هآرتس – مقال – 7/11/2012 الخاسر الحقيقي هو نتنياهو
بقلم: أوري مسغاف
فوز اوباما بالرئاسة الامريكية مرة اخرى خسارة كبيرة لبنيامين نتنياهو الذي راهن على خسارته.
لن يكون ميت رومني عظيم الخسارة لخسارته المتوقعة جدا في انتخابات الرئاسة. فالحديث بعد كل شيء عن حاكم ولاية يؤيدونه بقدر ما كان مجرد فوزه بالترشح للحزب الجمهوري تهشيما لسقف زجاجي. ويتوقع ان يُتذكر في تاريخ السياسة الامريكية مثل تنبيه الى النظام: فهو المرشح الاول للرئاسة الذي كان مورمونيا معلنا. يؤمن المورمونيون بأسطورة تأسيسية عن الكائنات الغريبة من العالم الخارجي. لم يسلك رومني سلوك كائن من العالم الخارجي في اثناء الحملة الانتخابية، بل انه نجح في ان ينفخ فيها روح الحياة زمنا ما.
الحقيقة هي انه لم يكن له احتمال حقيقي للفوز. وفي لحظات ذروة شعبيته ايضا بعد المواجهة الرئاسية الاولى في دنفر، كان يصعب ان نجد نموذجا احصائيا يخط له فوزا في خريطة الناخبين. وقد وجه اليه نقد شديد بعد ان سُجل في الخفاء وهو يشتكي بمرارة عن الـ 47 في المائة اولئك الذين لن يصوتوا له أبدا، لكن كان شيء ما من جهة احصائية في كلامه. بيد ان رومني خلط بين العلة والنتيجة: ان الامر هو انه ليس لمرشح مثله واسع الثراء ابيض ومحافظ رؤيا يعرضها على جزء كبير جدا من سكان الولايات المتحدة الحاليين. ومع شروط البدء هذه فان رومني ليس الخاسر الأكبر في انتخابات 2012. ان هذا النعت هو من نصيب رئيس دولة آخر هو بنيامين نتنياهو.
لم توجد سابقة ولا مُشابه تاريخي لتدخل نتنياهو السافر في هذه الانتخابات، بل انه لا يوجد مثال من الماضي يقترب من هذا الاجراء المعيب. فلم يوجد رئيس حكومة اسرائيلي تجرأ على تثوير مجلس نواب معارض على رئيس يتولى عمله، ولم يوجد رئيس حكومة اسرائيلي استطاع ان يواجه رئيسا امريكيا وجها لوجه في سنة يتعرض فيها لانتخاب من جديد، ولم يوجد رئيس حكومة اسرائيلي خطر بباله ان يدفع رئيسا كهذا الى الزاوية، ولم يوجد بالطبع رئيس حكومة استضاف في القدس المرشح الذي يحاول ان يُقصي رئيسا يتولى عمله قبل التوجه الى صناديق الاقتراع بأشهر معدودة. ان زيارة رومني لاسرائيل التي عاب في ذروتها هو ومستضيفه المغرور على سياسة اوباما الخارجية ودعيا الى تشديد الخط الامريكي في مواجهة ايران، سيتم تذكرها باعتبارها واقعة تأسيسية تم فيها اجتياز جميع حدود المنطق والخطوط الحمراء.
قامر بنيامين نتنياهو تلك المقامرة المجنونة على ظهور مواطني اسرائيل وعلى حساب مصالحها الاستراتيجية. لكن كان في تلك المقامرة شيء آخر عدا عدم المسؤولية وعدم التهذيب السافرين، فقد كان فيها عيب شديد جدا في التقدير. فقد اعتُبر الرئيس اوباما مرشحا قويا جدا في خلال المعركة الانتخابية كلها. وراوحت احتمالات ان يتم انتخابه مرة ثانية طول الوقت بين كونها محتملة وجيدة جدا. ويُحتاج من اجل الاخلال بالقاعدة المقدسة التي تقول ان رؤساء الوزراء الاسرائيليين يمتنعون عن التدخل في المنافسة الى البيت الابيض في مواجهة مرشح من هذا النوع، يُحتاج الى حماقة متميزة في ظاهر الامر. بيد ان نتنياهو لا يعتبر أحمق. واذا لم يكن أحمق فان التفسير الممكن الوحيد هو ان شخصا ما، ولنفترض انه وكيل مشترك له ولرومني، لم يترك له اختيارا في الحقيقة.
مهما يكن الامر فان هذه المقامرة السيئة التي لا داعي لها انفجرت هذه الليلة في وجهه. وكما يعلم كل مقامر فان المال يُعد على الدرج وعدمه كذلك. عُرف رئيس حكومة اسرائيل بميله الى التجول من غير مال نقد وبقي الآن ايضا مع القليل جدا من الاعتماد.