هآرتس – مقال – 7/3/2012 1949 بدل 1967
بقلم: شاؤول اريئيلي
تأخر حكومة نتنياهو عن اعادة الاراضي المحتلة للفلسطينيين مقابل اتفاق سلام دائم سيُعرض انجازات اسرائيل السياسية منذ 1967 للخطر.
رأى أنصار غوش ايمونيم حرب الايام الستة تحقيقا لمرحلة اخرى من الخلاص، لكن كثيرين آخرين يعتقدون ان هذه الحرب جلبت كارثة على اسرائيل. ويعتقد هؤلاء انه كان للصراع الاسرائيلي الفلسطيني تأثيرات شديدة في صورة اسرائيل العلمانية والديمقراطية. وأنا أرى ان هذا التصور يتجاهل الفرص التي أتاحتها الحرب بسبب الثمار العفنة التي ولدها الاحتلال.
كانت حرب الايام الستة الخط الفاصل في الصراع. فقد بعثت على تغييرات جوهرية ليست هي مشكلات تتطلب حلا فقط وبقيت مفتوحة بعد حرب الاستقلال – الاعتراف والحدود والامن والقدس ومصير اللاجئين – بل أضافت الى اسرائيل ايضا أملاكا تستطيع ان تستبدل بها اتفاقات.
فهي أولا منحت احتلال اسرائيل في حرب الاستقلال شرعية دولية وأزالت “حدود التقسيم” عن برنامج العمل. وفي مقابل هذا، وبعد 44 سنة احتلال ايضا، يرفض المجتمع الدولي ان يمنح ضم متر مربع واحد الى اسرائيل دون اطار اتفاق، الشرعية. أي ان خطوط 1949 هي بديل عن احتلال 1967.
وثانيا، غيرت مصالح الدول العربية في الصراع. لأنه اذا كانت مصالحها حتى تلك الحرب السيطرة على اراض من ارض اسرائيل، فانها تنحصر منذ كانت حرب الايام الستة في اعادة اراضيها التي احتلتها اسرائيل. وقد أفضى هذا التغيير الى اتفاقات السلام مع مصر والاردن، والى سعي سوري الى اتفاق بل الى اقتراح الجامعة العربية اتفاق سلام اقليمي.
وثالثا، غيرت سعة المواجهة السياسية والعسكرية فلم تعد المواجهة بين اسرائيل والدول العربية بل بينها وبين الفلسطينيين. وحظي الفلسطينيون بذلك فقط بعد ان تخلت قيادتهم عن الكفاح المسلح من اجل فلسطين كلها الى كفاح سياسي من اجل جزء منها. وهكذا انشأت من جديد احتمال انشاء دولة فلسطينية في اطار القرار 242، أي ان الدولة ستقوم على 22 في المائة من ارض اسرائيل مقابل الاعتراف باسرائيل.
ورابعا، اضطرت المجتمع اليهودي في اسرائيل الى تحديد ترتيب أولوياته: التقسيم أم ارض اسرائيل الكاملة؟ وأيهما أهم الارض أم الدولة؟ وماذا ستكون صورة النظام في اسرائيل – أديمقراطية أم حكم عرقي لليهود؟ وأيهما يسبق – هل سلطة القانون أم سلطة رجال الدين؟ وكيف يُعامَل أبناء الأقلية العربية – هل مثل طابور خامس أم باعتبارهم مواطني اسرائيل؟.
بعبارة اخرى كانت حرب الايام الستة تحقيقا للتصور الذي بسطه زئيف جابوتنسكي في مقالته “سور الحديد” في 1923: “ان شعبا حيا يوافق على مسائل مصيرية وعظيمة… حينما لا يُرى في سور الحديد صدع واحد، آنذاك فقط تفقد مجموعات متطرفة شعارها “لا ألبتة” سحرها وينتقل التأثير الى المجموعات المعتدلة… آنذاك سيأتينا هؤلاء المعتدلون ومعهم اقتراحات لتنازلات متبادلة… ويستطيع الشعبان ان يتعايشا جنبا الى جنب بسلام”.
يحتاج الشعب اليهودي الى ان يبت ايضا أمر أهو “شعب حي”، يعلم كيف يقترح ويحصل على مصالحات بحسب المعايير التي عرضتها هيلاري كلينتون وبراك اوباما، أو ربما يكون سحر غوش ايمونيم وأشياع “شارة الثمن” لم يزُل حتى الآن في نظره.
كلما أجلت حكومة نتنياهو القرار الحاسم المطلوب على اعادة الملك الأخير الذي أثمرته حرب الايام الستة – يهودا والسامرة – مقابل اتفاق دائم، فانها ستُعرض للخطر الانجازات السياسية المهمة التي كانت لاسرائيل منذ 1967، أعني اتفاقات السلام مع مصر والاردن والحلف الاستراتيجي مع تركيا.