبوع: العدو المشترك، القلق اليهودي، الساعة المتكتكة، الرأي العام العاطف، حملة الانتخابات الساخنة، الرئيس الذي يكافح في سبيل الصوت اليهودي، الخصوم الذين يضغطونه من اليمين ورئيس الوزراء الاسرائيلي الذي حانت ساعته ونضج خطابه.
ولكن هذا هو. انتهى. تبدد. الرسالة الاخروية التي اطلقها بنيامين نتنياهو في المؤتمر كانت رسالة تطهير للنفس وفي الغداة صار ممكنا للمرء ان يشعر بان الارض تحركت وان النبرة في واشنطن بدأت تتغير. الرئيس براك اوباما ذكر الامريكيين بانه حتى لو كانت اسرائيل هي التي ستهاجم، فان امريكا هي التي ستدفع الثمن. وسائل الاعلام الامريكية رفعت رأسها من اوبيرا الصابون لانتخابات الجمهوريين التمهيدية وطرحت تساؤلات اولى عن حكمة الخطوة. أصداء الحرب في العراق، والتي ليس هناك ما هو اخطر منها على مكانة اسرائيل وتأييد خطاها حيال ايران، بدأت تصدح في اقصى الافق.
عندما ادعى السيدان جون ميرشهايمر وستيفان وولت في كتابهما سيء الصيت عن اللوبي اليهودي بان اسرائيل ومساعديها المحافظين الجدد هم الذين دفعوا ادارة الرئيس بوش الى حملة اسقاط الطاغية صدام حسين في 2003، فانهما اعتبرا كاذبين ولاساميين. اما الان فان اسرائيل تقف على رؤوس الاشهاد، دون تمويه، تطلق من كل مدافعها، تجند كل مؤيديها وتستخدم آخر وسائل الضغط لديها، بشكل علني، فظ وغير قابل للنفي، على ادارة مترددة لا تسارع الى التورط في حرب اخرى. كما أنها تزود خصوم الرئيس بالمعلومات والشعارات التي يستخدمونها في أن هذه الحرب ستديرها امريكا ليس من أجل مصلحة امريكية عليا بل من اجل انقاذ اسرائيل الحليفة المقدسة والخالدة.
اسرائيل تعول على استطلاعات الرأي العام التي تشير في هذا الموضوع الى تأييد لهجوم عسكري، امريكي او اسرائيلي، اذا ما فشلت كل المساعي الاخرى لوقف النووي الايراني. هذا التأييد وان كان واسعا فانه ليس بالضرورة عميقا ومستقرا. وهو يعتمد على استطلاعات لا تفصل الثمن الذي من شأن امريكا أن تدفعه بحياة الانسان، بضعضعة الانتعاش الاقتصادي وبارتفاع شال لاسعار الوقود. كما أنه لا يأخذ بالحسبان – الا اذا دارت المعركة بشكل قوي، سريع، سلس وعديم الثمن، مثلما في عنتيبة، اوسيراك او في حملة تصفية اسامة بن لادن – التداعيات الفورية التي ستنشأ، فور التورط الاول ورغم الاف الفوارق، مع الصدمة الحديثة العهد لحرب العراق والتي في بدايتها ايضا ايدها 70 في المائة من الامريكيين.
إذ لكل سبت يوجد منتهى سبت ولكل حملة انتخابات يوجد يوم تالٍ، سيقف فيه في البيت الابيض واحد من اثنين: إما اوباما الذي يكن الضغينة المتحرر من احتياجاته الانتخابية، او رئيس جمهوري آخر ما يريده، رغم كل تصريحاته في مؤتمر ايباك في اذار 2012، هو أن يبدأ ولايته كقارع لطبول الحرب الذي يثير ضده الائتلاف الذي اسقط الجمهوريين في 2008 ويعتبر كمن يرقص على نغمات تعزف في القدس.
تأييد الرأي العام الامريكي هو تأييد ذو قيمة استراتيجية عليا لامن اسرائيل القومي. تعريضه للخطر في ميدان المعركة لتحقيق هدف وجودي كتصفية النووي الايراني مشروع بالتأكيد. وعلى سؤال اذا كانت اسرائيل اتخذت بقيادة نتنياهو سياسة حكيمة حين ادارت منظومة علاقات كدية مع الرئيس؛ لم يخفِ تفضيله لمعسكر خصوم الرئيس الايديولوجيين؛ لم يثبت تأييده لادارة مسيرة سلمية مع الفلسطينيين ولم يحاول ان يخفي رغبته في تجنيد أمريكا للمعركة – على هذا السؤال سيعطى الجواب، كما من المعقول الافتراض، فقط بعد أن يتم الفعل وبعد أن يكون الاوان قد فات.