هآرتس – مقال – 9/11/2012 اوباما لن يعاقب بيبي
بقلم: الوف بن
لا أساسا معقولا لنهج الثواب والعقاب في العلاقات بين الدول بناء على كراهية او محبة الزعيمين. هكذا الحال بالنسبة لاوباما ونتنياهو. مصالح الدولتين هي التي توجه خطاهما.
العلاقات بين الدول منوطة بمصالحها وليس بعلاقات المحبة والكراهية بين زعمائها. ومع كل النفور المتبادل بين الرئيس الامريكي وبين رئيس وزراء اسرائيلي الحاليين، لا حاجة لان نتوقع (او نأمل) بان “يعاقب” اوباما بنيامين نتنياهو بسبب تدخله في الانتخابات الرئاسة وتأييده للمرشح الخصم ميت رومني. فكرة الثواب والعقاب في السياسة تبدو مغرية، ولكنها تبسيطية. الحياة الحقيقية أكثر تعقيدا بكثير.
لنفترض ان نتنياهو كان يتبنى مواقف معاكسة، وبدلا من أن يمنح رومني زيارة رسمية الى القدس دعا في كل يوم الامريكيين “صوتوا لاوباما، أربع سنوات اخرى”. فهل غدا كان سيحصل بالمقابل على قصف أمريكي في ايران؟ تومهوك صغيرة ما على منشأة نووية في نتناز أو في بوردو؟ أم مجرد اعلان بان السياسة الخارجية الامريكية ستعتمد من الان وصاعدا على برنامج الليكود؟ وربما مجرد دعوة رئاسية “صوتوا ماحل، الليكود بيتنا”؟
واضح للجميع أن هذه السيناريوهات كلها سخيفة ومدحوضة. إذن لماذا التفكير بان اوباما سيغير السياسة الخارجية الامريكية فقط كي يتخلص من نتنياهو؟ مؤيدو نهج الثواب والعقاب يؤمنون بان الفارق يكمن في مواقف الرئيس، الذي كان يسره ان يطير اسرائيل من الضفة الغربية وان يقيم فلسطين المستقلة على خرائب المستوطنات. اذ كان كبح جماح نفسه حتى الان فقد كان هذا بسبب رغبته في أن ينتخب من جديد وتعلقه بالتبرعات وبالناخبين اليهود. والان يمكن لاوباما، الذي انتخب لولاية اخرى، ان يتصرف مع اسرائيل دون آثار – واذا واصل نتنياهو توسيع المستوطنات وواصل الادعاء بان “لا شريك”، فانه سيصطدم بنهج امريكي أكثر تصلبا .
يحتمل أن يكون في خفاء قلبه، كان اوباما يوده ان يتصرف هكذا مع بنيامين نتنياهو. ولكنه ليس مواطنا خاصا، وهذه ليست قضيته الشخصية. فهو يقف على رأس قوة عظمى ولا يحتاج الى اخفاقات دبلوماسية زائدة. والحقيقة هي أن ليس لاوباما صيغة سحرية لفرض سلام اسرائيلي – فلسطيني وانهاء الاحتلال. محاولته التوسط بين نتنياهو ومحمود عباس والفرض على اسرائيل تجميد البناء في المستوطنات تبددت كفقاعة صابون. شيء كبير يجب أن يحصل كي يتحطم الوضع الراهن ويحاول الرئيس مرة اخرى: تحول في الرأي العام الاسرائيلي أو انتفاضة فلسطينية ثالثة.
في ولايته الاولى ظهر اوباما كمثالي بارد المزاج، يضع جانبا الايديولوجيا. وقد عرف أن نتنياهو متين في كرسيه، وليس له خصوم ذوو وزن. وعليه فقد اضطر الى العمل معه، رغم عدم الثقة بينهما. هذا الوضع لا يزال لم يتغير، ونتنياهو يبدو أنه المرشح الوحيد لرئاسة الوزراء. لهذا السبب مشكوك أن يحاول اوباما المناورة في الساحة المتلوية هنا والتدخل في الحملة. وماذا سيفعل – سيدعو الى البيت الابيض شيلي يحيموفتش ويئير لبيد، ويناشدهما الا يدخلا الى خيمة نتنياهو بعد الانتخابات؟ ان يدعو المواطنين العرب الى الوقوف في الصناديق بجموعهم، كي يضعفوا كتلة اليمين؟
لنتنياهو واوباما توجد ثلاثة مواضيع هامة تلزمهما بالتنسيق والتفاهم: ايران، مصر وسوريا. اوباما سيكرس الاشهر الاولى من ولايته الثانية للمفاوضات مع ايران، في محاولة للوصول الى تفاهم يجمد البرنامج النووي. واسرائيل ستكون مطالبة بالهدوء وعدم الازعاج. اما نتنياهو بالمقابل، فقد عزز التزامه العلني بمنع السلاح النووي عن ايران بل حتى الخروج الى حرب ضد ايران خلافا للموقف الامريكي. يوجد هنا احتمال كامن للمواجهة بين نتنياهو واوباما ولكن ايضا للصراع المشترك.
في الجبهات الاخرى الوضع اكثر تركيبا وحساسية. اوباما ونتنياهو يتجسسان طريقهما في الحوار مع حكم الاخوان المسلمين في مصر. وهنا مصالحهما متماثلة: الحفاظ على اتفاق السلام الاسرائيلي – المصري وضمان الهدوء في سيناء. ليس سهلا.
بالنسبة لسوريا توجد فوارق هامشية: نتنياهو يؤيد الهدوء الذي في بقاء بشار الاسد بل ولا يستغل الحرب الاهلية السورية لدعاية “العرب يقتلون العرب والعالم يسكت”. اما اوباما فيتحدث ضد الاسد ويفعل القليل. تفاقم الحرب الاهلية في سوريا سيجبره قريبا على ان يتخذ موقفا أكثر وضوحا الى جانب أحد الطرفين ممن سيجعل من الصعب على نتنياهو مواصلة تجاهل الدراما الاجرامية خلف الحدود.
التصدي لايران، مصر وسوريا وخطر الانتفاضة الثالثة في المناطق سيشغل بال نتنياهو واوباما في السنة القريبة القادمة ولن يترك لهما زمنا كثيرا للنزاع بينهما. أما مظاهر الغضب من حملة الانتخابات فيتعين عليها أن تبقى للمذكرات.