ترجمات عبرية

هآرتس – مقال – 8/3/2012 الولايات المتحدة أعطت فمن لا يأخذ

بقلم: اسحق ليئور

تحسب الادارة الاسرائيلية الآن أنها أمْلَت على الادارة الامريكية برنامج عمل جديدا ولا تعلم – أو لا تريد ان تعلم – أنها مجرد لعبة لخدمة مصلحة امريكا في المنطقة.

       ان ما يسمى معسكر السلام التقى بواسطة رئيس الدولة شمعون بيرس، مع براك اوباما، وبعد ذلك فورا التقى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو مع الرئيس الامريكي. حج ممثلا الوصال الاقليمي ليمنحا اوباما طرفي الحبل الذي يفترض ان نشنق أنفسنا به، لا جميعا ولا فورا ولا نحن فقط.

          ذاب “معسكر السلام” كالجليد بعد ان اعتمد طوال سنين على شعارات غريبة مثل “الامريكيون يعارضون المستوطنات”، و”الادارة الامريكية ستبادر الى خطة سلام”، و”اليمين يتحدى صديقتنا الكبرى في الغرب”. كان ذلك برنامجا حزبيا لا أساس له أفضى في نهاية الامر بـ “معسكر السلام” الى موته. لا يمكن ان نتنبأ صبح مساء نبوءات باطلة ثم نستمر في تجنيد الآخرين للنضال. اعتمدت “سلام الآن” وميرتس والعمل على الحشيش المختار وهو “الامريكيون لن يُعطوا”. لكن الامريكيين أعطوا وبوفرة، دولارات وحجارة للقبور.

          نشبت الحروب عن ايمان قوي عند معارضيها بأن الامريكيين كأنما يعارضون، أما الجيش الاسرائيلي الذي ليس هو جيشا امريكيا والعياذ بالله، فانه يخدع الامريكيين، وفي نهاية الامر، بعد القتل الجماعي (في غزة ولبنان) تأتي النهاية السعيدة ويفرض الامريكيون على الطرفين اتفاق سلام، لأن الامريكيين هم شرطي العدل الغربي.

          والآن وقد تلاشى “معسكر السلام”، ويحتاج الشعب من جهة اخرى الى ايمان بسيط أننا نحدد برنامج عملنا، يتوهج مجد نتنياهو. فعلى حسب الفلوكلور الجديد، أملى رئيس الحكومة برنامج العمل الامريكي، وكأن القوة الاسرائيلية لم يبنها الامريكيون من اجل هذا بالضبط، أي لتكون السوط والجزرة للسيطرة في الشرق الاوسط. السوط هو تهديد اسرائيلي مباشر كتهديد ايران، والجزرة هي “انسحاب اسرائيلي” أو “حل شامل” أو “الولايات المتحدة ستكف جماح اسرائيل”. ان أزعر الحي لن يهاجم لأن الولايات المتحدة لن تسمح له.

          هذه بنية تعمل داخلها قوى مختلفة. ان الولايات المتحدة هي ائتلاف مصالح تكون متضاربة احيانا لمؤيدي حروب فظيعة ومعارضيها في الادارة والاقتصاد والسياسة. لكن الولايات المتحدة تتصرف كما تصرفت دائما. ان مبدأ مورغن تاو يُملي الاعتماد على ميزان القوى القائم، في صراعات اقليمية.

          لا يوجد أي شك في ان الولايات المتحدة لم تهتم قط بمصادر الصراع مع الفلسطينيين، بل حاولت ان تكسب من تعزيزه وتأجيجه والنفقة عليه و”ادارة تفاوض” بواسطة الطرف القوي من اجل سيطرة على المنطقة. ولا يوجد مثال أفضل من إفشال الحل الذي اتفقت عليه القوتان العظميان بعد حرب يوم الغفران، من اجل اتفاق جزئي يكفل السيطرة على الفلسطينيين وتعميق الاستيطان.

          ان الدور الاسرائيلي ضمن هذه البنية هو تحديد “برنامج عمل”، والدور الامريكي هو ان تقول “لاسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها”، وان تقول ايضا العكس التام.

          في ضمن هذه البنية توجد بالطبع قيمة كبيرة لـ “المعسكر المعتدل”، لأن الولايات المتحدة تختار لنفسها “المعسكر المعتدل” من الطرف القوي. ومن هنا تأتي زيارة بيرس الذي هو تمثال “معسكر السلام” قبل زيارة نتنياهو بيوم.

          ان دولة اسرائيل تشنق نفسها بهذا الحبل رويدا رويدا. ويعلم جيدا من يحتفل بانتصار “ايران الآن” على “فلسطين الآن” ان هذه “الآن” للصراعات بواسطة القوة المدمرة التي تنفق عليها الولايات المتحدة وترعاها – المستوطنات والجيش – ترمي الى جعلنا بلدا ربما يكون العيش فيه يثير العناية لكنه سيء جدا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى